د. مينا ملاك عازر
أحدثكم اليوم عن ممر جبلي يقع بحكم الواقع في منطقة كاشتاج في جمهورية أرتساخ، أما بحكم القانون فيقع داخل منطقة لاتشين في أذربيجان، يشكّل هذا الممر، الذي يبلغ عرضه خمس كيلومترات فقط، أقصر طريق بين أرمينيا و ناغورني قره باغ أرتساخ.
أصبح الممر خلال حرب من عام 1988 إلى عام 1994، تحت سيطرة جيش الدفاع في أرتساخ، كما أصبح مؤخراً الرابط الوحيد بين أرمينيا وناغورني قره باغ في أعقاب نزاع مرتفعات قره باغ، هذا العام الذي انتهى بهدنة بوساطة روسية ولضمان النقل الآمن للأشخاص والبضائع، سيتم بموجب اتفاقية الهدنة نشر قوات حفظ السلام الروسيّة في الممر لفترة أوليّة مدتها 5 سنوات.
ويتضح مما تقدم كيف كان الممر هام بالنسبة للطرفين الأرميني والأذربيجاني، ولعلك تتابع أخبار إخلاء قوات حفظ السلام الروسية الممر من الألغام، وهنا أتمنى أن أنبه سيادتك لخبر هام تناقلته صحف العالم، أن تركيا هددت القوات الروسية من قبل بالقصف لو تدخلت لمنع القوات الأذربيجانية من الدخول للممر والتقدم في الحرب، والآن من سيطر على الموقف وعلى الممر وأصبح راعي للسلام هي القوات الروسية وسط صمت تركي.
السؤال هنا، من هو الرابح الأرمن أم الأذربيجان؟ الأرمن من المؤكد ليسوا رابحون على الإطلاق، ولكن لا يمكنني أبدا اعتبار الأذربيجانيين رابحين، لأن ذلك ليس صحيح بشكل كامل، ولم يكن لروسيا أن تسمح به لأن أرمينيا كانت حليفة قريبة للروس، وانتبه هنا، لفعل الماضي، كانت ذلك الفعل الذي تسبب في ترك الروس الأرمن ينالوا هذه الهزيمة ليست الكاملة، والذي أيضاً سمح للأذربيجانيين أن ينتصروا انتصاراً ليس كاملاً ولكن بالنسبة للانتصار الغير كامل يمكننا القول وبوضوح أن ثمة سبب آخر جعل النصر غير كامل، وهو أن القوات الآذرية كانت مؤازرة بقوات تركية ومرتزقة سوريين وعرقيات أخرى، لم يكن لروسيا أن تسمح لهذا الهجين العرقي والمدعوم من تركيا أن ينتصر عليها. ومن ثمة، أوصلت الأمر ليكون هزيمة مؤلمة لرئيس الوزراء الأرماني المعادي لروسيا، والذي كان يخطط للفكاك منها، القريب من الغرب، وعمل ثورة برتقالية على غرار نظيرتها في أكرانيا، فأنهت روسيا أحلامه سريعاً، وتخلت عن مجد سلاحها القديم المسلحة به أرمينيا في مقابل كسر صلفه وأحلام الغرب التوسعية.
ولذا أستطيع القول، وأنا مطمئن البال، أن الرابح الحقيقي في الأمر كله، هم وكالعادة مؤخراً، وكما عودنا في ليبيا وسوريا وجورجيا وأوكرانيا والقرم وبلاد غيرها كثيرة، هم الروس الذين يوماً ما كانوا قادمون، والآن قدِموا وباتوا مؤثرين.
المختصر المفيد رحبوا معي بالقوة العظمى روسيا، وانتظروا صدامها مع بايدن.