الأقباط متحدون | حول دور الأنصار في إسقاط الفاشية البعثية
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٣٠ | السبت ٩ يونيو ٢٠١٢ | ٢ بؤونة ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٨٦ السنة السابعة
الأرشيف
شريط الأخبار

حول دور الأنصار في إسقاط الفاشية البعثية

السبت ٩ يونيو ٢٠١٢ - ١٣: ١١ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: د.عبد الخالق حسين
 
مقدمة 
التحاور بين المثقفين في المسائل الخلافية مسألة طبيعية ومفيدة، خاصة إذا التزم المتحاورون بأدب الحوار، وكان غرضهم الوصول إلى الحقيقة، وتنوير الرأي العام، وخدمة القضية التي يختلفون عليها، وفي حالتنا هذه هي الأزمة العراقية المحتدمة. ولذلك أدخل بين حين وآخر في جدال مع بعض الكتاب الذين يردون على مقالاتي، ويلتزمون بأدب الحوار، وآخرهم كان الأستاذ دانا جلال، مشكوراً. 
ولكن المشكلة تبرز، حينما يدخل على الخط أناس متطفلون على الثقافة والسياسة، فيتعاملون في جدالهم مع الاختلاف الفكري والسياسي كعداء شخصي، وعلى طريقة البلطجة البعثية، إذ يلجأون إلى المهاترات والشتائم، وإطلاق ألقاب بذيئة على من يختلفون معهم! وفي هذه الحالة، من الأسلم للمثقف الجاد أن يتجاهلهم، فهم يسلكون هذا السلوك الفج لأنهم لا يمتلكون القدرة على مواجهة الحجة بالحجة، وهو دليل على إفلاسهم الفكري والسياسي والأخلاقي، لذلك يلجأون إلى التأليب والشتائم والبذاءات، وهذا كل ما عندهم، إذ كما تفيد الحكمة: "الإناء ينضح بما فيه".
 
منذ مدة، وأنا أتعرض لحملة مسعورة منسقة على غرار "فزعة عرب"، من قبل أيتام البعث وحلفائهم الوهابيين، والبعض من المحسوبين على اليسار،لا لشيء إلا لأني أدافع عن العملية السياسية والديمقراطية الوليدة في عراق ما بعد صدام في محاولة منهم لفرض نوع من الإرهاب الفكري. يحسب هؤلاء أنفسهم متحضرين وتقدميين، بل وحتى ديمقراطيين!! والحقيقة، ما هذه الصفات التي يدعونها إلا غشاءً خفيفاً تختبئ تحته صلافة وجلافة ذلك البدوي المحروم من نعمة الثقافة. 
تواجه الديمقراطية الوليدة في العراق حملة ضارية لوأدها، تحالفت عليها مختلف القوى السياسية في الداخل والخارج، ودول الجوار، مثل إيران وتركيا والسعودية وغيرها (وسوريا سابقاً قبل أن ينقلب عليها السحر على الساحر)، تشبه تماماً ما تعرضت لها ثورة 14 تموز وقيادتها الوطنية (1958-1963) من مؤامرات. وكل ذلك يتم تحت شعار حماية الديمقراطية لمنع عودة الدكتاتورية والأنفال وحلبجة وغيرها من كوارث الأنظمة الفاشية. 
 
إن عملية تدمير الديمقراطية بغطاء ديمقراطي ليست جديدة، وهي تشبه ما كان يجري في مرحلة الحرب الباردة، عندما أسست الاستخبارات الإيرانية (سافاك) في عهد الشاه حزباً شيوعياً مزيفاً موازياً لحزب (تودة) وبنفس الاسم، جعلت منه فخاً لاصطياد الشيوعيين، والقضاء على الحركة الشيوعية في إيران، وحققت في ذلك نجاحاً لا يستهان به. كذلك أسست وكالة المخابرات الأمريكية (CIA) أحزاباً ماركسية مزيفة في دول أمريكا اللاتينية لضرب الحركات الماركسية الحقيقية. وها نحن نشهد اليوم نفس السيناريو يتكرر في العراق من قبل منظمات وقوى سياسية محسوبة على اليسار، وقوى تقدمية وديمقراطية، وقعت في نفس الفخ، تقوم بخدمة أجندات سعودية وتركية وإيرانية، وقوى داخلية بعثية خسرت مواقعها في احتكار السلطة، همها الوحيد تدمير العملية السياسية، وحجتهم في ذلك أن حكومة بغداد ليست بمستوى حكومة سويسرا والسويد، ولمنع قيام دكتاتورية جديدة وتكرار الكوارث!! 
 
عودة إلى موضوعة الأنصار
طرح الأخ دانا جلال في رده الأول على مقال لي، دور الأنصار الشيوعيين في إسقاط حكم البعث الفاشي، قائلاً:  "حقيقة لا نعرف أي خندق اختار الدكتور عبد الخالق حسين فترة النضال ضد الفاشية، ولكني اجزم بأنه لم يكن في ذات الخندق الذي كان فيه اغلب الحاضرين لمؤتمر التجمع العربي، حيث كان عددا كبيرا منهم ضمن فصائل الانصار الشيوعية ضد الفاشية او في الخلايا السرية لأحزاب اليسار العراقي والعربي."
فأكدت له أن مواصفاته للنضال ضد الفاشية، إذا كانت صحيحة، فهي تنطبق عليَّ أيضاً، لأني في ذلك الوقت كنت منتمياً للحزب الشيوعي العراقي، وعندما تركت الحزب في منتصف الثمانينات وأنا في بريطانيا، انتميت إلى (التجمع الديمقراطي العراقي) الذي كان على يسار الحزب الشيوعي في التسعينات، وله حضور متواضع مع الأنصار في كردستان. ...الخ
وأوضحت للأخ الكريم، ومع احترامي للذين كانوا ضمن فصائل الأنصار، وتقديري العميق لتضحياتهم، إلا إن العلاقة بين قوات الأنصار، وقوات الحركة الكردستانية لم تكن سلسة، ولا على انسجام دائم، بل كانت معقدة تتراوح بين المد والجزر، وحتى شابتها فترات اقتتال بينهم، راح ضحيتها أبرياء، كما حصل في مجزرة بشت آشان. كذلك حصل أيام الجبهة "العتيدة" في السبعينات، أن اصطف الأنصار الشيوعيون مع القوات البعثية الفاشية في خندق واحد لمحاربة قوات بيشمركة الكردية. وفي التسعينات استنجد السيد مسعود بارزاني بصدام حسين ودعاه لإرسال قواته لاحتلال أربيل، وتحريرها من قوات غريمه السيد جلال طالباني... وحصل ما حصل من مآسي ضد قوات المعارضة يندى لها الجبين. 
 
كذلك نقرأ بين حين وآخر، مقالات لكتاب، ورسائل وتعليقات لقراء، عملوا ضمن فصائل الأنصار الشيوعيين، يعربون فيها بمرارة شديدة عن تذمرهم من تلك التجارب القاسية التي خاضوها بنوايا حسنة، ولكن نتائجها كانت مخيبة لآمالهم، وما عانوه من حلفائهم، وحتى على أيدي قادتهم الشيوعيين. 
 
ذكرتُ في مقالات سابقة أني لم أؤمن بالكفاح المسلح. ومع الأسف الشديد كان اليساريون يؤمنون باستنساخ التجارب مثل التجربة الصينية الماوية، والكوبية الكاستروية، والجيفارية وغيرها، ولا يبالون بالتضحية بحياة رفاقهم، حتى ولو كانوا من أكاديميين غير مؤهلين لحمل السلاح والاقتتال في كردستان، أو أي مكان آخر. وبذلك فقد ضحوا بكوادر علمية ما كان يجب الإفراط بها، ناهيك عن المواطن العادي الذي انتمى للحزب من أجل العدالة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، أعرف من الضحايا الدكتور محمد بشيِّش، الطبيب الذي كان لاجئاً مع عائلته في عدن في الثمانينات، لبى نداء الحزب ليلتحق بقوات الأنصار، فترك عائلته هناك ليُقتل في مجزرة بشت آشان. كذلك الدكتور سلمان (مسيحي من الناصرية)، أستاذ في جامعة القسطنطينة في الجزائر، استجاب لنداء حزبه للالتحاق بالأنصار، قتل من قبل دورية تركية في المثلث بين سوريا وتركيا والعراق وحتى قبل أن تطأ قدمه كردستان العراق والتحاقه بالأنصار. والسؤال هنا: ما الذي حققته حركة الكفاح المسلح من التضحية بهؤلاء الأبرياء وأغلبهم شباب في أوج عطائهم؟ 
 
وهل حقاً ما تحقق للشعب الكردي من حرية وأمان فيما بعد كان نتيجة الكفاح المسلح من قبل البيشمركة والأنصار؟ 
إذا أردنا الإنصاف، ودون التقليل من تضحيات المناضلين ونواياهم الطيبة، فالحقيقة المرة التي لا يريد الاعتراف بها الأستاذ دانا جلال ورفاقه، هي أن الجهة التي فرضت (منطقة الملاذ الآمن) وطردت القوات العراقية البعثية من كردستان عام 1991، كانت أمريكا وبريطانيا "الاستعماريتين!!"، ومن ثم قادتا التحالف الدولي وحررتا كل العراق من الفاشية عام 2003. هذه الحقيقة لا يجب نكرانها، وإلا نقع في خانة نكران الجميل لمن أحسن إلينا. كثيراً ما يردد أعداء تحرير العراق، والبعض من اليساريين بدافع العداء لأمريكا، أن الأخيرة لم تسقط حكم البعث الصدامي لسواد عيون العراقيين، بل لمصالحها، وهذا صحيح. ولكن أليست السياسة وراء المصالح؟ فما الخطأ لو استثمر العراقيون هذا التحول في الموقف الأمريكي لمصلحة الشعب العراقي؟ 
 
رسالة من نصير شيوعي سابق
وتأكيداً لما تقدم، أرى من المفيد أن أنشر هنا رسالة استلمتها قبل أشهر من أحد الأنصار الشيوعيين، أرمز له بالحرفين: (ع.ح.) تعقيباً على مقال لي في هذا الخصوص وتأييداً له، أنشرها على حالها، دون أن أجري عليها أي تعديل عدا تصحيح بعض الأخطاء المطبعية والنحوية، والترقيم (punctuation)، وهذا نصها:  
 
تحية الى الاستاذ عبد الخالق حسين المحترم 
المقالات والبحوث التي تنورنا بها، فعلآ تستحق الاحترام والتقدير لاحتوائها على البراهين والحجج ارجو ان تنور قراءك بالمزيد. اليوم قرأتُ لك مقالة بعنوان: (حول حملة الاستخبارات العراقية ضد الشيوعيين) وذكرتَ فيها اربعة اسباب لعزل الحزب وفشله في الانتخابات. 
سيدي عندي بعض الملاحظات قد تكون نتوشات لمقالتك، واذا كنتُ مخطئآ أرجو ان تسامحني لان السياسة اصبحت صعوبة الفهم والادراك للسياسين على الخصوص، فكيف على عامة الناس، الله لهم العون.عنوان ملاحظاتي اطلق عليها اسم( مشوار من حياتي). وقبل ان ادخل في الموضوع ارجوك ان تسامحني على الاخطاء والصياغة لأنني لست كاتبآ ولا أديباً:
 
أولاً، استاذي انت تطرقتَ الى شباط والشباطيون في امكنة كثيرة عبر مقالاتك وبحوثك، فلا اريد الدخول الى هذا الموضوع. فالشيوعيون اصبحوا خارج الزمن، ولم يستفيدوا، لا من تاريخهم الطويل، ولا من حاضرهم. هل يعقل انسان يدعي الوعي ان يضع تاريخ احتفالي في يوم من ايام شباط الأسود؟ زوجتي عيد ميلادها 4 شباط، احتفل معها دائماً ولكنها تراني مهموماً، فتسألني ما بك؟ لا اجيبها لأنها اجنبية لا تفهم حتى وان شرحت لها السبب، فكيف للناس الذين فقدوا وتعذبوا في هذا الشهر. زوجة ابي من موروث الاسود لهذا الشهر، كم من الذين فقدوا حياتهم وأحباءهم في شباط الأسود، لماذا لم يتعظوا بعد ان عرفوا ان فليح الجبوري بطل عرس الدجيل، قائد مظاهراتهم في ساحة التحرير، وممثل الاستاذ علاوي في الدفاع عن حقوق الانسان والمساجين؟
 
ثانياً، الانتخابات: سيدي كيف اسمح لنفسي ان انتخب فرسان 8 شباط بقيادة السيد علاوي عندما دخل حميد مجيد موسى معه في قائمة واحدة في انتخابات 2005؟ اعرف عشرات من اصدقائي اليساريين احجموا عن التصويت او اعطوا اصواتهم الى الاحزاب الدينية. اما الاكراد اليساريون 90% منهم صوتوا على مشروع ونهج مسعود برزاني...عندي صديق اعرفه لأكثر من 27 سنة في موسكو وشمال العراق من اهالي الكوت، بعد المؤتمر رأيته وفي يده كتاب احمر صدر في نيقوسيا عام 1995على ما اعتقد، اراد احد الرفاق أن يلتقط فقط عنوانه او اسمه. يقول الطلفح عبد الرزاق ان هذا الكتاب يسوى أفكاركم، والرفاق الحضور على الاطلاق خريجو معاهد عليا. سيدي كما قلتُ، فإنني عشت 6 سنوات في كردستان في الثمانينات أيام الحرب العراقية- الإيرانية، وكان الايرانيون يصولون ويجولون مع ادلائهم من جماعة مسعود، يفتحون الطرق 3 الى 10 امتار عن مقراتنا، لم يتصدى لهم أحد او نعترض على هذا التصرف من قبل الايرانيين والقيادة الكردية على الاطلاق.  
 
وبعد اي هجوم ايراني تعم الفرحة فيما بينهم عسى وان يسقط النظام. اتذكر في معارك الفاو قلت لهم هذا لا يجوز انها مطاحن بنا وباخواننا، اقصد الجنود العراقيين، كان احد اعضاء اللجنة المركزية مسيحي يستهزئ من القتلى، وبعدها عرفتُ ان اخي من ضمن مطاحن الفاو. 
في احدى المرات كنت في ذلك اليوم خبازاً، فاعتاد الرفاق، ومن ضمنهم اعضاء المركزية لأخذ رغيف من الخبز الحار نتيجة الجوع، فكان أحدهم دائماً يتلاطف معي بالحديث، فبدأ الحديث معي بجد في ذلك اليوم، وكنت اعمل واسمع ماذا يريد، فقال: انت خوش ولد، قلت انا اعرف نفسي شكرآ، فقال: انت مكانك مو هنا، شنو رأيك ان تذهب الى الداخل للعمل هناك؟ أجبته على السريع: انني ثرثار وفوضوي مع العلم انا نقيض كفاحكم المصلخ، لا اؤمن به، فكيف تريدني ان اعمل في العمل السري في الداخل؟ 
 
بعد هذا اللقاء بعدة سنوات التقيت بهذا الرجل الذي دعاني للعمل السري في الداخل، التقيته في بهو معهد الإستشراق في موسكو ينتظر زوجته مع مشرفها لتحظير رسالتها العلمية، فبدأ الحديث قائلاً: الآن يتطلب منا العمل سويا لدعم النظام والدفاع عن الوطن. فقلت له: انت الذي دعوتني بالأمس للذهاب للعمل السري لإسقاط النظام، واليوم تدعوني لدعم النظام.. كيف الآية تغيرت؟؟. 
فهذه هي قيادتنا التي يجب دعمها في الانتخابات وأصبحوا قيادة يداً بيد مع علاوي ومسعود .(انتهت الرسالة).
********************
 
تعليق
أتمنى من الأخوة الشيوعيين وأصدقائهم أن لا يتهموا صاحب الرسالة بالتخاذل أو الثرثرة، أو أنه يحمل ذهنية برجوازية أو فلاحية متذبذبة، كما عودونا على هذه الأقوال في مثل هذه الحالات. أعتقد أن الرجل، ورغم إمكانياته البسيطة في الكتابة، عبَّر بعمق، وبمنتهى الصدق عن واقع الحال، أفضل ألف مرة من المقالات المطولة المملة التي يتشدق بها المتحذلقون وأدعياء الثقافة والمعرفة، والمصابون بإسهال الكلام. أتمنى عليهم، وخاصة أولئك المتحذلقون الذين يستخدمون البذاءات في جدالاتهم، أن يعترفوا بالحقيقة، إذ كما عبر صاحب الرسالة السيد (ع.ح.) بصدق، أنهم خارج الزمن. 
 
abdulkhaliq.hussein@btinternet.com




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :