- خواطر على هامش الانتخابات الرئاسية
- الديمقراطية دي تاعتي أنا
- مصدر لــ"الأقباط متحدون" : شفيق رئيسا للجمهورية بفارق 350 ألف صوت وحالة غضب تنتاب قيادات الجماعة
- الأرقام التي حصل عليها مرشحا الرئاسة و رأي الشعب في الصراع السياسي
- اللواء حمدي بخيت: الصدام بين العسكر والإخوان قادم لا محالة وسنضرب بيد من حديد على من يعبث بأمن مصر
صفحات من التاريخ
بقلم : إيهاب واصف
ماذا لو كان غالبية سكان مصر من المسيحيين وحكموا مصر؟ يرى البعض أن المسيحيين لو حمكوا مصر ستكون واحة العدالة والتقدم والرقى والحرية. لأن الحاكم المسيحى سيحكم بحسب تعاليم ديانته وكتابه المقدس الُمتسم بالسماحة والعدل والمحبة والبذل والعطاء والرحمة والأمانة... إلخ هذه الصفات التى يرجوها الجميع فى مجتمع حضارى متقدم ومواكب للعصر الذى نعيشه. هل هذا حقاً ما ستكون عليه مصر لو حكمها المسيحيين؟ هلم نغوص قليلاً فى تاريخ مصر لنرى صورة لما يمكن أن يحدث فى مصر فى ظل الحكم المسيحى فى عصرنا الحالى. قرب نهاية القرن الرابع الميلادى، وقد إستقرت أحوال المسيحيين بعد قرار الملك قسطنطين بضمان حرية العبادة وتوقف الإضطهاد الذى عانى منه المسيحيين نحو ثلاثة قرون. وزاد عدد المسيحين فى مصر وتقلص عدد الوثنيين وغيرهم من الديانات الأخرى. إكتظت الكنائس بالمصليين وضاقت عليهم. 1- الإستيلاء على معابد الأوثان (389م): البابا ثاوفيلس البطريرك الثالث والعشرون، لما وجد كثرة عدد المسيحيين وتناقص الوثتنيين، خطر له بعد إستشارة أعيان الشعب أن يخاطب الملك ثيودوسيوس لكى يستصدر منه أمراً بتحويل معبد الأصنام المهجورة إلى كنائس. فوهبه الملك جميع هياكل الأوثان ليستولى عليها ويتصرف فيها كما يريد. وأمر والى مصر أيفاجريوس أن يساعده بقوته إن تعرض له أحد. (الملك قسطنطين كان قد أبطل الذبائح الوثنية خصوصاً التى تجرى تحت جنح الظلام لأنها كانت ذبائح بشرية وتعتبر قتل وجنايات فظيعة). بدء البطريرك سنة 391 م بهدم هيكل باخوس (باكوس أو ديونيسيوس) إله الخمر فى الإسكندرية، وبنى مكانه وبأنقاضه كنيسة بإسم الملك ثيودوسيوس. 2- السخرية من مقدسات الغير: بينما كانت أعمال الهدم جارية عثروا على تماثيل قبيحة الشكل، عرضها البابا ثاوفيلس للفرجة إظاهراً لقبح الديانة الوثنية (تماماً ماحدث عندما هدم المسلمون كنيسة أطفيح سنة 2011 وإستهزؤا بمقدسات المسيحيين وأجساد قديسى الكنيسة، وهى عندهم أيضاً وثنية وشِرك بالله). فتهيج لذلك الوثنيون وقد زادهم غضباً علمهم أن الديانة المسيحية ترتفع على أطلال ديانتهم. فإعتصبوا على المسيحيين بقيادة الفيلسوف أوليمبوس وفتكوا بكثيريين منهم وكانوا يقتلون كل من وجدوه فى الشوارع. 3- الملك يحدد من هم الشهداء: إضطر الوالى أن يخاطب الملك عما يفعله تلقاء هذه الحالة. فرد هذا عليه بأن المسيحيين اللذين قتِلوا يعتبرون شهداء ولذلك ينبغى مسامحة قاتليهم من الوثنيين. (فى عصرنا الحالى إعتبرنا من قتِلوا فى ماسبيرو وغيرها شهداء ولكننا لانريد مسامحة قاتليهم ونريد القصاص, أعتقد أن الملك ثيودوسيوس كان أكثر مسيحية وإيماناً ومغفرة من البعض منا اليوم). 4- غضب الأغلبية وثورتهم: لما رأى أهل الإسكندرية المسيحيين ذلك ثارت ثورتهم وأبو مسامحة الأقلية الوثنية، (الجميع إسكندرانية ومصريين) فتحصن الوثنيين فى هيكل سيرابيوم وأخذوا يدافعون عن أنفسهم ويصدون هجمات الجماهير المسيحية العديدة ضدهم. وفى تحصنهم بالهيكل كانوا يخطفون من المسيحيين من يقترب منهم إلى داخل المعبد ويجبرونهم على التبخير لإلههم وتقديم العبادة ومن يرفض كانوا يقتلونه ويقدمونه ذبيحة للإله. (هيكل سيرابيوم كان تحفة معمارية ومن أضخم معابد وأبنية الإسكندرية، بناه بطليموس الأول سنة 300 قبل الميلاد تقريبا للإله المصرى الإغريقى سيرابيس، ويضم معبدين واحد لإيزيس والأخر لسيرابيس. وكان يضم أيضاً مكتبة كبرى). 5- هدم سيرابيوم (تملق الملوك): نصح والى الإسكندرية الوثنيين أن يكفوا عن شرهم (لكنه لم ينصح المسيحيين بعدم مهجمة الوثنيين) لكنهم لم يُذعنوا، مما إضطر القائد أخيراً أن يشهر أمر الملك القاضى بهدم هيكل سيرابيوم. فهربوا وتركوا الهيكل فى جنح الظلام. فلما علم بذلك الوالى والبطريرك أتيا بإحتفال عظيم لكى ينقضا هذا الهيكل. فنقضوا جميع أبنية هذا الهيكل وبنوا فوقها كنيستان. واحدة شيدت فى مكان معبد إيزيس وسميت بإسم الملك هونوريوس والأخرى أقيمت على أطلال معبد سيرابيس وعُرفت بإسم الملك أركاديوس، إبنى الملك ثيودوسيوس.(مثل هدم الكنائس وبناء جوامع محلها) (تمُلق سياسى أن تشيد الكنائس بأسماء الملوك وليس بأسماء القديسين). 6- إضطهاد أقليات غير وثنية: فى سنة 412 م وفى عهد ثيودوسيوس قيصر الصغير، أقيم البابا كيرلس البطريرك الرابع والعشرون خلفاً لخاله البابا ثاوفيلس. بدأ هذا البطريرك جهاده بإضطهاد النوفاسيين أتباع نوفاسيانوس الهرطوقى اللذين كانوا يأبون أن يحلوا الناس من خطاياهم، فناصبهم وأوضح لهم سؤ معتقدهم الذى يجعل الله عديم الرحمة. ولما لم يرعووا عن غييهم ألزمهم بالخروج من المدينة وطرد أسقفهم وجرده من جميع أملاكه ومقتنياته وأخذ منه ذخائره التى كانت تحت يده. (أشبه بما حدث لمسيحيين فى قرى العامرية – إسكندرية سنة 2012، وبعض قرى الصعيد فى وقت سابق، طردوا من منازلهم وبيعت بالبخس للمسلمين). 7- طرد اليهود من الإسكندرية وهدم مجامعهم: كان اليهود يكنون كراهية شديدة للبابا كيرلس، فأشاعوا ذات ليلة أن النار إشتعلت فى كنيسة القديس إسكندر، فإلتزم المؤمنون بناء على هذا الخبر أن يبادروا إليها من كل جهة زاحمين الشوارع كباراً وصغاراً مسرعين لإطفاء النار. فإنتهز اليهود هذه الفرصة وشرعوا يفتكون ويهدرون دماء المسيحيين بقساوة ووحشية. ولما إتضحت جلية الأمر صباحا، قامت قيامة المسيحيين (الأغلبية) وعزموا على الإنتقام من اليهود (لم يعتبروا قتلاهم شهداء ويسامحوا قاتليهم). ولما لم يقدر البابا أن يمنعهم ، تنازل لهم بعد عناء بأن يكتفوا بطردهم من المدينة دون أن يمسوا أحداً بسوء. ثم إندفع المؤمنين متوجهين بعنف وهم غاضبون إلى معابد اليهود وهدموا البعض وإستولوا عليها ومافيها وحولوا البعض الأخر إلى كنائس، ووضعوا فى أحداها رفات القديس جاورجيوس. أما اليهود القتلة فطردوهم من المدينة وسلبوا ممتلكاتهم وأرغموا الباقين على الرحيل بلاشئ على الإطلاق. ولما بلغ الأمر لوالى المدينة أورست، لم يستطع أن يحميهم، بل لام البطريرك على ذلك، فأخبره أنه لولاه لجرت دماء اليهود فى الشوارع كالأنهار. 8- إغتيال العلماء: كانت توجد إمرأة فى الإسكندرية إسمها هيباتيا (هيباسى فى بعض الكتب وهباشا فى كتب أخرى) (350م أو 370م – مارس 415م) إبنة الفيلسوف ثيون عالم الرياضيات فى الإسكندرية (335م – 405م)، فاقت كل فلاسفة عصرها فى العلوم والأداب والرياضيات. تدرجت فى مدرسة أفلاطون والفلسفة الأفلاطونية. إتُهمت بإنشغالها بأعمال السحر والتنجيم وأنها كانت تغرى كثيرين بحيل إبليس، لدرجة أن والى الأسكندرية كان يُجلها، وقد إستمالته بفنها السحرى، فجعلته يكف عن الذهاب إلى الكنيسة. وكان يدفع الكثيرين فى هذا التيار ويستقبل المنجذبين بلطافة. ويوماً كان حاكم الإقليم (أورست) وكل سكان المدينة مجتمعون فى المسرح، حسب تقاليد اليهود المُقيمين فى الأسكندرية، وأراد البابا كيرلس وهو خليفة البابا ثاؤفيلس، أن يعلم لماذا إجتمعوا وعلى أى شئ؟! فأرسل أحد المسيحيين المدعو هيراكس، وهو رجل كفئ ومثقف، وكان مُخلصاً للبطريرك الجليل ويحترم تعاليمه وكلامه، وكان أيضاً متعمقاً فى الديانة المسيحية ساخراً من الوثتيين. هذا لما رآه اليهود فى المسرح صاحوا قائلين: لم يحضر هذا الرجل إلى هنا بنية خالصة بل ليثير الإضطرابات. مما جعل أورست الحاكم، وكان يكره أبناء الكنيسة المقدسة، يأمر بالقبض على هيراكس، ثم أمر بضربه أمام جمهور المسرح، على الرغم أنه لم يقترف ذنباً. ولما علم البابا كيرلس بذلك غضب جداً على هذا الحاكم، وليس فقط بسبب هذا الحادث وحده، بل لإنه قتل راهباً جليلاً من دير بيرنودى يدعى أمونيوس. وعندما أحُيط الحاكم العسكرى بهذا الحادث، خاطب اليهود قائلاً "كفوا عن خصومتكم ضد الكنيسة". لكن اليهود لم يعيروا هذا الأمر إلتفاتاً، وأثاروا المذبحة الليلية السابق ذكرها بعد إشاعة حريق الكنيسة. ولما هدأت الثورة بدأ جموع المؤمنين تحت قيادة رجلٌ أسمه بولس، موظفاً عاماً، الذى كان خادماً لربنا يسوع المسيح، فى البحث عن تلك الإمرأة الوثنية، هيباتيا، التى أغرت سكان المدينة وحاكمها بخداعاتها السحرية. فجَروها نحو الكنيسة الكبرى المسماه، سيزاريون، وكان ذلك فى فترة الصوم المقدس. فخلعوا عنها ملابس العظمة وجروها فى شوارع المدينة ليراها كل أحد، حتى ماتت ثم مضوا بها إلى مكان يسمى سينارون حيث أحرقوا جسدها. وإلتف كل جمهور الشعب ثانيةً حول الأب البطريرك كيرلس، حيث أسموه ثيؤفيلس الجديد، لأنه أنقذ المدينة من البقية الأخيرة من الوثنيين. (مثل قتل فرج فودة، ومحاولة إغتيال نجيب محفوظ، وفتوى قتل سلمان راشدى) 9- حرق الكتب: سمع البابا كيرلس بأن يوليانوس الفيلسوف والملك الكافر وضع عشرة كتب ضد الدين المسيحى، وكانت موضوع فخر الشبان الوثنيين، فحاول أن يجمعها ويحرقها. ولما لم يتمكن من ذلك كتب إلى القيصر ثيودوسيوس يستعين به على ذلك فلبى القيصر طلبه وجمع كتب يوليانوس وأبادها. ثم أخذ البطريرك فى الرد على أقوال يوليانوس وطفق يفندها جميعها حتى قضى عليها. الخلاصة: يتضح من التاريخ المصرى، أن الأغلبية القوية دائماً تسحق وتقتل وتطرد الإقلية مهما كانت عقيدتهما، فى القرون الأولى، الأقلية المسيحية كانت مضطهدة من الأغلبية الوثنية. حتى قويت المسيحية وإنتشرت وأصبحت الأغلبية ثم بدأت بإضطهاد الأقليات الوثنية واليهودية فى القرنين الرابع والخامس. ثم حدث إنشقاق الكنائس الأريوسية النى كانت أيضاً مُضطهدة من الكنيسة الأرثوذكسية التى كان الملوك يميلون إليها، حتى مال الملوك إلى الكنيسة الأريوسية التى بدأت بإضطهاد الأرثوذكس بإحتلال كنائسهم أو غلقها وقتلهم إذا لزم الأمر لإجبارهم على إعتناق المذهب الأريوسى. حتى جاء العرب بالإسلام الذى بدأ ينتشر بطرقِ شتى وكان الإضطهاد أولاً من قِبَل الفئة الحاكمة حتى زاذ العدد عبر القرون وأصبح المسلمون أغلبية فأصبح إضطهاداً مجتمعياً. فترى لو إنقلب الميزان الأن وأصبح الأقباط المسيحين أغلبية والحكام أيضاً، كيف سيعاملون الأفليات المسلمة وشهود يهوه وغيرهم فى ضوء ما نراه عبر تاريخنا الطويل؟ وماذا لوكانت هذه الأغلبية أرثوذكسية، كيف ستعامل الأقليات البروتستانتية والإنجيلية وغيرهم؟ تعليق: الكنيسة الأولى وفى القرون الثلاثة الأولى من تاريخها، كان الروح القدس يعمل بها وفيها، وتعتمد فقط على رب المجد يسوع المسيح مؤسسها. فلم نرى من الرسل من طرد أحداً من منزله، أو إستولى على مبنى لأى طائفة وحَوله إلى كنيسة، أو حرق كتاباً يحوى فكراً مغايراً أو معادياً للمسيحية. بل كانت يد الرب تعمل رغم كل ماعانته الكنيسة والمؤمنين من إضطهاد وتعذيب وقتل وتشريد، لكنها كانت تنمو وبسرعة وتنتشر فى كل ربوع العالم. كان ملوك العالم ضد المسيح وكنيسته، لكن رئيسها ومُخلصها حَصنها وحفظها ونماها. حنانيا رجلٌ مُختلس هو وزوجته، لكن بطرس الرسول لم يمد يده إليه بل قال بلسانه فقط " لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس وتختلس من ثمن الحقل؟ فوقع ميتاً وكذلك زوجته، إذ كانت يد الرب عليهما. (أع5). وسيمون الساحر الذى أدهش شعب السامرة، أمن بعد أن أمنَ الشعب لما صدقوا فيلبس وهو يبشر بالأمور المُختصة بملكوت الله وبإسم يسوع المسيح وإعتمدوا (أع 8)، لم يحرق المؤمنين الساحر ليبطلوا سحره. وعتدما قاوم عَليم الساحر، بولس وبرنابا، إنتهره بولس قائلاً هوذا يد الرب عليك فتكون أعمى لاتبصر إلى حين ففى الحال سقط عليه ضباب وظلمة (أع 13) دون أن يمد بولس يده إليه بسوء. أما الجارية التى بها روح عرافة فإنتهره بولس بإسم يسوع المسيح، فخرج منها الروح فى تلك الساعة (أع 16) رغم ماقاساه بولس بعد ذلك ممن كانوا يتكسبون من هذه الروح الشريرة. بل أن بولس لم يحطم تماثيل أرطاميس الإلهة العظيمة ولم ينقض هيكلها، وإنما مجرد كرازته فى أفسس زعزعت أساسات المدينة وإرتجت هياكل الأوثان بها وهاج صناع التماثيل، دون أن يمس بولس أحداً بأصبعه (أع 19). لم يحرق بولس كتباً تحوى تعاليم مناقضة للمسيحية، بل أن كثيرون من الذين أمنوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم، وكان كثيرون من الذين يستعملون السحر يجمعون الكتب ويحرقونها أمام الجميع. هكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة (أع 19). لكن عندما أستراحت الكنيسة والمؤمنين من الإضطهاد وضمَنَ ملوك العالم سلامتها وسلامة أبائها، لم تعد روح الرب تعمل، بدء المسيحين ُينفذون مايرونه صالحاً بأيديهم والأباء يطلبون من مُلوك الأرض القوة والمعونة لهدم الهياكل وطرد السكان من مدنهم وحرق كتب الهراطقة الذين مات المسيح من أجل خلاصهم. إيهاب 14 يونية 2012 مراجع: * "تاريخ الكنيسة القبطية" القس منسى يوحنا – مكتبة المحبة 1983 * "تاريخ العالم القديم ليوحنا النيقيوسى مؤرخ من القرن السابع الميلادى" طباعة القمص بيشوى عبد المسيح وكيل مطرانية دمياط. * Church History (Socrates Scholasticus) which was written about AD 450.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :