سليمان شفيق
الخرطوم من قمة لاصلح لا اعتراف لا تفاوض الي التطبيع
وافقت السودان أمس الجمعة على تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وفق ما أعلن البيت الأبيض. وقد علق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب معتبرا أن دولا عديدة ستلتحق بهذا الاتفاق في وقت قريب من بينها السعودية. وكان ترامب قد أخطر الكونغرس الجمعة بعزمه رفع السودان رسميا من قائمة الدول الراعية للإرهاب وذلك بعد أن حول السودان 335 مليون دولار إلى حساب لضحايا هجمات على سفارتي أمريكا في كينيا وتنزانيا وعائلاتهم
وغرّد جود ديري في موقع تويتر "أعلن الرئيس أن السودان وإسرائيل توافقتا على تطبيع العلاقات بينهما، في خطوة كبيرة جديدة نحو السلام في الشرق الأوسط". وحضر صحافيون في المكتب البيضاوي اتصالا هاتفيا بين دونالد ترامب ومسؤولين في إسرائيل والسودان.
وإثر هذا الإعلان، صدر بيان مشترك لقادة الولايات المتحدة وإسرائيل والسودان يؤكد التوصل إلى اتفاق من أجل تطبيع العلاقات. وأضاف البيان أنه تم "الاتفاق بين زعماء إسرائيل وأمريكا والسودان على بدء علاقات اقتصادية وتجارية مع التركيز مبدئيا على الزراعة".
وتابع "الولايات المتحدة ستتخذ خطوات لاستعادة حصانة السودان السيادية والعمل مع شركاء دوليين لتخفيف أعباء ديون السودان".
وبرز موقف لوزير خارجية السودان أوضح فيه أن "ما تم اليوم هو اتفاق حول التطبيع وليس تطبيعا، الموافقة على التطبيع سيقرر بشأنها بعد اكتمال المؤسسات الدستورية بتكوين المجلس التشريعي".
وقد علق الرئيس الأمريكي على هذا الاتفاق معتبرا أن إسرائيل والسودان اتفقا على صنع السلام، كما توقع انضمام دول كثيرة خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، مضيفا أنه متأكد "أن السعودية ستنضم للركب قريبا".
وقد أكدت الخرطوم تطبيع علاقاتها مع دولة اسرائيل و"إنهاء حالة العداء بينهما"، بعد نقل البيان المشترك على التلفزيون الرسمي السوداني
سحب السودان عن لائحة الإرهاب:
إلى ذلك، أكد البيت الأبيض الجمعة أنّ الرئيس دونالد ترامب وقع على قرار سحب السودان رسميا من لائحة "الدول الراعية للإرهاب" قبيل إعلان تطبيع العلاقات بين الخرطوم وإسرائيل.
واشار البيت الأبيض في بيان إلى أن السلطات الانتقالية في السودان أودعت مبلغ 335 مليون دولار في إطار اتفاق لتعويض ضحايا الاعتداءات التي وقعت خلال استضافة الرئيس المخلوع عمر البشير لتنظيم القاعدة.
وتابع البيان: "يمثل اليوم خطوة بالغة الأهمية الى الأمام في العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والسودان ونقطة تحول محورية للسودان
ويتيح القرار للسودان "مستقبلا جديدا من التعاون والدعم لعملية التحول الديموقراطي المستمرة والتاريخية"، وفق البيان
نتانياهو يعتبره تحولا استثنائيا
من جهته، وصف رئيس الوزراء نتانياهو تطبيع العلاقات مع السودان بأنه "تحول استثنائي". مضيفا: "يا له من تحوّل استثنائي! اليوم تقول الخرطوم نعم للسلام مع إسرائيل، نعم للاعتراف باسرائيل ونعم للتطبيع مع إسرائيل".
وشدد نتانياهو في بيانه على أن "وفودا من السودان وإسرائيل ستجتمع قريبا لمناقشة التعاون في عدة مجالات، خاصة الزراعة والتجارة ومجالات أخرى مهمة"، كما توجه بالشكر للمسؤولين السودانيين والرئيس الأميركي دونالد ترامب على اتفاق التطبيع الجديد.
ويحمل تطبيع العلاقات مع السودان رمزية كبيرة. عقب حرب 1967 التي احتلت خلالها إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة، اجتمع أغلب الزعماء العرب في قمة بالخرطوم حيث تبنوا قرارا يعرف باسم "اللاءات الثلاث"، وهي لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع الدولة العبرية
أصوات سودانية معارضة للتطبيع
لكن ترتفع في الداخل السوداني أصوات منددة بالتقارب مع إسرائيل. فقد أشار الصادق المهدي، زعيم حزب الأمة السوداني، أكبر الأحزاب المساندة للحكومة الانتقالية والذي يرتكز على خلفية إسلامية، إلى "أن إقامة علاقات مع دولة الفصل العنصري هو مماثل لإقامتها مع جنوب إفريقيا العنصرية قبل التحرير من الأبارتهيد".
وتابع "مؤسسات الحكم الانتقالية غير مؤهلة لاتخاذ أية قرارات في القضايا الخلافية مثل إقامة علاقات" مع إسرائيل، مؤكدا أن الحزب سيسحب تأييده لمؤسسات الحكم الانتقالي إذا أقدمت على ذلك
وأشار إلى أن محامي الحزب سيتقدمون ببلاغات أمام القضاء، لأن معتبرين ما حدث مخالف للدستور.
ويخشى من أن يؤدي هذا الإعلان الى زعزعة الاتفاق السياسي الذي تحكم بموجبه الحكومة الانتقالية، إذ إن أصواتا معارضة ارتفعت منذ أن اتضح مسار التطبيع. ومن أبرز المعارضين رئيس حزب الأمة الإسلامي الصادق المهدي الذي يعتبر من أبرز داعمي الحكومة. وقد هدّد بسحب دعمه للحكومة إذا تم التطبيع.
وعلقت منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاق التطبيع بين السودان وإسرائيل الجمعة واصفة إياه بأنه طعنه في ظهر الشعب الفلسطيني. من جهتها، اعتبرت حماس هذه الخطوة بأنها "خطيئة سياسية"، مضيفة أنها "تضر بشعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة وتضر بالمصالح السودانية والعربية".
وأضاف واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية "انضمام السودان إلى المطبعين مع دولة الاحتلال الإسرائيلي يشكل طعنة جديدة في ظهر الشعب الفلسطيني وخيانة لقضيته العادلة وخروجا عن مبادرة السلام العربية".
وتابع قائلا من رام الله بالضفة الغربية المحتلة "هذه الخطوة وما سبقها من خطوات من الإمارات والبحرين لن تزعزع إيمان الشعب الفلسطيني بقضيته واستمرار نضاله حتى إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس".
عباس: "لا يحق لأحد التكلم باسم الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية".
إلى ذلك، شدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس على أن الفلسطينيين يرفضون ويدينون خطوة السودان لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بوساطة أمريكية.
وتابع في بيان نشره مكتبه: "لا يحق لأحد التكلم باسم الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية".
حماس: "خطيئة سياسية"
وقال المتحدث الرسمي باسم الحركة حازم قاسم في بيان تلقته وكالة الأنباء الفرنسية إن "الإعلان عن تطبيع العلاقات بين السودان ودولة الاحتلال هو خطيئة سياسية وتضر بشعبنا الفلسطيني وقضيته العادلة وتضر بالمصالح السودانية والعربية".