بقلم: غادة ملك
تخيلوا معي، فتوه وقع في حب فتاه لم تبادله نفس الشعور، أو ما هو أسوأ من ذلك، أن لم تكن مشاعر الفتوه نحو الفتاه مشاعر حب صادقه، بل هو يرغب في امتلاكها لمجرد البلطجة و إستعراض العضلات. لم ينجح الفتوة في إقناع الفتاه بالزواج منه فقام باغتصابها حتى يجبر ذويها على الرضوخ لرغبته. تقف أم العروسة في يوم الزفاف تعد ابنتها للذهاب إلى بيت الزوجية، وبين إمتزاج مشاعر الرغبة في الفرح ومشاعر المرارة العالقة في الحلوق، تنهمر دموع الأم ويتحشرج صوتها وهي تطلق زغرودة تحاول بها أن تزيح ولو قليلاً من روح الكابه المخيمة على المكان.
أتخيل أن دار هذا المشهد في أذهان الملايين من المصريين وهم يتابعون أول خطاب رسمي لأول رئيس للجمهورية المصرية بعد الثورة .. حتى أن بعضهم اعلنها صريحة في كتاباته مستخدماً العبارة الشهيرة "جواز عتريس من فؤادة باطل .. باطل .. باطل ". بصراحة، إن الباطل مهما حاولنا أن نكسيه بطبقات على طبقات من الشرعية يظل باطلاً، تماماً كالقبر الذي لن يفارقه العفن لمجرد أننا أغدقنا عليه جميع أنواع الطلاء والزينة.
وقف السيد مرسي في قاعة من أجمل قاعات جامعة القاهرة، تتابعه أعين العالم وتتسلط عليه كاميرات الفضائيات. وقف محاولاً أن يقنع المصريين بأنه الرئيس و بأن له مقومات الرئيس؛ وبنبرات حاول جاهداً أن تبدو حازمة قوية، تناول موضوعات عدة داعب فيها مشاعر وامال العامة على إختلاف اطيافهم. كما لم يفته أن يغازل بتصريحاته النارية شعوب بلاد أخرى في المنطقة. وفي كل هذا، نسي السيد مرسي ومن كتب له الخطاب أن الكلمات وحدها لا تصنع الشرعية، فقد اكتوى الشعب المصري على مدى العامين الماضيين بقدر هائل من الأكاذيب و الخطاب المزدوج من قبل الإخوان و لم تعد لديهم سعة الصدر لتقبل المزيد.. وها هو السيد مرسي - في دور الرئيس الجديد - ينبري ليعد بحل مشكلات المنطقة قبل أن يبادر بإعادة بناء الدولة المصرية أولاً، ناسيا أو ربما متناسيا أن الشعب المصري لم يعد على إستعداد لدفع فاتورة أخطاء الأخرين، أو بذل الأرواح والموارد هكذا دون مقابل. وقف السيد مرسي يتكلم عن حماية الحريات العامة والخاصة وتفعيل دور المواطنة، في وقت جعل فيه إطلاق صراح عمر عبد الرحمن (الإرهابي المحرض على سرقة أموال أغنياء الأقباط وقتل الكتاب والمفكرين) من أولى اولوياته حتى أن الأمر ما كان من الممكن أن ينتظر لخطاب لاحق. وبسرعة البرق، وكأن لم يكن هذا كافياً، حنث بالقسم الذي أقسم عليه بأن يحترم الدستور والقانون حين أعلن في تحد صارخ لحكم المحكمة الدستورية العليا عن عودة مجلس الشعب المنحل.
لقد قام الإخوان المسلمون بجرائم عديدة في حق الشعب المصري على مدار العقود الماضية، كانت أبشعها (وليست آخرها) هي جريمة إغتصاب الدولة المصرية عنوة وضد إرادة الشعب. ولم يعد الآن باقيا سوى الانتظار لنرى: هل يفيق الشعب ويخوض معركة الحفاظ على هويته ضد الإستعمار الإخواني؟ هل من الممكن أن ينقلب السحر على الساحر فتتحول بلطجة الإخوان إلى أخر مسمار في نعشهم؟