اشرف راضي
الفارق بين مجتمع وآخر يتضح من خلال سلوك نخبته المثقفة.. ففي جميع المجتمعات، يميل العامة لتبني تفسيرات بسيطة أو ربما ساذجة للأحداث، ويميلون للفكر الأسطوري، وهم موجهون غالبا بمشاعرهم وأهواءهم ويتأثرون بما تبثه المنابر الدعائية في عقولهم. فالفارق بين مجتمع وآخر هو في مدى تطور نخبته وكيفية تعاملها مع الجمهور.. في المجتمعات الشمولية والفاشية النخبة تعرف جيدا تميل للتلاعب بالجمهور وإبقائه على حالة الجهل التي هو عليها وتستثمرها. في المجتمعات الديمقراطية والمفتوحة التي مرت بتجربة التنوير العام تسعى النخب إلى تصحيح مفاهيم الجمهور وتصوراته وتتيح له كل الآراء والأفكار وتتيح له فرصة للاختيار بما يتفق مع مصالحه أولا.. فالسياسة هي في المقام الأول إدارة لتعارض المصالح وتناقضها.. إن الفصل بين السياسة والمصلحة لصالح الأيديولوجية هو جذر المشكلة..
النخب بحكم موقعها هي التي تقود الجمهور، فهي إما تقود الجمهور نحو التنوير والتحرر والانفتاح على العالم ومواكبة العصر والتطلع للمستقبل وتمكنه من الدفاع عن مصالحه، وإما تقوده نحو الانغلاق والانكفاء وتدفعه إلى سجن ماض لن يعود.. فالنخب إما أن تكون مستنيرة وتقدمية وتعمل من أجل المستقبل وأجيال ستأتي، وإما أن تكون محافظة ورجعية وتدفع جمهورها لحالة من حالات الانفصال عن العصر وتحولاته بداعي الخصوصية الثقافية وتنشر بين الجمهور حالة من الرهاب الجماعي المعادي لكل ما هو مختلف.