سمير فاضل
سنة 1976 بدأ النظام السياسي في مصر التفكير في عودة الحياة الحزبية لمصر مرة أخري بعد التجربة الأولي التي انتهت مع يوليو 1952 ، لكن هذه المرحلة لم تكن مثل سابقتها ، هذه المرة كانت الحياة الحزبية إرادة نظام وليس إرادة شعب ، وأصدر الرئيس الراحل أنور السادات قرارا بتشكيل ثلاثة منابر في البداية تحولت بعد ذلك الي أحزاب ، تم منحها مقرات فخمة وصرفت أموالا باهظة ليبدوا الشكل مقبولا ، يستثني من هذا المشهد حزب الوفد في حياة أسرة سراج الدين باشا ، المعارضة التي تشكلت في ذلك الوقت تمت صناعتها بدقة بالغة وعلي الرغم من ذلك ظهرت بعض الرموز السياسية الهامة ، والتي كانت قليلة العدد جدا ، وبعضها اعتمد علي مركزه المالي أو العائلة الكبيرة التي ينتمي لها ، المعارضة بشكل عام كانت مصنوعة تماما ، وهذا المشهد فرض واقعا مختلفا علي الحياة السياسية في مصر ، تلعب فيه المعارضة الدور باتقان بالغ في مقابل الامتيازات الكبيرة التي حصلوا عليها في صورة مناصب في مؤسسات تابعة للدولة المصرية ، وبات من الصعب أن تدخل الي دائرة المعارضة الرسمية دون الحصول علي موافقة من إدارة الدولة بذلك ، انتعشت في هذه الاجواء الاصوليات الدينية بكل أشكالها سواء كانت اسلامية أو مسيحية ،
وتحولت الي ملجأ لكل الغاضبين الحانقين علي النظام السياسي ، استمرت هذه الاوضاع طوال فترة حكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك ، بل زادت الاعتمادات المالية الموجه لصالح بعض الاحزاب التي مثلت دور المعارضة للصرف منها علي الجرائد التي كانت تصدر اسبوعيا وتحول بعضها الي يومية ، حياة سياسية مصنوعة بامتياز ، وتمدد التيار الاصولي ايضا بشكل غير مسبوق حتي حدثت ثورة 25 يناير ثم ثورة 30 يونيو ، ظنت المعارضة التقليدية السابقة أنها ستكون في المشهد السياسي القادم بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ، بنفس الشروط السابقة ، ونست هذه القوي انها وضعت يدها في يد المرشد الارهابي في مقابل بعض الفتات الذي القي لهم علي قارعة الطريق ، وبالتالي فهي لا مكان لها في المشهد الحالي والقادم ، وصمت كثيرين منهم جبرا ،
الغضب الحالي من البعض ليس من أجل مصالح هذا الوطن بل هو حزن علي وضعية انتهت تماما ، المعارضة لمجرد المعارضة فقط دون أن يكون لك رؤية ومشروع ترغب في تقديمه للمجتمع هو فشل ، ونتيجه طبيعية لحالة الاستخدام المفرط في دور المفعول به ، تستطيع ان تلاحظ ذلك الان ، التركيز علي أي سلبية دون تقديم حلول لها ، كل ما يحدث ليس له قيمة عندهم ، الكارثة التي يجب أن ننتبه اليها في الوقت الحالي تكمن في ضرورة عدم تكرار التجربة السياسية السابقة في صناعة حياة سياسية سابقة التجهيز فهذه لن تصب سوي في صالح الكيانات الاسلامية الارهابية التي تنتظر أن يحدث ذلك ، وأن لا يستخدم النظام الحالي طريقة المزايدة علي الاسلاميين بأن نكون اسلاميين اكثرا منهم ، هذه طريقة استخدمت مع حسني مبارك ونجحت تماما ، هم الان يحاولون تكرار التجربة ، واخيرا ضرورة استشراف المستقبل والاستعداد التام له ، المستقبل بيدنا نحن فقط يا مصريين وليس بيد اي احد ما كان سواء كان علي الارض أو في السماء المملوءة بالماء والسحب والغازات .