أعداد: نجيب محفوظ نجيب
كان والداه وثنيين غنيين.
سافر والده التاجر بالإسكندرية إلى اللد بفلسطين، وحضر عيد تكريس كنيسة الشهيد مارجرجس (جاورجيوس الكبادوكي). تأثر بالاحتفال المهيب لهذا الشهيد والألحان الكنسية، وإذ سمع عن سيرة الشهيد أحب الحياة المسيحية. نال سرّ العماد، وتهللت نفسه جدًا.
صلى إلى الله متشفعًا بقديسه العظيم أن يرزقه ولدًا، وإذ عاد إلى الإسكندرية أخبر زوجته بما تمتع به، فآمنت هي أيضًا واعتمدت. قبل الرب طلبتهما، ورزقه طفلاً أسمياه جاورجيوس.
نشأ الطفل في جوّ تقوي حيّ حتى بلغ الخامسة والعشرين من عمره حين تنيح والداه، وكان جاورجيوس إنسانًا تقيًا محبًا للكنيسة، مترفقًا بالمساكين والفقراء.
إذ تنيح والداه احتضنه خاله أرمانيوس والي الإسكندرية، الذي كان له ابنة وحيدة طيبة القلب، خرجت ذات يومٍ مع بعض صديقاتها للنزهة، فشاهدت ديرًا خارج المدينة وسمعت رهبانه يسبحون الله بتسابيح عذبة. فتأثرت جدًا مما سمعته، ولما عادت إلى بيتها سألت ابن عمتها جاورجيوس عما سمعته، فأجابها بأنها تسابيح إلهية يترنم بها الرهبان الذين قد تركوا العالم ليمارسوا الحياة الملائكية. وأخذ الشاب يحدث ابنة خاله عن الإيمان بالسيد المسيح، وعن الحياة الأبدية وأيضًا عن العذاب الأبدي، فتأثرت جدًا وقبلت الإيمان بالسيد المسيح.
عرف أرمانيوس بالأمر فصار يلاطف ابنته ويخادعها، وإذ لم تنثنِ صار يهددها، أما هي ففي محبة كاملة لمسيحها قدمت حياتها ذبيحة حب لله، إذ قطع والدها رأسها ونالت إكليل الشهادة.
عرف أرمانيوس أن جاورجيوس هو السبب في إيمان ابنته، فقبض عليه وعذبه عذابًا شديدًا، ثم أرسله إلى أريانوس والي أنصنا، الذي قام بدوره بتعذيبه، وأخيرًا قطع رأسه المقدس ونال إكليل الشهادة.
وكان هناك شماس يسمى صموئيل أخذ جسده المقدس وكفنه بإكرامٍ جزيلٍ ومضى به إلى منف من أعمال الجيزة. ولما علمت امرأة خاله ذلك أرسلت فأخذت الجسد ووضعته مع جسد ابنتها الشهيدة بالإسكندرية. يُقال أن جسده موجود حاليًا في كنيسة مار مرقس برشيد.