القمص أثناسيوس فهمي جورج
انتقل اليوم (رمسيس) شهيد كنيسة العفيفة دميانة الورديان - غرب الإسكندريَّة، لم يمت ضحية لوباء كورونا، لكنه استشهد بوباء الكراهية والإرهاب الدمويّ، ذُبح في وضْح النهار وعلى قارعة الطريق أمام المواطنين جيرانه الذين أوصى بهم رسول الإسلام.. لقد عرفت هذا الشهيد شخصيًّا وقت أن انتدبت لخدمة الكنيسة هناك في التسعينات، وخدمت أمينًا عامًا لمدارس الأحد فيها وعضوًا بمجلس كنيستها ضمن خدام من الرجال الإخوة الأكفاء. لذلك أتعجب لقتل رمسيس -(ومحاولة قتل إخوته)- في محل لقمة عيشهم وبسبب هويتهم الدينيَّة، ضمن اعتداء جماعي متكرر بالسب واللعن والاعتداءات، كعقاب له لأنه مختلف!! ولأنه مستضعف!!! ولأن حياته قد استرخصها القتلة واستباحوها لأسباب لا مجال هنا لنقاشها، لأنها معلومة ومعلنة وقد قُتلت سجالًا وبحثًا وفحصًا. لذلك لابد لنا أن نرجع إلى الجهات التي تستخرج سريعًا تراخيص المجانين والمُختلين والمخابيل، كي توصيهم بعدم التخصص فقط وحصريًّا بانتقاء
المواطنين الأقباط، لأنهم قد حولوا الخد الأيمن والأيسر وقد شبعوا تلطيشًا، ولأننا أيضًا لن ندخر جهدًا حتّى نُعلن الحقّ مثل الظهيرة، ولن نكون شهود زور، في بلد رئيسها يسعى أن يكون العدل فيها أساس الملك.. شاخصون نحو مسيحنا البريء والبار، لأنه الشاهد الصادق والأمين الذي صلب لأجلنا ولأجل خلاصنا، من دون أن يفعل أو يعرف خطيئة، ومن دون أن يكون مستوجب للآلام، فهو يقدم لنا الآن وكلّ أوان الحل لأعقد مشكلة، وأصعب سؤال يسأله أهل وجيران وشعب الورديان، والإجابة عند ربنا وحده المصلوب ، الذي صلب بإرادته وبمشيئته ومسرته، وقد غلب الموت وقام حقًا. فإن كنا سنموت -وحتمًا نحن سنموت- فيالتنا نموت لكي نحيا ونسعد بنصيبنا، لأننا إن عشنا فللربّ نعيش وإن متنا فنحن له، فإن عشنا وإن متنا فللرب نحن.
والذين رأوا شهيد اليوم نحيل الجسد ضعيف البصر ، ورأوا الأسقف الجليل الأنبا إيلاريون يتقدم مسيرة التجنيز ويرافق جثمانه في عربة الدفن، فليرتقوا بالإيمان لان جسد الشهيد الذي فرضت عليه شهادة الدم سيقوم في عدم فساد ، وفي مجد وقوة جسما روحانيا ، فليرتقوا ليروه في شركة كاس مسيحنا القدوس ، وحول عنقه زهر الأبدية كعقد، يطوق مواضع تقطيع السواطير والسنج، وقد ضمته اليدان اللتان جبلتاه وخلقتاه في رحمة وقوة تضبط الكون كلّه، فذلك الخالق الذي جبله هو بعينه الديان الأعلى من كلّ عالي، وهو الذي يلاحظ، وعيناه تخترق أستار الظلام، سيحكم في محكمته التي ليس لها استئناف ولن يشمخ عليه.