الأقباط متحدون - طهران تريدها دينية..غزل فاضح بين ملالي إيران وقيادات الأخوان
أخر تحديث ٠٣:٣١ | الاربعاء ٢٠ يونيو ٢٠١٢ | ١٣ بؤونة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٩٧ السنة السابعة
إغلاق تصغير

طهران تريدها دينية..غزل فاضح بين ملالي إيران وقيادات الأخوان

                
 بقلم : أحمد لاشين
ahmedlashin@hotmail.co.uk

صرح خطيب الجمعة فى طهران «حجة الإسلام كاظم صديقي» تصريحاً أقل ما يوصف به أنه تدخل سافر فى سيادة الدولة المصرية، فقد دعا المصريين إلى انتخاب مرشح الإخوان، الدكتور محمد مرسى، ب وصفه من سيحقق الصحوة الإسلامية التى دعا إليها الخمينى منذ ثلاثين عامًا، وهى دولة العدل الإلهى، وفى المقابل هاجم الفريق أحمد شفيق باعتباره امتداداً لمشروع مبارك الفاسد، وأنه مدعوم من السعودية التى تقدم له دعماً مادياً وسياسياً.
ومنصب خطيب الجمعة فى المدن الرئيسية كالعاصمة طهران، ليس مجرد منصب دينى، بل هو منصب سياسى بامتياز، يشترط فيمن يشغله أن يكون من الموالين للمرشد الأعلى للثورة «آية الله على خامنئى»، وبالتالى فإن أى تصريحات سواء فى الشأن الداخلى أو الخارجى، إنما تعكس الرؤية السياسية للنظام الإيرانى ككل..


«كما أن "رحيم صفوي" نائب مرشد الثورة الإيرانية للشئون العسكرية صرح أيضا بأن مرسى هو الأقرب إلى الفوز على منافسه العسكرى شفيق، لأن الشعب المصرى متدين بطبيعته، وسوف يختار المرشح الذى يحقق له العدل الدينى، مؤكداً أن هذه كانت رسالة المرشد «آية الله خامنئي» للشعب المصرى فى بدايات نجاح ثورته، حينما خاطبهم باللغة العربية فى خطبة الجمعة، ليدعوهم إلى نصرة دين الله، فالثورة المصرية هى امتداد للثورة الإسلامية فى إيران التى قامت على أكتاف الإمام الخمينى.


لكن الأهم والأخطر هو تصريح «آية الله خامنئى» مرشد الثورة، والمنشور على كل وكالات الأنباء الإيرانية، حيث أكد أنه على الشعب المصرى أن يتخلص من فلول الديكتاتور، لنصرة دين الله، فى إشارة مباشرة إلى تأييده لمرشح الإخوان محمد مرسى.
فللقضية  شق أخر أهم وأخطر، فالنظام الإيرانى يمارس غزلاً سياسيًا فاضحًا لجماعة الإخوان المسلمين، بتأييد مرشحهم محمد مرسى، مما يعكس رغبة إيران الأصيلة فى تصدير الإخوان وكأنهم امتداد لمشروع الدولة الدينية الإيرانية فى مصر، فرغم الاختلاف المذهبى بين سنية الإخوان وشيعية نظام الملالى، فإيران تقدم دعمها الرسمى الكامل للثورة المصرية، ولكن بشرط أن تكون إخوانية إسلامية، تتمثل هيكلية الدولة الدينية الإيرانية، بداية بمرشد يوجه ويقود، وصولاً إلى رئيس لا حول له ولا قوة.


وما يثير التساؤل هو غياب أى رد فعل سلبى لجماعة الإخوان أو لحزبهم الحرية والعدالة أو حتى لمرشحهم الدكتور محمد مرسى، أمام تصريحات الساسة والقيادات فى إيران، وكأنها تصريحات تأتى على الهوى، أو تعبر عن اتفاق مسبق بين الإخوان والنظام الإيرانى. فقد كنا ننتظر أن يخرج أحدهم مندداً أو مستنكراً، لكن الحقيقة جاءت عكسية تماماً، فهناك العديد من اللقاءات والتصريحات التى تؤكد طبيعة العلاقة التاريخية القوية بين الجانبين، وقبل أن ننتقل إلى تصريحات رموز الإخوان، دعونا نلقى نظرة على طبيعة العلاقة بين الإخوان وإيران.
يذكر الباحث والسياسى الإيرانى «عباس خامه يار» والذى عمل كملحق ثقافى لإيران فى بيروت، وترأس تحرير مجلة الوفاق الإيرانية الصادرة بالعربية، فى كتابه (إيران والإخوان المسلمين):»إن الذى يجمع بين كلا الاتجاهين هو الفكر الوحدوى المتجسد فى هدف كلاهما تثبيت الإسلام كنظام للحكم، ونجاح إيران فى تحقيق الهدف وسعى الإخوان لذلك».


المفاجأة أن آية الله الخمينى، المرشد الأول للثورة الإيرانية، كان متبنياً لفكر سيد قطب وحسن البنا، بل إنه اعتبر أن فكرة الحاكمية لله التى أطلقها سيد قطب فى كتاباته، هى المرشد والدليل له فى فكره وفلسفته التى أنشأ الدولة الإيرانية على أساسها، وقام بترجمة العديد من أفكار قطب إلى اللغة الفارسية، لتدريسها ونشرها بين طلابه ومريديه، كما كان يعتبر حسن البنا مجدداً فى الفكر الدينى خاصة فى تطبيقاته الحركية التى تنتهى بفكرة الدولة الإسلامية، بل إن لقب المرشد الذى أضافه الخمينى لنفسه بعد نجاح الثورة فى إيران، كان تقليداً لنفس اللقب الذى كان يستخدمه البنا..
حسن البنا ذاته كان من الداعين للتقريب بين المذاهب، خاصة بين السنة والشيعة، فالإطار الفكرى للإخوان لا يعادى التشيع كما تعاديه التيارات السلفية أو الوهابية، بل بالعكس شارك البنا فى تأسيس لجنة التقريب بين المذاهب التى ما زالت قائمة إلى الآن، ولها فرعان فقط فى مصر وإيران، ولنا فى تصريح « مهدى عاكف» مرشد الاخوان السابق خير دليل على تبنى الإخوان منهجية توافقية مع الشيعة، فحينما سئل عن رأيه فى نشر التشيع فى العالم العربى، ودور إيران فى ذلك، أجاب أنه لا يخشى نشر التشيع، بل لا يرى فيه أى ضرر.


هناك إذن سياق تاريخى وفكرى وسياسى يجمع بين الجانبين بقوة، يضع الإخوان فى مكانة متميزة لدى القادة الإيرانيين، لدرجة تأسيس مكتب خاص للإخوان فى إيران، تحت مسمى « جماعة الدعوة والإصلاح»، ومقرها فى إقليم كردستان فى إيران، والذى أُسس منذ قيام الثورة الإيرانية، وعلى اتصال دائم بمرشد الجماعة فى مصر، خاصة فى هذه المرحلة الحرجة من تاريخ مصر بعد الثورة.


هناك كذلك ملاحظة لفتت انتباهى، وهى علاقة الشيعة المصريين بالإخوان المسلمين، فأغلب رموز التشيع المصرى الذين تبنوا المذهب الشيعى فى مرحلة متأخرة من حياتهم، لهم جذور إخوانية أصيلة، مثل أحمد راسم النفيس الذى كان ينتمى للإخوان المسلمين حتى عام 1985، واختار التشيع انبهاراً بالنموذج الإيرانى كما صرح هو عن نفسه، وكذلك صالح الوردانى ذو الأصول الإخوانية، ثم انتمى لجماعة الجهاد، ثم أعلن تشيعه بعد قيام الثورة الإيرانية، وكذلك المستشار الدمرداش العقالى، الذى اعتنق التشيع بعد أن كان مستشاراً فى السلك القضائى، ووصل إلى منصب مستشار قانونى فى رئاسة الجمهورية، ثم مستشار للملك فهد، ثم وفى سياق متناقض، أعلن تشيعه عام 1995.


فمنذ قيام ثورة يناير، ونحن أمام محاولات إيرانية دءوبة وقوية، لسحب بساط الثورة المصرية من إطارها المدنى أو الاجتماعى بشكل عام، إلى الزاوية الإسلامية، لدرجة أن مرشد الثورة الإيرانية خامنئى، أعلن فى بداية الثورة المصرية فى خطبة شهيرة، أن ما حدث فى مصر هو بداية الدولة الدينية فى المجتمع المصرى.


ورغم أن ردة فعل الإخوان المسلمين كانت سلبية على تلك التصريحات فى بدايتها فى محاولة لنفى أى سمة استحواذية يخطط لها الإخوان، إلا أنهم وبعد فترة لا تتعدى الشهرين قادوا وفداً شعبياً كبيراً ممثلاً فيه مختلف القيادات الإخوانية ورموز الحركة الصوفية فى مصر، وذهبوا بهم إلى إيران، ليستمع قيادات الجماعة هناك إلى كل تصريحات الساسة الإيرانيين عن إسلامية الثورة المصرية، دون أن يُظهروا أى اعتراض.وهو ما أثار استنكاراً كبيراً داخل الساحة السياسية الإيرانية خاصة المعارضة الإصلاحية، والتى اعتبرت أن زيارة وفد شعبى مصرى لإيران بقيادة الإخوان المسلمين، حتى وإن لم يعلنوا قيادتهم للوفد، ولكنهم المستهدفون فى النهاية، يُعد مؤشراً خطيراً لتحويل مصر إلى إيران جديدة.


تبعت ذلك حالة من الغزل السياسى من قيادات الإخوان، التى أعلن حزبها الحرية والعدالة، أن عودة العلاقات مع إيران يُعد من أول مشاريعها السياسية فى ملف العلاقات الخارجية، والأهم تصريحات قيادى إخوانى مثل «كمال الهلباوي» المتحدث الأسبق باسم جماعة الإخوان المسلمين، والذى أعلن خلال الأسبوع الماضى فى زيارة وفد مصرى جديد لمؤتمر الصحوة الإسلامية فى إيران كما نشرت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية، أنه يعتبر الإمام الخمينى من المجددين فى مسيرة التاريخ الإنسانى، فى غزل صريح لقيادات النظام الإيرانى، كما أيد الهلباوى منذ حوالى عام من الآن ما صرح به مرشد الثورة الإيرانية خامنئى، أن قيام حكومة إسلامية فى مصر هو مطلب شعبى مصرى، لا تراجع عنه.


وتستمر الوفود الشعبية المصرية بقيادة إخوانية إلى طهران، وآخرها كان وفد أهالى الشهداء الذى عملت قيادات إخوانية فيه على تسفير عدد من أهالى الشهداء إلى إيران، فى محاولة لاكساب إيران شرعية ثورية جديدة على دماء الشهداء، وآلام ذويهم.
كما ألحت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية خلال الفترة الماضية على أن هناك سيناريو دمويًا على وشك الوقوع بين جماعة الإخوان المسلمين، والمجلس العسكرى، خاصة بعد حسم المنافسة بين مرسى وشفيق، وأن نجاح شفيق قد يعنى تزوير الانتخابات وبالتالى عدم قبول الرأى العام بها، خاصة جماعة الإخوان المسلمين التى ستعتبر أن العسكر قد قفزوا على الشرعية الشعبية، وبالتالى سيؤدى ذلك إلى سيناريو قد يفتك بالمجلس العسكرى.


تلك النظرة لا تخص فقط وسائل الإعلام، والتى بالتأكيد تعكس رؤية النظام الإيرانى، أو رغبته الأصيلة فى حدوث ذلك السيناريو لصالح الإخوان، خاصة أن آية الله خامنئى (مرشد الثورة) قد صرح فى أكثر من مناسبة، أن المجلس العسكرى ما هو إلا امتداد لنظام مبارك القمعى.
هذا السيناريو الدموى جاء كذلك على لسان «حجة الإسلام خسرو شاهى» القائم بالأعمال الإيرانى قبل الثورة المصرية مباشرة، والذى صرح على موقعه الشخصى بأن حل مجلس الشعب بأغلبيته الإخوانية، ونجاح شفيق قد يؤدى بمصر إلى تكرار سيناريو الجزائر الدموى.


"خسرو شاهى" لا يمثل فقط قائم بأعمال انتهت مدة خدمته وعاد إلى وطنه، بل هو حلقة الوصل الرئيسية بين قيادات من الإخوان المسلمين والنظام فى إيران، فقد كان على اتصال دائم بالعديد من القيادات الإخوانية الحالية والراحلة، فمثلاً هناك العديد من اللقاءات التى جمعت بينه وبين الدكتور عصام العريان، وكذلك المرشد الراحل «مأمون الهضيبي» والمرشد السابق عليه «مصطفى مشهور»، وكما أعلن على موقعه الشخصى أنه كان على تواصل مع المرشد الأسبق « عمر التلمساني».


هذه الأيام يردد «شاهي» نفس وجهة النظر الرسمية الإيرانية، فهو يعتبر أن المجلس العسكرى ما هو إلا امتداد لفلول مبارك وعصابته، ولن يتخل عن السلطة بسهولة، بل سيقاوم ذلك بشدة، خاصة أن حكم البلاد قد يؤول للإخوان فى أقرب فرصة سانحة، بوصفهم الأصلح والأقرب للناس، وأكثر الجماعات السياسية أمانة وتمسكاً بدين الله، والقادرين على إقامة دولة عادلة، كما إيران الإسلامية.وفى هذه الحالة ستوطد العلاقات الإيرانية المصرية بقوة، وستكون إيران داعمة لمصر اقتصادياً وسياسياً أمام محاولة الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية. إذن نحن أمام مشروع إيرانى إخوانى للسيطرة على مقدرات الدولة المصرية، ذلك المشروع الذى يحمل بوادره منذ حوالى ثلاثين عاماً أو أكثر، وأصبحت الفرصة سانحة الآن أمام الجبهتين الإيرانية والإخوانية، بحيث سيتمثل الإخوان تجربة الحكومة الإسلامية، ويعيدون إنتاجها فى مصر إن تمكن مرشحهم الدكتور محمد مرسى من الفوز فى جولة الإعادة، وحتى وإن فشل، فسيكون هناك سيناريو دموى تروج له إيران بين العسكر والإخوان، وكأننا لابد أن نختار الإخوان ومرشحهم شئنا أم أبينا، وإلا فقدنا الأمان والاستقرار بشكل كامل.




 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter