رحلة التطعيم بلقاحات كورونا بدأت.
فى روسيا انطلقت الرحلة ويصطف مواطنوها المطيعون فى طوابير التطعيم، ويؤكد المسئولون بها أن بعض الدول -مثل الهند- تعاقدت معهم لتصنيع اللقاح وتوزيعه على مواطنيها.
وثمة لقاح آخر أنتجته الولايات المتحدة الأمريكية «لقاح فايزر» وتسلمت بريطانيا شحنة منه وتنتوى حكومتها حقن ملايين مواطنيها به بدءاً من الأسبوع المقبل.
الروس يشككون فى قيمة وجدوى اللقاح الأمريكى. والأمريكان يشككون فى اللقاح الروسى. أما مواطنو العالم فحالهم حال.
نسبة لا بأس بها من المواطنين داخل بعض دول العالم ترفض التطعيم باللقاح، وتعتبر الأمر نوعاً من المغامرة التى يجدون أنفسهم فى خوف من خوضها.
فى بريطانيا أثبت أحد استطلاعات الرأى أن نحو نصف البريطانيين يرفضون تناول اللقاح.
وفى السويد يظهر مواطنون يرفضون أيضاً التطعيم باللقاح، وينصح بعضهم بعضاً بذلك خوفاً من تأثيراته عليهم. والحال فى العديد من الدول الأوروبية الأخرى لا تختلف عن ذلك.
ثمة أسباب عديدة تثير القلق لدى الأوروبيين من تناول اللقاح، أولها إحساس بعضهم أن اللقاح تم تطويره على عَجَل، بهدف تجنيب الحكومات اللجوء إلى سياسات الإغلاق، بما لها من تأثيرات سلبية على اقتصادات الدول.
كما مثَّلت الحملات الإعلامية الداعية إلى التطوع للمشاركة فى تجارب اللقاح سبباً آخر لدفع الناس إلى القلق. فى بريطانيا -على سبيل المثال- ركزت الحملات على دعوة المسنِّين من الأقلية السوداء والآسيوية للانضمام للمشاركة فى تجارب لقاح فيروس كورونا المستجد. وقد أعطى هذا التوجه إشارة إلى التشكك فى اللقاح.
سبب ثالث يظهر فى دولة مثل السويد تختزن ذاكرة مواطنيها تجربة سلبية مع موضوع اللقاحات. فقد سبق وواجه بعض من تم تطعيمهم بلقاح إنفلونزا الخنازير مشكلات صحية، أبرزها النوم القهرى، كما أشارت بعض التقارير.
وثمة أسباب أخرى تثير قلق بعض مواطنى العالم من مسألة التلقيح بالفيروس، من بينها ما يشير إليه بعض الخبراء من أن تعاطى اللقاح لا يحمى فى بعض الأحوال من الإصابة بالمرض.
يضاف إلى ذلك تكرار الإصابة بالفيروس كما ظهر فى بعض الحالات. والمفترض أن من أصيب بالفيروس يتمتع بنوع من الحصانة الطبيعية تحميه من الإصابة به مرة ثانية.. فماذا إذا تكررت الإصابة لثلاث مرات فى بعض الأحوال؟.
لعلك تذكر أحاديث بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا، عن «مناعة القطيع» التى ترتكز على فكرة السقوط الحر للفيروس على أى مواطن، ليتحصن الجميع منه بعد فترة من الزمن يكون قد تمدد فيها إلى أكبر نسبة من الناس.. وهى النظرية التى تدحضها مسألة تكرار الإصابة بالفيروس.
فى ظل هذه الأجواء من المتوقع أن تشهد الأسابيع المقبلة صراعات ما بين الحكومات والشعوب خلال حملات التطعيم. وثمة مشاهدات تؤشر إلى أن بعض الحكومات الأوروبية تنوى تطعيم مواطنيها ولو بـ«العافية».. والعافية -كما تعلم- أشكال وألوان.
فى كل الأحوال على الحكومات أن تبذل جهداً فى إقناع الشعوب بجدوى اللقاح، ومستويات الأمان التى يتمتع بها. وعلى الشعوب إذا اطمأنت أن تبادر طواعية إلى التطعيم.
وقضا أخفّ من قضا!.
نقلا عن الوطن