أيمن غالى
في أي نقاش علمي في أي مجال؛ الكلام لازم يكون بأدلة من المصادر التاريخية، والمصادر التاريخية منها: النقوش والكتابات والمخطوطات والعملات والبقايا الأثرية المعمارية وغيرها .. المصدر هو دليل ملموس وهو وثيقة الحدث المعني الكلام عنه ..
والحديث بلا مصادر تسمي مرويات (حدوتة) نستعملها في حفلات السمر وحكاية حواديت للأطفال أو للتسلية، ولا أهمية لها ولا يعتد بها علمياً مهما كان قدر كاتبها ..
طيب أصولنا المصرية كانت إيه ؟ وفين المصادر إللي ممكن تتكلم عن أصول الشعب المصري ؟
فيه علم جديد من علوم التاريخ إسمه (آثار ما قبل التاريخ) يعتمد في الكثير من أطروحاته علي " النقوش الصخرية Art rock" المنحوتة والمكتشفة في الجبال والكهوف والمغاير ..
وأقدم النقوش المكتشفة في أفريقيا في منطقة جنوب شرق الجزائر وجنوب غرب ليبيا ويرجع تاريخها إلي 35000-28000 سنة، وكلها نقوش في مرتفعات تصل إلي 200م فوق سطح البحر بعد الكارثة البيئية التي تعرضت لها أفريقيا بغرق كافة أراضيها من قبل ذلك التاريخ ما عدا مرتفعات المنطقة المذكورة والتي كان بها سكان أصولهم ترجع إلي الإنسان الأول المكتشف في شمال بتسوانا من 200 ألف سنة (بحث تم نشره في مجلة ناشيونال جيوجرافيك في 30 نوفمبر 2019، وسبق وشاركته علي صفحتي حينها) ..
وقتها كانت مصر بلاحياة ..
بدأت الهجرات من المنطقة التي ذكرتها إلي الشرق للتغيرات المناخية ووصلت إلي جنوب غرب مصر من 20 ألف سنة؛ وإستقرت في منطقة وادي الجلف ولدينا في وادي صورة العديد من النقوش الصخرية تعود لهذا التاريخ ..
ومع إستمرار التغيرات المناخية؛ إستمرت الهجرات شرقا حتي وادي النيل من 12,000 سنة ..
تزامن هذا النزوح مع نزوح مجموعات من جنوب مصر ومجموعات من الشمال (منطقة فلسطين وسيناء)، وإنصهرت المجموعات الثلاث في بوتقة أرض مصر وخرج منها شعب له سمات مميزة غير مختلفة بين أفرادها يسمي بالشعب المصري ..
ومع بداية التاريخ مع ظهور الكتابة من 3200 سنة ق.م؛ بدأ المصري في تسجيل نقوشه وكتاباته المرتبطة بمكتشفات النقوش الصخرية كفكرة عبادة الأسد وأصول فكرة تمثال أبو الهول (برأس إنسان وجسم أسد) والمتشابه مع نقوش وادي صورة بوادي الجلف في وجود شكل (جسم إنسان برأس أسد)؛ إختلاف لا يمنع صلة الرمزين ولها شروحاتها برسالة دكتوراة للدكتور خالد سعيد، وزارة الآثار، آثار ما قبل التاريخ.
وإستفاضت المكتشفات من النقوش الصخرية في تتبع الهجرات البشرية وتفسير الكثير من النقوش وعلاقتها بالفكر الديني وغيرها من العادات والأفكار من خلال علم "أنثربولوجيا الإجتماع".
لم تتوقف الهجرات الخارجية لمصر من فجر التاريخ ليومنا هذا؛ مع ملاحظة إنصهار المهاجر في البوتقة المصرية ولم تظهر سمات جسمانية أو لغوية أو غيرها إختلف مع السبيكة التي تكونت من 12000 سنة ..
ولم نري بطول تاريخ مصر كتابات أو نقوش مختلفة عن المصرية إلا من 700 سنة ق.م لمرتزقة إغريق وغيرها من النقوش الكارية (شعوب من أسيا الصغري).
وبداية من العصر البطلمي؛ وجدنا التمييز بين الشعبين الإغريقي والمصري في العديد من الوثائق الديموطيقية وعدم إختلاط الشعبين لتعالي كل منهم علي الآخر، وفي العصر الروماني إستمر الحال في عدم تزاوج الرومان بالمصريين (قبل منشور كراكلا في 212م)؛ لعدم تمتع مولود الزواج المختلط بالجنسية الرومانية وخضوعه للضرائب ككافة المصريين وحرمانه من إمتيازات أصحاب الجنسية الرومانية ..
وفي العصر المسيحي وبعد الإنشقاق الكنسي في مجمع خلقيدونيا في نهاية القرن الخامس؛ رفض الأقباط التزاوج مع أتباع الكنيسة الملكانية وغيرها من مختلفي العقيدة وحتي اليوم؛ مما يؤكد نقاء الجنس المصري، وهذا ما أوضحته الدراسة الأنثربولوجية الوحيدة التي تمت علي المصريين علي يد علماء الحملة الفرنسية (كتاب وصف مصر)، وتأكيدهم علي التطابق التام بين جماجم الأقباط وجماجم المصريين القدماء ..
وحتي وإن كان هناك إختلاط بين مهاجرين ومصريين؛ فالجينات الغريبة (مذاب) تذوب في الأغلبية (المذيب)، وحسب ديموغرافيا السكان بمصر عبر التاريخ؛ كان عددهم بالملايين؛ فكيف تؤثر في جيناتهم - من لون وصفات جسمانية - بضعة مئات أو حتي آلاف ؟!
من ينادون بعدم نقاوة الجنس المصري وكون أصولهم زنجية؛ أين مصادركم العلمية ؟ وما تتخيلونه هو بعيد تماما عن العلم ومفترضاته ..
إرجعوا لرسالة د. خالد سعيد، والدراسات المعمولة في مصر في مجال آثار ما قبل التاريخ
الدراسة الانثربولوجية لعلماء الحملة الفرنسية
دراسات أنثربولوجيا الإجتماع
والعديد من الوثائق المصرية من نقوش وكتابات ومومياوات وغيرها.
المقال يمكن إعادة كتابته تباعا مع ذكر تفاصيل وصور للمصار تباعا لأني كتبته في عجالة ومن الذاكرة حسب طلب بعض الأصدقاء، ومن حق أي صديق نسخه وكتابته بإسمه دون الإشارة لي لو حب كده، فلا حقوق ملكية لكتاباتي.