" وان رحلوا يتكلمون بعد فينا بالروح"
بقلم الأب الدكتور أثناسيوس حنين -اليونان
كلمات تعزية للاخ الصديق الدكتور عادل فرحات فى انتقال عم السيدة زوجته المستشار لطفى منير
صديقى عادل والاسرة الكريمة
"التأبين أولا هو حديث فى السيد المسيح وفى قيامته وقيامة المؤمنين فى اليوم الأخير .أى كلام فى عزيز ميت ان لم يكن مطرح من مطارح السجود للأله الحى الذى لا يموت ’ سوف يصير سجنا للواعظ ولمستمعيه "سيادة المطران جورج خضر من كتاب "وجوه غابت ورؤى فى الموت"بيروت -لبنان 2009 .
مثل هؤلاء الكبار عاشوا وذاقوا التجسد عمليا (هنا والان). كما يقول اللاهوت الالمانى. صاروا اصدقاء المسيح العادل فى رسالة نشر العدل والبر والاحسان ’ وان صمتوا ’ بسبب من ظروف ومعطيات أيامهم الكنسية والمجتمعية ’ ’ فكان صمتهم ابلغ الكلمات وتنهداتهم تشق أعماق السماء ووقارهم عفة ومواقفهم النزيهة شهادة وعنفهم لطفا .والراحل كان لطيفا ومنيرا اسما على مسمى ’ذهب مثله مثل الكثيرين من الاكابر وسر الكنيسة والمجتمع ’ والتى اشتقت ونحن معك أن يرويها لك ولنا ’ فى بطونهم أى فى أحشائهم وأعماقهم ’ لم يشهروا بأمهم يوما بل أخلوها سرا مع يوسف العفيف وان لم يتخلوا عنها (متى 1 :19 )بل ذهبوا ليقولوا لسيدها وعريسها المسيح كل شئ ! نعم كل شئ لانهم علموا ’ وهم رجال قانون وحق ’ انه ليس خفى الا ويعلن !!! ذهبوا ليقدموا المجتمع والكنيسة الى العرش السماوى لكى يتعطف الرب علينا ويقصر هذه الايام التى نحيا فيها عالة على فتات العظماء . المستشار لطفى المنير مثله مثل المستشارين وليم سليمان وعونى برسوم والبروفسور سليمان نسيم وغيرهم من الصامتين ولم يكن صمتهم قهرا وهم يمتلكون المنابر الجامعية والقضائية والمجتمعية ’بل حبا وتعقلا عملا بقول الكتاب الالهى (ليصمت العاقل فى هذا الزمان الردئ)’قرروا أن يزرعوا بالدموع ليرووا كنيسة المسيح ولنحصد نحن بالبهجة’ سهروا على الالمام بعلوم الدنيا والانسان وفتشوا عن العدل الارضى ’ فاعلن ابن الانسان لهم البر "الكلمتان البر والعدل واحد فى اليونانية" السماوى . تعبوا وسهروا وذاكروا وبكوا وتفوقوا وهم لم ينالوا بركة رؤية الكنيسة فى نهضة وعزة بل نظروا ارض ميعاد النهضة من بعيد واقروا بصمتهم انهم غرباء ونزلاء عن الموبقات التى على الارض وعن عدم التزام الكنيسة بعهود سيدها ومخلصها .(عبرانيين 11 ) .
هذا ليس محسنات بديعية فمن تاريخ المسيحية نفهم ان اعظم اللاهوتيين كانوا رجال قانون وعلى رأسهم الذهبى الفم يوحنا فى القرن الخامس وليس أخرهم سيادة المطران سيرافيم مطران بيرية باليونان فى القرن العشرين والواحد والعشرين أدام الرب حياته وغيرهم ! لأن القاضى يتشبه بالله وياخذ منه روح العدل والحب والرحمة والبصيرة والنفاذ ! القاضى يسعى لسبر غور سرائر الناس ولا يفضحهم بل يسعى لرحمتهم وبرائتهم !هؤلاء صنعوا لاهوتا عمليا ومجتمعيا . للأسف الكنيسة الرسمية فى عهدهم لم تفهم مكانتهم فى عمل التدبير الالهى كسفرا عن المسيح من (الخارج )أى من خارج السلك !!!أعتبرتهم مجرد"علمانيون مشاغبون" فى تقسيم هرطوقى لشعب الله الواحد بين علمانى واكليريكى !مبدأ أهل الحظوة ضد أهل الخبرة صار شريعة المصريين ! والمسيحيون هنا مصريون حتى النخاع ! لقد حرمت الكنيسة نفسها من زخم هؤلاء العلماء ومن ذاكرتهم العلمية والثقافية والقانونية والروحية وهم أتقياء ’تلك الذاكرة (الأنامنيسيس)المتجددة فى زمان كانت فى امس الحاجة اليهم .اصاب الكنيسة الرسمية ومعها شريحة كبيرة من المصريين مرض الزهايمر (فقدان الذاكرة). الجديد فى الزهايمر المجتمعى والكنسى انه مصطنع ووقتى ومصلحجى ! وليس عضوى ’وانت الطبيب ’ تستدعيه بهمة شديدة وذاكرة حديدية فقط حينما تقرر نسيان زمان الحب والعطاء والعرفان وتكذيب الحق أى زمان الحب والتمييز بين الغث والثمين من مواهب شعبها ’ وتنساه وتتجدد ذاكرتها ويتم الشفاء منه بخرافة معجزية فى أزمنة االحقد والكره وحماية ايمان لا تعرف عنه شيئا وتكفير الناس وتشتيت المواهب وانكار الجميل وعدم السماح لأهل الفقيد بدفن اباهم !’ هنا تتجدد الذاكرة وتستدعى من مزيلة التاريخ أردأ ما فيها من تعاليم و ما فيها من نمازج ّ وتصيرهم قديسون ليس للتعليم والقدوة بل للتشهير والنزوة ! عملا بما يقوله شعبنا الطيب (الكلام لك يا جارة)!!!أنه حقا الزمان الردئ كما يقول الكتاب الالهى !
كنيسة لا تعرف زمان افتقادها ولا تقرأ علامات الزمان فى حياة وتاريخ كل عالم من ابنائها !وصارت يتيمة وفقيرة علميا وتاريخيا ولاهوتيا وقانونيا وفقهيا ! والأنكاء أنها تظن انها غنية وقد استغنت !وهى وحيدة اجتماعيا وتائهة تاريخيا بلا هوية وأصدق دليل جولة على وسائل التواصل والفيس بوك مما يحزن القلب !نعم وفقيرة لاهوتيا ! وهى بنت العز والبهاء أو كانت يوما ! تشتر فتات وقشور ديانة لا تنفع ولا تشفع ومسيحية لا تمت بصلة لمسيحية المسيح !
فالدين بلا مسيح وبلا لوغوس ’ كما قال استاذى فى كلية اللاهوت ’ مثله مثل قطعة الفحم اذا امسكتها باردة او منطفأة تلوثك ’ واذا امسكتها ساخنة او مشتعلة تحرقك !هؤلاء العظماء كانوا لاهوتيون من الخارج من خارج اسوار المحسوبية والنفاق ! شئ من هذا قاله يوسيبيوس المؤرخ عن قنسطنطين الملك الذى وان لم يكن لاهوتيا محترفا الا انه صار غطاء وسند لعمل الكنيسة الرعوى واللاهوتى وحضورها المجتمعى فى الدولة بعد تقزيم طال أمده .كان لابد للستشار لطفى وغيره ان يقفوا على الاسوار كحراس لهوية شعب عظيم يحمل تاريخ مصر العزيمة ! أه يا صديقى لو ان الكنيسة المصرية كانت قد احسنت استثمار مواهب مثل هؤلاء وهم كثيرون جدا ! لما وصلت الى هذه العزلة والطائفية الاجتماعية والانكماش والانقسام الداخلى التى تعيشها الان !كانوا سوف يكونون شيوخ الكنيسة الحقيقيون وما كنا بحاجة الى نشر الغسيل الوسخ والنظيف ’ اذا انوجد ’ كما نرى اليوم على الميديا . لكانوا مراياها نحو الخارج !سفرائها فى المجتمع . ان الغاء دورهم جريمة فى حق الشعب القبطى وبدعة لاهوتية ورعوية كبيرة ((الغاء المجلس الملى مثال بسيط)).اليست مأساة أن يكون لدينا مثل هؤلاء القانونيين الأكابر ويرحلوا عنا الواحد بعد الأخر وفى نفوسهم غصة بأنه لا يوجد فى معاهدنا اللاهوتية "قسم قانون كنسى" على مستوى قانونى وأكاديمى يليق بكنيسة مصر العريقة.
ليكمل الروح عمله فيكم وليكن ذكر سيادة المستشار لطفى ابديا وليسكنه الرب هناك حيث يسكن العدل كله مع وليم سليمان وعونى برسوم وغيرهم من رجال القضاء المصريين العظماء وليصلوا من أجل مصر وكنيستها لكى يعود ويسكنهما البر والعدل . أدهشنى اوكما فهمت من كلامك ’ اذا كنت فهمت صح !ن الذى صلى على المستشار قسيس ! من قلة الاساقفة ! مع احترامى لابونا ! و.تعزياتى للمدام بنت الاكابر ولشخصك العزيز ايها الطبيب العادل والفرح دوما