عاشوا حياة عنوانها الكفاح والإصرار، ساعدوا أهاليهم في ظروفهم الصعبة سواء بالتحمل أو النزول إلى ميدان العمل دون إغفال التركيز فى المذاكرة والنجاح، الأمر الذي حولهم بين ليلة وضحاها إلى مشاهير تغنت بهم الصحف لأيام، عقب إعلان تفوقهم فى الثانوية العامة، والآن يقف هؤلاء الشباب النجوم أمام باب كلية الطب بجامعة الإسكندرية كل منهم يلتقط صورته الأولى فى حياته الجامعية الجديدة، فخوراً بنفسه بعد ما حققه من نجاح.
"بائع الفريسكا، "بائعة الأحذية"، "ابنة حارس العقار"، "ابنة بائعة الخضار".. ألقاب إعلامية عرفها بهم الجميع، ورغم أنهم لا يعرفون بعضهم البعض إلا أنهم أصبحوا زملاء كلية واحدة وهى "الطب جامعة الإسكندرية، وذلك بعد تفوقهم الدراسي وحصولهم على مجموع أكثر من 99%، الأمر الذي شغل الساحة الإعلامية لأيام متواصلة بعد أن انتشرت قصص كفاحهم.
بائع الفريسكا: مجهود سنين راح في لحظة.. وبطلب دعا الناس
الطالب إبراهيم عبدالناصر، المعروف بـ"بائع الفريسكا"؛ بدأ فصلا جديدا مرتبطا بتحقيق حلمه بالوقوف أمام كلية الطب بجامعة الإسكندرية، في أول أيام العام الدراسي الجديد، بعد تفوقه فى الثانوية العامة وحصوله على مجموع أكثر من 99% رغم عمله بجانب دراسته في بيع الفريسكا في شواطئ الإسكندرية.
بملابس مهندمة، وساعة تزين معصمه الأيسر، فضلا عن ارتدائه كمامة طبية وحقيبة خلف ظهره، ظهر "إبراهيم" مبتسماً من أمام كلية الطب جامعة الإسكندرية، في صورة له أرسلها لـ"الوطن" في أول أسبوع دراسي، فضلاً عن أخرى برفقة أحد أصدقائه.
"كنت مبسوط بأول يوم دراسة ليا في الجامعة".. كلمات عبرت عن فرحته بخطواته الأولى تجاه حلمه الأكبر، لافتا إلى شعوره بالفخر لما حققه بعد فترة كبيرة من العمل والجهد.
عيناه تترغرغ بالدموع وهو يصف كم السعادة والفخر، الذى شعر به وقدماه تطأ أرض كلية الطب: "عيني دمعت لما دخلت الكلية.. مجهود وتعب سنين راح في لحظة"، مؤكداً أنه وجد نفسه معروفا وسط زملائه وأساتذته الذين يتابعون عن كثب، وعبروا له في لقائهم الأول بالفخر والفرحة به.
تعامل "إبراهيم" وسط أصدقائه وصفه بالراقي والتعاون والفرحة، خاصة ما بدر منهم، قائلا: "من فرحتهم بيا اتصورنا سيلفي مع بعض".
لم تشغل السيارة التي تحصل عليها "إبراهيم" كهدية بعدما انتشرت قصته، باله في أن يذهب بها إلى كليته الجديدة مبررا ذلك بأنه لا يريد أن يكون متميزا عن أصدقائه بجانب عدم تمكنه من قيادتها؛ لذلك اعتمد على وسائل المواصلات.
تعلم قيادة السيارة، ليس من أولويات بائع الفريسكا كونه يركز حاليا على الدراسة؛ لذلك يغلق هاتف أيضا طوال الوقت، موضحا: "بحاول أبعد عن الإعلام عشان اتحمل المسئولية، وأبقى عند ثقة الناس".
وبخلاف طول ساعات المذاكرة، يكثف "إبراهيم" كورسات اللغة الإنجليزية حتى يستطيع التعامل مع مواد الدراسة بالكلية التي يذهب إليها مرة واحدة في الإسبوع مع الإجراءات الاحترازية لفيروس كورونا المستجد، خاتما حديثه: "عايز الناس كلها تدعيلى وهبقي عند حسن ظنهم وهستكمل رحلة التفوق".
استقبال "بائعة الأحذية" بـ"سيلفي" في طب إسكندرية: مش مصدقة نفسي
الطالبة آية طه حسين، المعروفة إعلامياً باسم "بائعة الأحذية، كانت حديث ومحط أنظار الجميع، بعد تفوقها في الثانوية العامة بمجموع 99.5%، حيث كانت تعمل طوال الدراسة فى مساعدة والدتها بمحل الأحذية الخاص بهم، وحصلت على منحة من الأزهر الشريف لدراسة الطب بجامعة الإسكندرية، وفي أول أيام العام الدراسي الجديد، ارتدت ملابسها الجديدة، وعلى وجهها علامات السعادة والفخر، قبَّلتها وحضنتها والدتها بالدموع، وسلمت عليها، داعية الله أن يوفقها ويكفيها شر الطريق.
"كنت فرحانة جداً إني شفت الجامعة والكلية، كانت حاجة مبهجة، وانبسطت أكتر لما شفت المدرج والطلبة والدكاترة"، كلمات قالتها آية طه حسين، تعبر بها عن سعادتها الغامرة بالتحاقها بكلية الطب جامعة الإسكندرية، شعور غريب بالفخر والاعتزاز، رغم أن زملاءها في الكلية لم يعرفونها: "إحنا اتقسمنا مجموعات، كل 100 في مجموعة، بس زملائي في الكلية ماعرفونيش والمدرج بتاعنا كله من دول تانية، طلبة غير مصريين، حتى برا المدرج كمان ماعرفونيش".
ستلتحق "بائعة الأحذية" بالمدينة الجامعية خلال أيام، ورغم فخرها بما حققته، إلا أنها تشعر بالحزن نتيجة ابتعادها عن أهلها خلال الفترة المقبلة حيث تدرس فى الإسكندرية بينما يقيم أهلها فى محافظة البحيرة: "زعلانة إني هكون بعيدة عن أهلي، بس مستقبلي أهم ولازم أسعى عشان أحقق أحلامي".
بدأت منذ أيامها الأولى تكوين صدقات، فتعرفت على صديقة جديدة، عبرت لها عن سعادتها بمعرفتها، متمنية أن تصبح صديقتها دائماً: "قالت لي قالت لي إنها فرحانة إن في بنات زيي وإني رغم الظروف الصعبة وصلت وفرحانة إن إحنا هانكون إصحاب".
لا تعمل "آية" مع والدتها بسبب انشغالها بدراستها وكليتها، ولكنها اتفقت معها على وجودها بجانبها خلال إجازة الفصل الدراسي الأول: "انشغالي بدراستي خلاني أبعد عنها، بس اتكلمت مع ماما إني هاروح أقعد معاها في الأجازة، ومتطمنة عليها عشان المحافظ جابلها كشك تبيع فيه الأحذية وترص فيه البضاعة، فيما تحاول "آية" الحصول على دورات تدريبية في بعض مواد الكلية واللغة الإنجليزية، لتكون مستعدة للدراسة والتفوق كعادتها.
ابنة حارس العقار: حسيت تعب ومجهود السنين راح
هبة حامد محمود، المعروف قصتها باسم "ابنة حارس العقار"، خطفت الأنظار إليها بتفوقها خاصة مع ظروف والدها البسيطة الذي يتقاضى نحو ألف جنيه شهريا ورغم ذلك يسعى لتعليم أولاده الثلاثة، مما جعل الدكتور عصام الكردي رئيس جامعة الإسكندرية، يستجيب لرغبتها ويصدر قراراً بإلتحقها بكلية الطب بمحنة مجانية.
بملابس بسيطة تجمع بين اللون الأسود والبرجواني، وقفت "هبة" يعلو وجهها ابتسامة تعني الكثير حول تحقيق الآمال؛ إذ قالت لـ"الوطن": "أول ما عديت من باب الكلية حسيت ان كل التعب والمذاكرة راح وربنا حقق دعائي.. كنت مبسوطة جدا".
اليوم الأول لـ"هبة" بالكلية لم يكن بمقدور والدتها أن تتركها وحدها لتشاركها فرحتها هناك؛ إذ ذهبت الاثنتان معا ثم تركتها والدتها أمام الباب لتبدأ أولى خطواتها نحو عالمها الجديد: "قابلت أصحابي واتعرفت على ناس جديدة".
وعلى الرغم من تداول قصة كفاح وتفوق "هبة" فى وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى، لم تشعر أن أحد من زملائها يعرفها، موضحة أن أصدقائها الجدد من محافظات مختلفة وعند لقائهم ركزوا على ما يتعلمونه في أولى المحاضرات بالكلية بداية من كيفية الحصول على المحاضرات أون لاين واستخدام بنك المعرفة المصري.
وبدأت الفتاة المتفوقة في شراء الكتب الجديدة لبدء المذاكرة بشكل جدي، فضلا عن اعتمادها على بعض التدوينات المهمة خلال المحاضرة.
ابنة بائعة الخضار من أمام طب الإسكندرية: أنا في عالم تاني
الطالبة ياسمين البياع، الملقبة إعلامياً بـ"ابنة بائعة الخضار"، أثارت الرأي العام ومواقع التواصل الاجتماعي، وكانت محط إعجاب الجميع، بعد تفوقها في الثانوية العامة وحصولها على 99.15%، رغم ظروفها الصعبة ومرض والدها، موضحة أن والدتها كانت ترفض بشكل قاطع أن تعمل معها للتركيز فى مذاكرتها، وبعد أن تفوقت "ياسمين" والتحقت بكلية الطب جامعة الإسكندرية بـ"شقا والدتها"، لم تتركها والدتها في أول أيام العام الدراسي، وذهبت معها إلى الجامعة، وهما في حالة من السعادة والفخر.
"أنا مبسوطة جداً إني دخلت الكلية"، كلمات قالتها "ياسمين" لـ"الوطن" تعبر بها عن سعادتها البالغة بعد التحاقها بكلية الطب، وتحكي عن اليوم الأول لها فى الكلية بقولها: "كنت مبسوطة وتعبانة في نفس الوقت ومتوترة بس كنت حاسة إني هاشوف عالم تاني حلو ويارب يكون حلو".
خوف والدتها عليها، دفعها للذهاب معها في أول يوم جامعة، وليس ذلك فحسب، بل انتظرتها أمام الجامعة لحين انتهاء محاضراتها والعودة معها: "والدتي كانت بتدعيلي كتير وتقولي ربنا يكرمك وتقدري تساعدي كل الناس".
استقبلها أصدقاؤها بسعادة وبصور "سيلفي"، بينما باقي زملائها في الكلية لم يعرفون أنها "ياسمين" الطالبة التي تحدث عنها الجميع: "صحابي كانوا مبسوطين وفرحانين، وكانوا عاوزني أتصور، بس أنا مابحبش الصور لكن اتصورت عشانهم، وماحدش قالي حاجة ولا عرفني والصراحة كده أحسن، أنا كده مرتاحة أكتر".
تتمنى "ياسمين" أن تفيد الجميع بالتحاقها بـ"الطب"، مؤكدة أن لها هدف تسعى لتحقيقه: "نفسي أعمل علاج للفيروسات اللي بتهاجمنا، بس مش علاج كيميائي، علاج باستخدام الجينات، بس مش عارفة ابدأ منين وإزاي".