سحر الجعارة
حذّر برنامج الأغذية العالمى، عند قبوله جائزة نوبل للسلام فى حفل أقيم عبر الإنترنت بسبب فيروس كورونا المستجد، من «جائحة جوع» ستكون أسوأ من كورونا.
وفاز برنامج الأغذية العالمى، الذى نسق اللوجيستيات الطبية حول العالم أثناء جائحة فيروس كورونا المستجد، بجائزة نوبل للسلام فى أكتوبر.
وقال المدير التنفيذى لبرنامج الأغذية العالمى، ديفيد بيزلى: «بسبب الحروب العديدة والتغير المناخى والاستخدام واسع النطاق للجوع كسلاح سياسى وعسكرى وجائحة عالمية تزيد من خطورة كل ذلك بشكل كبير، يتجه 270 مليون شخص نحو المجاعة».
وتابع قائلاً: «الإخفاق فى تلبية احتياجات هؤلاء سيتسبب فى «جائحة جوع» يتضاءل أمامها أثر كورونا. وكأن هذا ليس سيئاً بما يكفى، هناك 30 مليوناً من هؤلاء يعتمدون علينا كليًا من أجل البقاء».
قد يرى البعض أن هذا مبرر لاتخاذ بعض الدول منهج «سياسة القطيع» بدلاً من الغلق الجزئى أو الكلى لحصار جائحة «كورونا».. ولكن هذا قفز على الحقيقة التى تؤكد تدخل «العامل البشرى» سواء فى اختلاق الحروب لتصفيات عرقية أو دينية ومذهبية، أو فى تكريس «سياسة التجويع» كسلاح سياسى وعسكرى.. هذا بخلاف كل الممارسات السيئة التى يفعلها الإنسان والتى تضر بالبيئة.
أما جائحة كورونا التى أصابت حوالى 65 مليون مواطن حول العالم، فقد ذكرت الأمم المتحدة أن الجائحة والإجراءات التى اتخذتها الدول لاحتوائها والأثر الاقتصادى لذلك دفعت إلى زيادة نسبتها 40 بالمائة فى عدد مَن يحتاجون لمساعدات إنسانية وناشدت لجمع 35 مليار دولار لتمويل المساعدات.
وقال بيزلى: «2021 ستكون حرفياً كارثة بناء على ما نراه حالياً فى هذه المرحلة»، مشيراً إلى أن المجاعة «تدق على أبواب» أكثر من 10 دول.
وعلى العكس من توقعاتنا المتفائلة بإنتاج أكثر من لقاح لفيروس كورونا، اتضح أن اللقاح رسم خطاً فاصلاً بين دول الشمال ودول الجنوب، فبحسب «سكاى نيوز عربية» فالدول الغنية جمعت مخزوناً كبيراً بما يكفى من جرعات اللقاح لتحصين شعوبها 3 مرات تقريباً بحلول نهاية العام المقبل، بانتظار أن تتم الموافقة رسمياً على جميع اللقاحات من قبَل حكوماتها وهيئاتها الصحية.
وتأتى هذه الإحصاءات من منظمة تحالف لقاح الشعب، التى تضم منظمة أوكسفام ومنظمة العفو الدولية، وتم الحصول على الإحصاءات بتحليل الصفقات التى تمت بين الدول و8 شركات رئيسية تنتج اللقاحات.
ومن بين الإحصاءات التى تم التوصل لها، هو أن جميع جرعات لقاح مودرنا المرتقب، تم شراؤها من قبَل دول غنية، كما أن 96 بالمائة من جرعات لقاح فايزر الجديد، تم شراؤها من قبَل الدول الغنية.
وبالنتيجة، تم تأمين 53 بالمائة من جرعات اللقاحات لـ14 بالمائة من سكان العالم فقط، فمثلاً كندا حصلت على جرعات تكفى لتلقيح كل مواطن كندى 5 مرات.
من ناحية أخرى، قال التحالف إن الدول الفقيرة لن تتمكن من تلقيح سوى شخص واحد من كل 10 أشخاص فى العام المقبل.
ومن بين الدول الفقيرة، التى سيصلها العلاج متأخراً، 5 دول سجلت 1.5 مليون إصابة بكورونا حتى الآن، وهى كينيا وميانمار ونيجيريا وباكستان وأوكرانيا.
وحتى وعد لقاح أوكسفورد بتوفير اللقاح بنسبة 64 بالمائة للدول النامية، لن يكون كافياً لتلقيح سكان العالم الثالث.
ومن المرجح أن يتم تلقيح 18 بالمائة فقط من سكان العالم فى 2021.
فى مصر استقبلت وزيرة الصحة، الدكتورة «هالة زايد»، أولى شحنات لقاح فيروس كورونا من إنتاج شركة (سينوفارم) الصينية، بمطار القاهرة الدولى، والقادمة من دولة الإمارات العربية المتحدة، وأوضح الدكتور المتحدث الرسمى للوزارة أن هذا اللقاح أثبت فاعلية بنسبة 86% فى الوقاية من فيروس كورونا المستجد، و99% فى إنتاج الأجسام المضادة للفيروس، و100% فى الوقاية من الوصول للحالات المتوسطة والشديدة.
وفى قلب هذا الماراثون تبرز أسئلة يكاد يكون بعضها بلا أجوبة: هل يكون التطعيم بالمصل إجبارياً.. فماذا عن الدول التى لم تتمكن من الحصول عليه؟.. لمن ستكون أسبقية تعاطى المصل (للمرضى أم الأصحاء للكبار أم الصغار.. إلخ)؟.. هل سنتقبل جميعاً المخاطرة مع وجود «آثار جانبية» ظهرت بالفعل مع لقاح «فايزر» و«بيونتك» فى بريطانيا؟.. كيف سنتعامل مع حرب شركات الأدوية، فمثلاً بعد دقائق من إعلان شركة «مودرنا» عن تطوير لقاح ناجح مضاد لفيروس كورونا المستجد، ظهرت تداعيات الخبر الاقتصادية سريعاً على أسعار النفط والذهب والأسواق.
كيف سنضمن أن «اللقاح أصلى» خاصة بعد الحديث عن وجود عصابات مافيا جاهزة للاستيلاء على «الذهب السائل».. وأخيراً ما الفئة التى تنتمى إليها أنت شخصياً: «المؤيد أم المتشكك أم المتريث»؟.
الواضح أننا جميعاً لا ندرك أن كابوس كورونا مستمر وجائحة الجوع تدق أبواب العالم.. وسوف يبدأ سكان العالم الثالث أخيراً بمطالبة دول العالم المتقدم بتطبيق «حقوق الإنسان».. ونردد ما قاله رئيس قسم العدالة الاقتصادية والاجتماعية فى منظمة العفو الدولية، «ستيفن كوكبيرن»، إن: «الدول الغنية لديها التزامات واضحة فى مجال حقوق الإنسان، ليس فقط بالامتناع عن الأعمال التى قد تضر بالحصول على اللقاحات فى أماكن أخرى، ولكن أيضاً للتعاون وتقديم المساعدة للدول التى تحتاجها».
نقلا عن الوطن