Oliver كتبها
مقدمة
التجسد الإلهى سر تظل جميع الأجيال تنتفع منه تجد فيه خلاصها.تفهمه بالروح القدس و تتأكد منه بالكتاب المقدس .تجد له توثيقاً فى التاريخ و كتب الشعوب و تاريخ الأمم.تجد تفسيرات له بالعظات و الأبحاث و التسابيح و الأيقونات.و تجد له ايضاً خيال مقدس يصور الأحداث ممزوجة بأسلوب روائى يذهب أبعد مما تذهب إليه العظات.لنتعلم المسيح بكل أدوات لغة الروح.فيترسخ يقيننا بتجسد الكلمة.
-هذه الرواية مجموعة مقالات تجمع بعضاً من أهم شهود الميلاد الإلهي.من فوق السموات إلى فوق القش.من مولود من الآب قبل كل الدهور إلى مولود من إمرأة تحت الناموس. كل مقال يستضيف شخصية فى أسلوب قصصى ليقدم لنا دورها مع خلفية علمية تاريخية للأحداث.لنتابع هذه السلسلة حتى تكتمل الرواية و تصل إلى أهم مشاهدها الرب يسوع المولود مخلصاً فى مزود.
الفصل الأول
- يوسف هذا الشيخ الوقور يأخذ إمرأته قرب ايام ولادتها .كان المسيح يسبق خطواته كلما نظر إلى بطن البتول تمتد قدامها فيحن إلى أن يقدم إعتذاراً فى قلبه عن اللحظة التى شك فى أمر حبلها المقدس.يطوف بخاطره الحلم المقدس و الصوت الإلهى القائل له لا تخف أن تأخذ مريم إمرأتك لأن الذى حبل به فيها هو من الروح القدس.تنتبه جميع حواسه.تنفتح إلى عالم الأبدية .إسم المولود يسوع يجذب يوسف نحو التفكير فى الخلاص.هذا الرجل أول رجل يدرك بالعيان و الإيمان معاً عظمة الإله المتجسد. كلما غفلت عيناه يصحو من نومه الجسدى و الروحى معاً.تستيقظ فيه أفكار الإلهيات بغير حدود.يقرع صدره فى أحد زوايا البيت.أانا مستحق أن أكون أباً للإبن المولود بالروح القدس؟ كان أحياناً يجلس فى زاوية و يبكى خاشعاَ.
- كان الحلم المقدس مختصراً لكنه صار فتح باب الأسرار ليصيربداية لحديث يومى مع العذراء تحكي له تفاصيل لم يعرفها.كانت العذراء أم للشيخ فى الروحيات و أم لله فى أعظم عجائب الحياة.كلما سمع من العذراء شيئاً إستنار أكثر فأكثر.صار الفقير فى الأرضيات أغنى من أغنى الناس فى الروحيات.و سؤال لا يفارق قلبه.كيف وهبتنى هذه العطية أنا غير المستحق يا الله؟ كان قصده عطية العذراء له ثم الأعظم عطية الله لخطيبته كي يصير هو حسب الشريعة أب المسيح.كان دوره سبب حياة العذراء فلولاه لرجموا العذراء حين حبلت لكن وجودها تحت كنف يوسف منع رجمها لكنه لم يوقف تشكيك الناس و تعييراتهم.
-يوسف البار رجل بلا أملاك .لم يرث أرضاً من أبيه الجسدى يعقوب و لا من أبيه حسب الشريعة هالى. مات هالى دون نسل فتزوج عمه يعقوب بوالدته و أنجبه فهو إبن لعمه يعقوب بحسب الجسد و إبن لهالى بحسب الشريعة.من سبط يهوذا كخطيبته الجميلة.هو من نسل سليمان إبن داود.و خطيبته العذراء من نسل ناثان إبن داود.فكلاهما أولاد داود و إبنهما يسوع إبن داود.
- علا صياح الجنود الرومان و هم يطوفون كل القرى و المزارع و الجبال بالأبواق ليخبروا الشعب بضرورة الذهاب للإكتتاب.يتساءل الناس عن السبب فالوقت ليس وقت حصاد كى ندفع الضريبة.بعض الجنود يجيبون الناس إن الأهم فى إكتتاب هذه المرة هو ضريبة التصويت فى المقاطعات.لذلك يجب على الجميع أن يعود مسقط رأسه ليتم التحقق من أهليته للتصويت عند إنتخاب الولاة.كانت روما أعظم ما أنجب التاريخ فى علم التشريعات المدنية.وجد القيصر أن أصوات الفقراء تضره.لذلك فرض ضريبة التصويت على الفقراء كى يحجم تأثيرهم فى إختيارات روما..كانت خطة ذكية للتخلص من الفقراء عند التصويت لكن يبقي عليهم أن يدفعوا ضريبة الدخل و هى العشر من أملاكه.فبدأ جامعو الضرائب يسمون بالعشارين.
- بوداعة أخذ النجار عذراءه و فى بطنها خضع المسيح لأمر القيصر و هو جنين.غادرالناصرة لتتم نبوات الروح القدس عن موطن ولادته.لم تكن الأحداث مقصودة هكذا من يوسف البار لكنها من الله مُرتبة.
- يوسف يستمع للجنود مطمئناً فهو ليس فلاحاً يسعفه الحصاد فى دفع ضرائبه التي يتصارع العشارون على سلبه من خلالها.بل هو يقايض أعماله ببضع أرغفة و بعض محاصيل. يعيش بقوت يومه لا يفكر فى الغد بل فى العذراء و جنينها العجيب.أجبره الأمر الحازم من السلطات أن يكتتب مثله مثل الباقين.أخذ يوسف عصاه التى لم تفارقه.عليها إستقرت الحمامة دون الشيوخ الآخرين فإختاروه خطيباً للعذراء.الآن إستقرت الحمامة الحسنة فى بيته و قلبه بغير إفتراق.ليس لديه أهم من العذراء فحمل عصاه و أخذها مشفقاً عليها من صعود الجبال إذ قرب زمان ولادتها لكن زجْرْ الجنود للشعب أجبرهم على تجنب الأعذار و طاعة الأمر بلا تأخيركأن ملء الزمان يزحزح الزمان من موضعه.حمل.يوسف المولود فى قلبه وحملت العذراء المولود فى كل شيء فيها و سارا معاً.ما أن خرجا قرب بيوت العشيرة حتى لاحظتهما سالومى.إبنة خالة العذراء و هى تعمل داية كممرضات ذاك الزمان.كانت تنتظر مولود إبنة خالتها و هى علمت بالمعجزة الفائقة لهذا الجمل الإلهى تريد أن تشهد الميلاد العجيب و تساعد العذراء .رافقتهما سالومى و فى صمت تجاوزا السنديان .
- ناصرة الجليل فيها تجسد المسيح فى بطن العذراء لكن المكتوب أنه يولد فى بيت لحم.هنا ولد داود و عاش و هنا يولد يسوع إبن داود أيضاً.صارت خطوات الشيخ تصطحب البتول.كل خطوة تأخذ المسيح خارجاً عن الناصرة حتى قيل عنها أمن الناصرة يخرج شيء صالح.جبال الجليل تلوح فى الأفق.من خلفها يتجه نحو اليهودية حيث يعود كل سبط إلى مكانه عشرون كيلومتر تفصلهم عن يت لحم التى إضطروا الذهاب إليها لأن السكنى فى اليهودية باهظ التكلفة لا سيما وقت مواسم الحج.حين يكتظ الهيكل بالحجاج تمتلأ الفنادق جميعها فيذهب الفقراء إلى المناطق الأبعد كي يجدوا موضعا للسكنى.لذلك ذهب يوسف و العذراء بيت لحم.هو بيت جدهما داود.قد يتاح فيها مكان أرخص من فنادق اليهودية.أعرف أن الثمن مهما رخص فأموال يوسف قاصرة.لكن بإيمانه بالمولود العجيب سار و فى قلبه شيئاً لا يمكن تفسيره.يقرأه فى عينى العذراء.تحط خطواتهم من جبل إلى جبل.حتى إنحدرا قرب بيت لحم بسلام.