نبيل ابادير
كثيرا ما نردد أن الأم هي المسئوله عن تنشئه وتربيه الأبناء نظرا لغياب الأب أو لأنها الأقدر علي ذلك،
وهي مقوله قديمه في تراثنا الشعبي حتي كتبت في ذلك اشعارا كالأم مدرسه —-
وهو يمكن أن يكون صحيحا الي حد ما،
لكننا وفي عالمنا اليوم ومع تغير في نمط الحياه، ومع زياده مفاهيمنا وادراكاتنا عن مفاهيم التربيه والتنشئة الصحيحه، فمن ناحيه التغير الحادث في نمط الحياه اصبحت الأم تسعي مع زوجها في العمل كجزء رئيسي من بناء شخصيتها وقدرتها، فالعمل يعطي فرصه للإنسان منا علي التطوير وإكتساب الخبرات الي جانب المشاركه في تحمل أعباء الحياه.
ومن ناحيه تطور مفاهيمنا وإدراكاتنا في مفاهيم التنشئه والتربيه فإن الأم والأب مسئولان معا عن عمليه التنشئه هذه، وغياب دور واحد منهما عن هذه العمليه لن تكون كامله ووافيه،
ولا يصلح أن يختلفا الأثنين في مفاهيم هذه التنشئه فأن يقوم طرف منهما بالشده والقسوه والطرف الآخر باللين والطبطبه، كأن تقول الأم مثلا في غياب الاب وعند عناد وشقاؤه الأبناء ( لما ييجي أبوكم ها قوله علشان يربيكم) وكأن العقاب مرادف للتربيه، أو العكس وخلافه.
إن الفهم المشترك والإتفاق علي عمليه التربيه بين الأب والأم لمن اهم سمات عمليه التنشئه الصحيحه، والتي تحتاج منا كآباء أن نتعلمها ونبذل وقتا في فهمها وادراكها، فليس لدينا بالفعل أغلي وأثمن من أبنائنا الذين أتوا للعالم بإرادتنا الكامله وأهم مسئوليه علينا ان نحملها بكل أمانه وصبر وعلم. ولا نتركهم لجهات أخري تؤثر فيهم سلبيا كاصدقاء السوء.
وفي اطار فهم وادراك عمليه التنشئه وهي علم واسع وله مجالات متعدده، اذكر فقط من هذه المعرفه التي عشت فيها شخصيا فترات من الزمن بالإطلاع والحوار والمشاركه مع خبراء متميزيين في علوم التربيه، اذكر فقط أن عمليه التربيه أو التنشئه عمليه مستمره ومستدامه وحتي وإن كبر ابناءنا وفي مراحل عمريه مختلفه، فنحن كآباء يمكن أن نتعلم منهم ونتعرض لمواقف وخبرات معهم دائما يمكن ان تكون مصدرا لتعلمنا طالما لدينا الخلفيه الكافيه لإدراك هذه العمليه.
ونحن نمارس عمليه التربيه فنحن نتعامل فيها مع إنسان له شخصيته المتفردة ومشاعره وقدراته، ومنذ ولادته وهو يتفاعل معنا بحواسه المختلفه، وحتي قبل الولاده فإن الحاله النفسيه للأم فرحا أو حزنا وخلافه لها تأثيرها علي نفسيه وشخصيه الجنين، هذا الإنسان ايا كان عمره امانه ومسئوليه في أيدينا،
فإن أحسنا التربية فقد أدينا الأمانه والمسئوليه. وإن لم نحسن فمازلنا نتحمل المسئوله كامله عن سوء تربيتنا للابناء.
الموضوع له جوانبه المتعدده. اذكر فقط جانب آخر واحدا منها،
إن طبيه العلاقه بين الام والأب ومدي تفهمها لبعضهما وإحترام كل طرف للآخر ومحبتهما أو العكس، وتفاعلهما مع المواقف، ونظرتهما معا للعالم والبشر المحيطين بهما اصدقاء أو اقرباء، سواء محبه او عداوه، تصرفات الآباء في وجود هؤلاء وفي غيابهم. وهكذا كل هذه العلاقات تلاحظ جيدا وتفهما وتدركها الاطفال وغالبا دون أن نشعر، ولكنها تصبح رافدا اساسيا في عمليه التنشئه سواء صحيحه أو سيئه.
الآباء هنا أصحاب المسئوليه الاولي في عمليه التنشئه حتي لو أن هناك مؤسسات اخري تشارك في هذه العمليه كالمدرسة، لكن تظل الاسره هي الحاضنة الاولي وتظل كذلك حتي لو شارك الآخرين وعليها ان تتفاعل مع المؤسسات الأخري حتي تتضمن تنشئه الي حد كبير صحيحه للأبناء، وتحمي ألأيناء من أي عوامل خارجيه يمكن ان تجعلهم سييئ الخلق.