د. مينا ملاك عازر
رغم صعوبة حركته، اتخذ محمود قراراً قاطعاً بالعمل في مهنة كادت أن تندثر، حفظت قدماه طريق مُحرك آلة النول، يضغط عليه بكل ما أوتي من قوة، إيذاناً بالبدء في تشكيل ملامح سجاد يدوي ممتزجة ألوانه بعناية، شاب أحب ما يعمل فأبهر الناظرين إليه، وصفقت له أيدي ذوي الخبرة.
ولد بشلل دماغي أصاب عضلات يده وقدمه بضمور شلل دماغي، ولد به الشاب البالغ من العمر 20 عاماً، أصاب يداه وقدماه بارتعاشة لا تتوقف، ولا علاج لها، لم يسلم منها لسانه الذي يتلعثم، أنامل يده المرتعشة تكاد أن تتعافى حين يُمسك بطرف خيط اختار لونه، يضع بدايته على أوتار من خيوط القطن المشدود على نول خشبي، فينطلق في نسج سجادة تستغرق من وقته ساعات طوال من يومه.
مرة واحد قال له متستناش الوظيفة تجيلك وشوف شغلانة لنفسك، كلمات بدأ بها محمود إسلام ، كاشفاً حكاية نصيحة وجهها له أحد الأشخاص غيرت مسار حياته، بعد أن كان فاقداً للأمل.
قبل عامين انتهى، ابن مركز أوسيم بمحافظة الجيزة، من دراسته للنسيج خلال مرحلة الثانوية الصناعية، أحب المجال رغم صعوبة قدرته على لضم الإبرة في بداية الأمر، ما المانع في أن يحترف مهنة النسيج رغم ظروف إعاقته؟ هكذا ناجى محمود نفسه كثيراً حتى حملته قدماه إلى مكان التقديم للحصول على دبلوم في التنمية الصناعية، يؤهله لفتح مشروع خاص به، خلال وقت قليل حب السجاد اليدوي، وتمكن من الشغل على النول بسهولة.
تحية لمحمود ولمن عاونه، ولمن نصحه، ولمن اهتم به، تحية لمحمود مرة أخرى لأنه قرر تعليم سيدات بلدته تلك الصناعة التي كادت تندثر.