سحر الجعارة
مثل فراشة رقيقة تطوف لتجمع رحيق الزهور: (كلمة، ولقطة، وأغنية، ورقصة)، ثم تضمها برؤية حادة الذكاء فى مقطع فريد لفن التزلج على الجليد Figure skating.. كنت أشعر بدفء أنفاسها، بأنها تمنح كل لوحة فنية نفحة من روحها وقطعة من قلبها لتدهشنا وتبهرنا.. وقررت أن أقترب منها بعد عشرات الفيديوهات المبهرة.. إنها «مها النجار»، شابة مصرية فى الثلاثين من عمرها مولودة فى إسبانيا من من أم إسبانية وأب مصرى، كانت ترقص الباليه واعتزلت فى سن 17 سنة.. تصف حياة الباليه بأنها أشبه بالحياة العسكرية، صعبة وقاتلة ليس فيها أى عاطفة.. وتقول فى عيد الأم: قررت أن أقدم لأمى فيديو هدية.. ثم بعدها قررت عمل فيديوهات.. فلم أكن أفكر وقتها فى المونتاج، فكرت فى عالم الجليد الذى لا يعرفه أحد فى العرب، لطبيعة الجو، كنت أود أن يتعرف الناس على هذا الفن.. ولكن لأن الموسيقى تذوّق مثل الاكل والشرب من الطفولة فمهما كان جمال الرقصات مع اختلاف الموسيقى لن يحبها أحد.. فقررت أن أمزج الموسيقى العربية بالباليه.
وبحماس متدفق تشرح قائلة: الباتيناج لعبة الموت أكثر من الباليه، لو أى خطأ ممكن تذبح أو تجرح من يرقص أمامه وسبق أن نشرت فيديوهات لهذه الحوادث.
(تعليم الباتيناج يبدأ قبل المشى على الأرض بيكون المشى على الجليد من الطفولة.. احتراف الباتيناج مع الجرى وشيل سيدة فوق 45. كلج، يحتاج لتدريب أبطال الباتيناج على رفع الحديد والجرى كل يوم خمسة كم.. لأنه لو البطل بيلف ممكن أن تقع البطلة من شدة اللف، فإن وقعت على رأسها قد تتعرض للموت، أو لخبطة قوية وكسور).. وتضيف «النجار»: أنا قدمت فيديو «موت راقصة على الثلج».. عمومًا روسيا متقدمة جدًا فى علاج الكسور.
تعبر «مها» عن عشقها لهذا الفن: (كنت عايزه الناس تعرف الفن ده، فكنت أول من قدم هذه الفيديوهات.. صحيح أن البعض قلدها لكنهم بيعملوها «قص ولصق».. بدون مزج الحركة بالموسيقى بدقة).
بحماس شديد تتدفق «مها» فى حديثها عن بداية هذا الفن على يد الفنانة «نيللى مظلوم» أشهر راقصات الباليه بالسينما المصرية، وعن واحد من أهم مؤسسى هذا الفن فى مصر والعالم، الفنان «فاروق عثمان»، وهو مدرب باتيناج وباليه وفنون شعبية بالبيت الفنى للفنون الشعبية فرق مسرح البالون.
«عثمان» أول راقص باتيناح فى مصر وفى الوطن العربى، تدرب وهو طفل على يد «نيللى مظلوم».. وقام بعمل أكثر من صالة باتيناج فى أكثر من بلد عربى، ودرب «محمد صبحى» فى إحدى مسرحياته كما درب عددًا من الفنانين فى أعمالهم الفنية.
العالم كله يهتم بفن التزلج الفنى على الجليد كنوع من أنواع الرياضة الشتوية وهى إحدى المسابقات الرئيسية فى الألعاب الأولمبية الشتوية وفيها يؤدى المتسابقون حركات متناسقة أداءً فنِّيًّا فُرادى أو ثُنائى أو بمجاميع. فتنظم مسابقات التزلج على جليد فى ساحات مسقوفة على الأغلب ويكون أداء الحركات مصحوبًا بمقطوعات موسيقية من اختيار المتسابقين فى بعض الأحيان وأحيانا أخرى تفرضها لجنة الإشراف والتحكيم.. كما تُنظَّم سنويا بطولة العالم للتزلج الفنى على الجليد فى مدينة كالگرى Calgary فى كندا.. لكننا نترك نجومنا نهبًا للنسيان ونسحب منهم الأضواء حتى يضيع هذا الفن ويندثر!.
وحدها «النجار» تفتش فى التراث المصرى لتعيد تقديم تراثنا الفنى بالكامل بصورة عصرية حديثة.. إنها موهبة شابة تدعو للفخر، تغزل أيامها على إيقاع خاص لتكون مثلا 100 سنة سينما «رقصة».. إنها تختار كلمات أغنياتها بذكاء حاد، وتلتقط أروع الرقصات الشهيرة لتقدم لنا هذا المزيج المبهر من فن «المونتاج».. فى لحظات ستجد شريط عمرك يتراقص أمامك على أنغام «أعز الناس».. وفى لحظة أخرى قد تنهض من انكسارك، أو تعبر عن حنينك وأنت تعيش «العيون السود» نابضة بالحياة.
«مها» موهبة جبارة كنت أتمنى أن تكون «محترفة».. لكنها وأنا معها نتمنى تكريم الفنان الرائد «فاروق عثمان».. ليبقى هذا الفن فى ذاكرتنا الفنية.
نقلا عن المصرى اليوم