بقلم / نجيب محفوظ نجيب .
هورجل في الخمسينات من العمر ... شعره قصير مُجعد ... قصير القامة ... يرتدى دائماً طاقية يُزين مقدمتها خرزة إما حمراء أو خضراء ... لون هذه الخرزة يرجع إلى حالته النفسية ... فإذا كان سعيداً وراضياً تكون خضراء ... وإذا كان حزيناً ومهموماً تكون حمراء ... وعندما تكون الخرزة حمراء هذا يعنى أنه لايريد أن يتحدث مع أحد ...
إنه الفنان الذى يخاف منه بعض الناس إذ يظنونه مجنوناً ... فلا يقتربون مِنه أو يتحدثون إليه خوفاً من أية ردة فعل قد لا يتوقعونها منه ...
يعيش ويتنفس فن ... يرسم ويرسم و يرسم ... دون ان يلتفت إلى سخرية أو إستهزاء ...
أقتربت منه فأحببته وعرفت إنه لم يتعلم القراءة ... ولكنه كان دائماً يرى الحياة كتاباً مفتوحاً يُجيد فن قراءته ... أحبها وعاشها عندما كانت تبتسم في وجهه ... وتعايش معها ولم يكرهها عندما كانت تعبث في وجهه ..
.
سألته يوماً: لماذاهذا الإصرار على الاستمرارفي الفن.. ونحن نعيش في بلدٍ لا يشعر بالجمال ولا يعرف له معنىّ!
أجابني: قد يظلمني الناس ولكنى أثق أن التاريخ سوف يمنحنى حقى ... فأنا أرسم لكى أعيش وأبقى ويتذكرنى التاريخ عندما أمضى ... عندئذ أدركت أن الفنان إنسان يُحب الخلود مثلما يُحب الحياة ...