كتب – روماني صبري
كتب الأنبا نيقولا أنطونيو، المتحدث الرسمي للروم الأرثوذكس في مصر، رسالة رعوية جديدة بعنوان "الإرتقاء من الأرض إلى السماء"، جاء فيها :
كتب القدّيس إكليمنضُس الإسكندري (القرن الثالث) عن الموت: "الموت هو انفصال النفس عن الجسد". إنه يتكلّم عن الموت الجسدي، انفصال النفس عن الجسد حين يتوقّف القلب عن الخفقان وكذلك التنفس ويبرد الجسد ويتحلل.
أما القديس مكسيموس المعترِف (القرن السابع) فكتب عن الموت: "الموت بمعناه الحقيقي هو الانفصال عن الله". إنه يتكلّم عن الموت الروحي.
فالموت بالمعنى العميق، هو انفصال الإنسان بكلّيته، نفسًا وجسدًا، عن الله. الحياة شِرْكَة مع الله وإذا ما خسرنا هذه الشِرْكَة نموت. في المحصلة، يوجد الكثير من الناس الذين يموتون قبل موتهم. يبدون، خارجيًا وجسديًا أحياءً، لكنّهم داخليًا وروحيّاً أموات. نفوسهم قد ماتت قبل أجسادهم. إنهم جثث حية تتجول في وسطنا ونلتقي بها كل يوم.
الشخص الحق وِحدة غير متجزئة، وحدة جسد ونفس معًا. لأن "الروح هي جسد حي يُرى من الداخل، والجسد هو الظهور الخارجي للروح الحية".
يسوع بكى أمام الموت، لكنه لم يشعر بالرعب من اقتراب الموت. فإذا بكى يسوع فنحن نبكي كذلك، وبولس الرسول لم يمنع عن الحزن، فقط يستنكر الحزن الرافض للإيمان والعادم الرجاء.
نحن نشعر بالحزن أمام موت أحد أحبائنا، لكن هذا الحزن يمكن أن يصير حزنًا يقودنا إلى الفرح. ففي عالم ساقط الموت جزءًا من عناية الله الإلهية المُحِبة. لأن العيش في عالم ساقط إلى الأبد أمر لا يمكن احتماله إطلاقًا، لقد أعطانا الله برحمته طريقًا للنجاة.
فكما صانع الفخار لا يتلف الوعاء الفخاري بل يعيد صنعه وعاء آخر. هكذا هو الموت تفتيت للوعاء كي يتشكل ثانية.
إنه أيضًا ما نقوله في خدمة الجناز: "يا من في القديم من العدم جبلتني، وبصورتك الإلهية أكرمتني، ولما تجاوزت وصيتك أعدتني إلى الأرض التي منها أُخذت. أَعدني إلى مثالك لتتجدد فيَّ صورة الجمال القديم".
فالموت يُرى طريقًا فيه نعود إلى بيتنا الحقيقي، فيه تُعاد صياغتنا. إنه وسيلة عودتنا إلى الله، إنّه لقاء مع المسيح. فالموت صديق إذن