بقلم. حنان بديع ساويرس
يبدوا أن وصول الفريق أحمد شفيق لجولة الإعادة جعل التيارات الدينية بمُختلف أنواعها تشعر بالذعر والقلق من أن تقل فرصة مُرشحهم بالفوز فى الإعادة ، ورغم أن جميع المصريين على إختلاف فصائلهم وديانتهم وأفكارهم أنتخبوا من يشاؤون فقد وجدنا تنوع فى إنتخاب المُرشحين فى الأسرة الواحدة ، وهذا شئ صحى لا نلوم عليه أحد ، ورغم أن الكنيسة مُتمثلة حالياً فى الأنبا باخوميوس القائم مقام البطريرك والذى أعلن بمؤتمر صحفى أمام العالم أجمع أن الكنيسة تقف على مسافة واحدة من جميع المُرشحين ، وبالفعل لم تنطق الكنيسة ببنت شفة من جهة توجيهها لمُرشح بعينه ،إلا ونجد بعد وصول الفريق شفيق لجولة الإعادة هذه التيارات تَزعُم بأن الكنيسة هى من وجهت الأقباط للتصويت له ، ورغم أنها ليست بتهمة أن يُرشح الأقباط من يريدونه وينشدون فيه الحفاظ على مدنية مصر ، إلا ويخرج علينا من أصحاب المصالح من يكيل الإتهامات للأقباط بالإتهامات الجاهزة " المُعلبة" والتى سَئِمناها لذا أرجو التغيير!!، وهى من نوعية الخيانة وتأييد الفلول ... ألخ فقد خرج علينا بعضهم مُتوعداً ومُهدداً، ومنهم من طالب الأقباط بالإعتذار بسبب تصويتهم لشفيق، ومنهم من حاول أن يَعِدهم بالطمأنينة الوهمية ،والبعض يتوعدهم بشكل مُستتر فى حال تأييدهم لشفيق.
* فمثلاً قد صدر كُتيب عن حملة د. مرسى ويطرح الكُتيب سؤال الا وهو ، هل سيكون الأقباط مع مصر المدنية المُتقدمة فى حالة التصويت للدكتور مرسى أم سيكونون مع مصر القديمة فى حالة التصويت للفريق شفيق ؟؟
* كما خرج علينا د.عبود الزمر والذى خرج مؤخراً من مَحبسه عن تهمته بقتل السادات بمؤتمر حتى لا تموت الثورة وحسب جريدة اليوم السابع قال، ناصحاً الأقباط : نصيحتى للكتلة القبطية أن تقف موقف أيام ثورة يناير وأن تدعم مرشح الثورة محمد مرسى لأن هذا الأمر سيكتب فى التاريخ مُضيفاً أننى أطمئن العالم كله بأن المرحلة القادمة لو نجح مرشح الثورة ستجدون مُجتمعاً راقياً يساوى بين جميع الطوائف !!!
* كما خرج أيضاً د. القرضاوى مُصرحاً وموجهاً حديثه للأقباط قائلاً " شفيق مش هاينفعكم ".
* كما صرح طارق الزمر عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية وحسب جريدة "المصرى اليوم" طالباً من الأقباط الإعتذار ولا سيما فى حالة ثبوث دعمهم للفريق أحمد شفيق فى الجولة الأولى كما نوه بأن هجوم الإعلام على الثورة دفع البسطاء للكفر بها والتصويت للفلول، وأعتبر الزمر أن هذا الإستقطاب فى التصويت يكشف عن البحث لمكاسب شخصية دون النظر لصالح الوطن... كما طالب الأقباط بمراجعة موقفهم فى جولة الإعادة .
* وآخيراً تحدث د. محمد بديع المُرشد العام لجماعة الإخوان المُسلمين أول أمس ووجه عدة رسائل للمجلس العسكرى وللأقباط يُطمأنهم فى حالة إنتخابه لمرسى .
+ دعونى أقوم معكم بتحليل تلك التصريحات من الشخصيات الإسلامية المُختلفة
- لاحظنا أن جميع التصريحات السابقة سواء من جماعة الإخوان المُسلمين أو من الجماعة الإسلامية تندرج تحت نطاقين إحداهما إستخدام أسلوب التهديد والوعيد الغير مُباشر للأقباط أو الضغط عليهم بتخوينهم لو أنتخبوا الفريق ، والآخر أتبع أسلوب طمأنة الأقباط على حالهم فى حال فوز مُرشح الإخوان ، وهذه الطمأنينة بالطبع لا أساس لها من الصحة فهى حيل إنتخابية واهية ولا تشغر حيز من الوقت أكثر من لُحيظات النُطق بها من أصحابها ، فهذه محاولات يائسة لكسب أصوات الأقباط لصالح مُرشحهم والذى يدعون بأنه مُرشح الثورة والحارس الأمين لمدنيتها وهذا عجب العُجاب!!! فهل يقصدون الثورة التى أنضموا لها بعد ضمان نجاحها فلا تعليق!!!! أقول فقد أنتهجوا منهجين فإن لم يصلح التلويح بالعصى فربما يصلح الإغراء بقطعة الشيكولاتة ، رغم أن هذا التناقض بين الشدة وكسب الود يجعل الأمر يفرغ من مضمونه ومن مصداقيته لكن ....!!!!!!
- لاحظنا أيضاً أن من يُحاول طمأنة الأقباط بل العالم فى حال فوز مُرشحهم هو المُرشد العام للإخوان تارة ود.عبود الزمر عضومجلس شورى الجماعة الإسلامية تارة وغيرهم من الشخصيات الإسلامية التى تخرج بتصريحات من هذا القبيل لكن لم يتسع مقالى لأن أسرد جميع التصريحات ، فكان من باب أولى أن من يقوم بحملة الطمأنينة هذه هو المرشح ذاته ، والذى عندما أراد أن يُطمأننا على حالنا فى حالة حكمه لمصر خرج علينا مُصرحاً "أنه سيدوس بالأحذية كل من أدلى بصوته للفريق أحمد شفيق " فها هى أول القصيدة كُفر، وكان تصريحه مُعبراً وصريحاً عن ماذا سيحدث للمصريين فى حالة حكمه وأنا أحترم الصراحة ولا ألومه عليه فهو لم يستطع إخفاء ما فى باطنه نحو الشعب المصرى عامة والأقباط خاصة ،فإذا كان لم يحتمل الإختلاف معه فى الرأى وصرح بذلك وهو مازال على الشاطئ ، فماذا سيفعل لو أبحر بنا بالفعل ؟؟!! فمعروف فى العالم أجمع أن من يقوم بعمل دعاية إنتخابية لنفسه يُقدم أفضل ما لديه ويبدوا أن هذا أفضل ماعنده وهو "سحق المصريين بالأحذية" وهذه أغرب دعاية إنتخابية فى التاريخ!!! ولى هنا أسئلة خبيثة ، لكنها تطرح ذاتها ، فلماذا يُطمأننا هؤلاء بالنيابة عن المُرشح ذاته ؟!! وبأى صفة وهم ليسوا بُمرشحون للرئاسة ؟؟!!! فهل كرسى الرئاسة سيصبح جمعية تعاونية خيرية ، فواضح أنهم مُتطوعون لحكم مصر مع د. مرسى فى حالة فوزه وهذا شئ نشكرهم بالطبع عليه!!!
- نأتى إلى تصريح القرضاوى الموجه للأقباط بأنه لن ينفعهم الفريق شفيق ، فأقول له إن لم ينفعنا من ينادى بمدنية الدولة ، فلن ينفعنا من يُنادى بدولة دينية ، فمن يُنادى بدولة مدنية سَيتعامل مع جميع المصريين سواء ، ويؤمن بإختلاف وتنوع فئات المُجتمع وفصائله ويحترم تعدد الأديان ويحترم المرأة ، وعلى العكس تماماً من يُنادى بدين للدولة فلا يعترف بدين الآخر لأنه لا يعترف إلا بدين بعينه وهو الدين الذى ينتمى هو إليه ، وإلا ما كان نادى بدين للدولة وما كانت هناك مشكلة من الأساس .
- فإن كان الفريق لن ينفع الأقباط حسب تعبيره ؟!! فهل يُعقل أن من سينفعهم هو مُرشح الإخوان ؟؟!!
+ فربما يكون دفع الأقباط للجزية وإعتبارهم "ذميون" وهم أبناء أصلاء لمصر كما تصرحون مراراً وتكراراً هو الأفضل ؟!! ولا سيما التصريح الذى صرح به عبود الزمر عن دفع الأقباط للجزية وهذا فور خروجه من السجن مُباشرة بأحد البرامج التى قامت بإستضافته حينها والذى أحدث ضجة وقتئذ مُطلقاً على "الكتلة القبطية" حسب تعبيره الآخير بالمؤتمر بلفظ "النصارى" فقال " ما يمنع أن يدفع النصارى الجزية" فنشكر الله فقد قام بحركة ترقية للأقباط من درجة "نصارى" لدرجة "كتلة قبطية"!!!!
+ أم ربما يكون الأصلح لهم هو تطبيق الحدود عليهم والحكم عليهم بشرائع مُغايرة لشرائعهم ، وتطبيق القوانين الخارقة للطبيعة التى طالبوا بتطبيقها بالبرلمان الإخوانى ، مثل مُضاجعة الزوجة الميتة " مُضاجعة الوداع" والعودة بنا لعصور الجهل والظلام وختان البنات وتزويج الأطفال من الفتيات ، أم فضائح النواب التى لم يسبق لها مثيل ولا حتى ببرلمان الحزب الوطنى المنحل.
ربما لهذا المزايا يجب علينا أن نننتخب من يمثل "الإخوان المُسلمين"، وفى التحليل السابق أفترضت حُسن النوايا للقرضاوى وأن مقصده "بأن الفريق مش هاينفعكم" هو تشكيكه للأقباط فى مصداقية الفريق وفى مدى جدية تنفيذ وعوده لكن ربما يكون للقرضاوى غرض آخر وهو ترويع وتهديد الأقباط بأنهم إن صوتوا لشفيق سينالون ما لا يُحمد عقباه وتأكيداً على ما قاله د. مرسى ، لذا أقول لهم أننا كمصريين عامة وكأقباط خاصة لم ولن نقبل هذا التهديد والوعيد لأن إستقطاب فصيل بعينه للحكم بأسم الدين لن يكون فى صالح المصريين أجمع وليس الأقباط فقط .
- أما عن تصريح طارق الزمر فله شقان الأول إتهامه الإعلام بأنه جعل البُسطاء يكفرون بالثورة فأقول أن الثورة ليست "أله" أو حتى فى مرتبة الآلهة حتى نكفر بها بل من حق كل مواطن أن يتفق أو يختلف معها كُلياً أو جزئياً كُلاً حسب قناعته لأن " الإختلاف فى الرأى لا يُفسد للود قضية "، ومع ذلك لم نرى قط يوماً ما أن الإعلام هاجم الثورة أو الثوار مُنذ أن بدأت.
- والشق الثانى: الا وهو تهديده للأقباط وتعبيره الغريب " بأنه فى حالة إذا ثبت صحة دعمهم للفريق شفيق فعليهم الإعتذار، فلى هنا تساؤل؟؟ لماذا يَعتذر الأقباط ...؟؟!! ولمَن يَعتذرون ...؟؟!-
- أولاً لماذا يعتذر الأقباط؟؟!! فهل يعتذر الأقباط عن تصويتهم لشفيق أم بالأحرى عن عدم تصويتهم للمُرشح الإسلامى؟؟!!
- ولماذا من الأساس الإعتذار عند ثبوت تصويتهم لشفيق ، فهذه لهجة ترويعية ومُتعالية مرفوضة تحدث ضد أقباط مصر، وكأنهم ليسوا بمواطنون ومن حقهم أختيار من يتوسمون فيه صالح مصر، أو كأن الفريق شفيق ليس بمصرى وكأن الأقباط قاموا بالتصويت لمُرشح إسرائيلى !!، فالفريق شفيق مصرى بل يتميز عن أى مصرى بأنه بطل من أبطال أكتوبر 73 بل حارب فى جميع الحروب التى مرت بمصر فى الوقت الذى يريد فيه من يَضربون بمصلحة مصر عرض الحائط والإستحواذ والإستيلاء عليها جُملة وتفصيلاً بدون عناء أوشقاء وعلى طبق من فضة .
فإنتخاب المصريين جميعاً للفريق شفيق وليس الأقباط فقط ليس بجُرماٍ لأنه بطل يفخر به كل مصرى ، والتصويت له ليس بعار حتى إذا ثبت تصويت الأقباط له فيجب أن "يعتذرون" ففى جولة الإعادة أعلنت العديد من الأحزاب والحركات المدنية والإعلاميون والفنانون والعاملون بالسياحة والصوفيون وقبائل عديدة وغيرهم الكثيرين من القوى المدنية تأييدهم للدولة المدنية التى يحمل لواءها الفريق أحمد شفيق فالأمر خرج عن نطاق تصويت الأقباط فقط له ، فهل سَتُطالبون كل هؤلاء بالإعتذار ؟؟!! أم أنها إعتذارات وتصريحات طائفية لترويع الأقباط حتى لا يُصوتون بالجولة الثانية للفريق بل الأدهى حثهم للأقباط على التصويت للمُرشح الإخوانى !!! فلا أدرى ما الذى يُجبر الأقباط بل المصريين أجمع ولا سيما بعد الثورة على التصويت لمن لا يُريدون فهل خرجنا من قمع وظلم النظام السابق حتى ندخل فى ظلم وقهر وقمع أشد وطأة منه ؟؟!!
ثانياً : لمن يعتذر الأقباط؟؟!!
- فالإعتذار دائماً يكون له طرفان طرف مُخطئ وطرف مُخطأ فى حقه فلى هنا عدة تساؤلات ،أولاً : إذا كان بالفعل قد أخطأ الأقباط عندما صوتوا للفريق أى هم هنا "الطرف المُخطئ" ، فمن فى هذه الحالة "الطرف المُخطأ فى حقه"، فهل مثلاً أخطأوا فى حق الشعب المصرى ،عفواً فالأقباط جزء لا يتجزأ من هذا الشعب ، أى حتى لو أخطأوا فبذلك كانهم أخطأوا فى حق أنفسهم ، فهل سيعتذرون لأنفسهم!! أم لمن يريد تقديم الإعتذار، فهل مثلاً يعتذر الأقباط لجماعة الإخوان المُسلمين بالتحديد أم لمُرشحهم أم لجميع التيارات الإسلامية المُتضررة من إحتمال فوز الفريق ؟؟!!!! ولماذا هؤلاء نصبوا أنفسهم وصاة على المصريين عامة والأقباط خاصة؟!! فالإعتذار السياسى عادة يصدر من دولة لدولة آخرى ، وليست من مواطنين لمواطنين مثلهم لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات ، والعجيب والجلى أنه يُدلى بهذه التصريحات لصالح التيارات الدينية ، وبالتالى لصالح نفسه ومع ذلك يدعى بأن من قام بالتصويت للفريق يبحث عن مصالح شخصية ولم يبحث عن مصلحة الوطن !! لذا أقول حسب القول المأثور أن " من بيته من الزجاج لا يقذف الناس بالحجارة" فأرجو أن تنحى مصلحة الوطن جانباً لأننا لسنا مُعاقين ذهنياً أو فاقدى الأهلية أو بسطاء كما تدعى حتى نصدق أنكم تفضلون مصلحة الوطن ، فلن ننسى تصريح المرشد السابق للإخوان الذى قال طظ فى مصر، فهل يجوز أن يضع إمرأٍ الخنجر فى يد طاعنه بنفسه ليُعجل بنهايته ، أم يجوز أن يعطى إنسان مُفتاح محبسه لسجانه ؟؟!! ولماذا هذا القلق من أصوات الأقباط أليس الأقباط أقلية وتدعون أنهم أربعة ملايين نسمة ؟؟!! .
+ اخيراً أريد أن أخبركم جميعاً أن الأقباط حقاً مُسالمين لكن ليسوا بجُبناء ، ولا يهابون مخلوق وهم يؤمنون بوجود الخالق ، فلا نسمع إلا صوت ضمائرنا ومصلحة مصر وطننا الذى يعيش فينا كما قال قداسة البابا نيح الله نفسه ، ولانتبع سوى قول الرب الذى أمرنا واعداً أيانا قائلاً: "أما أمرتك ، تشدد وتشجع ، لاترهب ولاترتعد لأن الرب إلهك معك حيثما تذهب ، لايقف إنسان فى وجهك كل أيام حياتك ، كما كنت مع موسى أكون معك ، لا أهملك ولا أتركك".