مؤمن سلام
كثيراً ما نؤكد أن أغلب معارضي تطبيع العلاقات مع إسرائيل ينطلقوا من منطلق أيديولوجي ضيق وأن ما يرفعونه من شعارات إنسانية هى مجرد غطاء لأيديولوجياتهم العنصرية الضيقة ويبدو أنهم يعرفون ذلك فراحوا يختبئون خلف شعارات الإنسانية والبرجماتية السياسية، إلا أن كلامهم كثيراً ما يفضحهم، ومن ضمن هذا الكلام قولهم أن موجة التطبيع الحالية بين الدول الناطقة بالعربية وإسرائيل هو تطبيع مجاني أو بمصطلحاتهم "هرولة مجانية".
وهم يقولون بذلك لأنهم ينظرون للتطبيع من منظور أيديولوجي قومي عربي وليس من منظور وطني محلي، فهم يقيمون الأمور وفقاً لمصلحة عروبية مُتوهمة وليس من منظور إنساني ولا وطني ولا سياسي برجماتي.
فهل بالفعل التطبيع المغربي والخليجي والسوداني مع إسرائيل تطبيع مجاني؟ أى لم تستفد منه هذه الدول على المستوى الوطني ولم تُحقق أى مصالح أو تتلقى أى ثمن مقابل هذا التطبيع؟
سنرد على هذا السؤال بالتعرف على ما حصلت عليه هذه الدول بشكل فوري وآني ولن نخوض في الفوائد الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية والثقافية التي قد تأتي وقد لا تأتي في المستقبل بحسب السلوك السياسي للطرفين.
1- المغرب
حصل المغرب على اعتراف أمريكا بسيادتها على الصحراء الغربية، وهو إعتراف غالي وثمين يقوي موقف المغرب في المؤسسات الدولية التي تضع الصحراء الغربية ضمن المناطق المتنازع عليها، بحيث يقوي مركز المغرب كى تنتهي المشكلة لصالحها. كما أن هذا الإعتراف يُمثل صفعة على وجه النظام الجزائري الذي يدعم جبهة البوليساريو في مواجهة النظام المغربي، ولعل هذا ما جعل رد فعل الحكومة الجزائرية على التطبيع المغربي – الإسرائيلي أقوى وأعنف من أى رد فعل.
2- السودان
قامت الولايات المتحدة برفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، والتي وُضعت فيها بفعل سياسات الرئيس السابق الجنرال الإخواني عمر البشير. ما يعني عودة السودان إلى التعاون مع المؤسسات الاقتصادية العالمية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي خاصة مع تدهور الوضوع الإقتصادي السوداني.
3- الخليج
في ظل الصراع الإقليمي المُشتعل على أشده في المنطقة بين محور قطر – تركيا – إيران (المحور الإخواني) في مواجهة محور السعودية – الإمارات، وجدت هذه الدول في إسرائيل حليف قوي في مواجهة إيران وتركيا ويستطيع أن يُعدل ميزان القوى المختل لصالح المحور الإخواني. ولعل في موافقة ترامب على توريد طائرات أف 35 المتطور للإمارات في الوقت الذي تم حظر المشتريات المستقبلية من قبل الولايات المتحدة مع إلغاء لتوريدها إلى تركيا، ما يؤكد هذا.
هذه المكاسب الفورية للدول التى طبعت العلاقات مع إسرائيل مؤخراً، فأين هو التطبيع والهرولة المجانية؟