بقلم / نجيب محفوظ نجيب .
كان الهدوء يُسيطر ... فالكل يسبح في سبات عميق ... أما هي فكانت تجلس أمام ماكينة الخياطة وفي يديها ثوب تحاول أن تنتهى منه قبل أن يُدركها الصباح ... تقاوم النوم الذى يُداعب أجفانها مرة ... ويتسلل إلى عينيها مرة ... تستجمع تركيزها في تحٍد وإصرار لكى تقهر النعاس ... فلا مفر من أن تستمر مُستيقظة حتى تُكمل عملها...
أدركت أن الفجر قد بدأ يلوح ... وضعت الثوب جانباً أمسكت بالأجبية ... بدأت تُصلى صلاة باكر ... وعندما أنتهت ... أطفأت المصباح الذى كان ينشر النور في أرجاء الغرفة ... وفتحت النافذة ... رفعت عينيها إلى السماء ... أخذت تُتمتم ببعض الكلمات بصوتٍ خافت لايكاد يسمعه إنسانا سوّاها ... كانت تستكمل صلاتها تطلب من المسيح أن يُدبر أمور حياتها.
فهى في حاجة إلى المال من أجل إتمام زواج إبنتها الوحيدة.
ولأنها تثق دائما في رعايته ... سلمت أمورها له.
وعندما أنتهت من طلبتها ... مدّت يديها لكى تمسح الدموع التى أنحدرت فوق خديها ...
أستمر هذا المشهد حتى أقبلت الشمس ... وبدأت تشرق في بطء ... عندئذ عادت مرة أخرى إلى ماكينة الخياطة أملاً فى أن تنتهى من عملها الذى سوف تبيعه وتأتى بثمنه من أجل إسعاد إبنتها.
وعندها أستشعرت دفء الشمس.