القصور الذاتي هو مصطلح فيزيائي يعبر عن خاصية مقاومة الجسم لأي قوة خارجية تهدف إلى تغيير حالته من السكون إلى الحركة، أو تغيير اتجاه سرعته إذا كان يتحرك، ويتوقف مقدار القوة التي يمكنها تغيير حالة الجسم على كتلة الجسم؛ حيث إنه كلما ازدادت كتلة الجسم كان من الصعب تحريكه أو تغيير اتجاه سرعته، وعبر نيوتن عن القصور الذاتي في قانونه الأول من قوانين الحركة.. تعرف على معلومات أكثر حول القصور الذاتي.
مفهوم القصور الذاتي
ينص قانون نيوتن الأول للحركة، والذي يسمى بقانون القصور الذاتي على أن: «الجسم الساكن يبقى ساكنا، والجسم المتحرك يبقى متحركا بسرعة ثابتة، وفي نفس الاتجاه، ما لم تؤثر عليه قوة خارجة تغير من حالته أو اتجاه سرعته».
نيوتن والقصور الذاتي
لقد كان مفهوم نيوتن عن القصور الذاتي عبارة عن معارضة مباشرة للمفاهيم الأكثر شيوعا حول الحركة في ذلك الوقت؛ حيث كان الفكر السائد حينها أن الأجسام تميل بشكل طبيعي إلى الوصول إلى وضع السكون والراحة، سواء كانت في حالة سكون، أو في حالة حركة.
وضح نيوتن في قانونه الأول للحركة أن الأشياء تميل إلى الاستمرار في فعل ما تفعله، سواء كانت في حالة سكون أو في حالة حركة، في الواقع، من الطبيعي أن تميل الأشياء إلى مقاومة التغيرات الحادثة عليها! ووصف نيوتن هذا الميل لمقاومة التغيرات بالقصور الذاتي.
جاليليو والقصور الذاتي
استنتج جاليليو أن الأجسام المتحركة تتوقف في النهاية بسبب قوة تسمى الاحتكاك؛ في التجارب التي أجريت باستخدام زوج من المستويات المائلة في مواجهة بعضهما البعض، وتحريك كرة صغيرة من أعلى مستوى، لاحظ جاليليو أن الكرة تتدحرج لأسفل المستوى وأعلى المستوى المقابل إلى نفس الارتفاع تقريبا.
إذا تم استخدام مستويات أكثر سلاسة في نفس التجربة، فإن الكرة ستدحرج إلى المستوى المقابل أقرب إلى الارتفاع الأصلي بكثير.
استنتج جاليليو أن أي اختلاف بين الارتفاعات الأولية والنهائية يرجع إلى وجود الاحتكاك، ثم افترض أنه إذا أمكن القضاء على الاحتكاك تماما، فستصل الكرة إلى نفس الارتفاع تماما.
لاحظ جاليليو أيضا أنه بغض النظر عن الزاوية التي تم توجيه المستويات إليها، فإن الارتفاع النهائي كان دائما مساويا للارتفاع الأولي، وإذا تم تقليل ميل المستوى المعاكس، فستتدحرج الكرة مسافة أخرى للوصول إلى الارتفاع الأصلي مرة أخرى.
استمر جاليليو في تطبيق هذا المنطق، حتى توصل إلى أنه إذا تم رفع المستوى المعاكس بزاوية 0 درجة تقريبا، فستتدحرج الكرة إلى الأبد في محاولة للوصول إلى الارتفاع الأصلي!
القصور الذاتي والقوة
ينص قانون نيوتن الأول للحركة على أن القوة ليست ضرورية لإبقاء الجسم في حالة حركة، أو تغيير اتجاه حركته؛ مرر كتابا على طاولة وشاهده وهو ينزلق إلى وضع السكون، ستلاحظ أن الكتاب المتحرك على سطح الطاولة لا يصل إلى وضع السكون بسبب عدم وجود قوة، بل إن قوة الاحتكاك هي التي تجعل الكتاب يصل إلى وضع السكون!
في حالة عدم وجود قوة الاحتكاك، سيستمر الكتاب في الحركة بنفس السرعة والاتجاه إلى الأبد! أو على الأقل حتى نهاية سطح الطاولة؛ مما يعني أن القوة لا تحافظ على حركة الكتاب، بل إنها هي التي تجعل الكتاب يتوقف عن الحركة.
القصور الذاتي والكتلة
في الواقع، تقاوم جميع الكائنات التغييرات في حالة حركتها، وهذا الميل يتم التعبير عنه بمصطلح القصور الذاتي، ولكن هل تميل بعض الأشياء إلى مقاومة التغييرات أكثر من غيرها؟ بكل تأكيد نعم!
يختلف ميل الجسم لمقاومة التغييرات في حالة حركته باختلاف الكتلة؛ فكلما زاد القصور الذاتي في الجسم، زادت كتلته، والعكس بالعكس؛ فالجسم الأكثر ضخامة يميل بشكل أكبر إلى مقاومة التغيرات في حالة حركته.
تطبيقات على القصور الذاتي
إذا تم سحب مفرش المائدة بسرعة، يمكن إزالته من أسفل الأطباق بدون أن تتحرك؛ حيث تميل الأطباق إلى البقاء ثابتة طالما أن الاحتكاك الناتج عن حركة مفرش المائدة ليس كبيرا جدا.
إذا اصطدمت سيارة متوقفة بسيارة متحركة من الخلف، فقد يتعرض الركاب بداخلها للإصابة نتيجة تحرك الجسم للأمام بينما يتحرك الرأس إلى الخلف؛ وذلك لأن الرأس يعاني من القصور الذاتي.
عند وضع بالون في سيارة، سيظهر وكأنه يتحرك عندما تتحرك السيارة للأمام، على الرغم من أن البالون يحاول البقاء في المكان الذي كان عليه، والسيارة فقط هي التي تتحرك.
عندما يتم تسريع السيارة بشكل مفاجئ، قد يشعر السائق والركاب كما لو أن أجسادهم تتحرك للخلف، في الواقع، يؤدي القصور الذاتي إلى جعل الجسم يرغب في البقاء في مكانه بينما تتحرك السيارة إلى الأمام.
إذا تم وضع بطاقة فوق كوب وعليها قطعة نقود معدنية، يمكن إزالة البطاقة بسرعة بينما تسقط قطعة النقود في الكوب مباشرة؛ حيث تعاني قطعة النقود من القصور الذاتي.
عند سحب ضمادة الإسعافات الأولية، من الأفضل سحبها بسرعة؛ ستبقى بشرتك في حالة راحة بسبب القصور الذاتي.