الأقباط متحدون - كُنْ فيكون
أخر تحديث ١١:٢٤ | الجمعة ١ يونيو ٢٠١٢ | ٢٤بشنس ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٧٨ السنة السابعة
إغلاق تصغير

كُنْ فيكون


بقلم- إدوارد فيلبس جرجس
"كن فيكون".. فعل أمر لا يقدر عليه سوى الله عز وجل، هو الوحيد الذي يستطيع أن يأمر فيكون، واعذروني في كلمة وحيد؛ لأنها قد تعني واحدًا من وسط جمع، والله ليس كذلك، فهو الإله الواحد الذي نعبده، وهو الذي خلق السموات والأرض، وهو الذي أمر الشمس والقمر والنجوم والبحار وكل ما في السماء وعلى الأرض وما بينهما، أمر مباشر جبار "كن فيكون"، فيُطاع الأمر دون أدنى تردد، ويكون الشيء، فيرتفع ليكون في السماء، أو ليهبط ليكون على الأرض، ولذا ندعو الله عز وجل بأنه الخالق؛ لأنه خلق كل شيء حتى البشر. بالتأكيد الكلمات السابقة هي أساس العقائد السماوية، وما تعلمناه منذ الصغر، وأصبح شيئًا راسخًا في عقولنا لا يحتاج إلى تفكير أو إعادة تذكرة، ومن يشك فيه للحظة واحدة حتى لو كانت هذه الشكوك مجرد فكرة غير معلنة، فهو خارج العقيدة، لكن ما الذي ذكرني به وهو أساس العقيدة كما ذكرت ولا يحتاج إلى تذكرة؟!

من منا لا يفكر في ما يحدث الآن، وليس الآن فقط، بل منذ 25 يناير وما سميناه بالثورة؟! من منا لم يضرب كفًا على كف؟ وأحداث غريبة، وكلمات أغرب، وفتاوى أغرب وأغرب، تخزق العيون وتثقب الأذان ولا يمر يوم دون أن تطالعنا! وكأنها السخرية تجسمت وامتصت من الدماء ما جعلها تكبر وتكبر حتى تحولت إلى كائن ليس له شكل محدد، لا نعرف له رأس من أقدام، أو قرون من ذيل، أو أي شيء من أي شيء، السخرية التي دفعت بالمرشح الإخواني "محمد مرسي" ليدخل سباق انتخابات الرئاسة، بطريقة "كن فيكون"، وحاشا لله أن أستعير صفة إلهية وألصقها بالبشر، ولذا دعوني أغيرها لتتناسب مع بشريتنا الترابية لتكون "إنزق فانزق"، أو لتكن أقرب للمفهومية "زقوه فانزق"، أو "أنت إستبن" فصار إستبنًا، وشاءت سخرية ما بعد 25 يناير أن يتحول من إستبن إلى عجلة رئيسية، وصدر الأمر إليه "انتفخ فانتفخ"، وصدق أنه عجلة رئيسية، والكارثة أن الإستبن يكون أسوأ عجلة، بالكاد يصل بالسيارة إلى أقرب مكان للحام الكاوتش لإصلاح العجلة الرئيسية، أو قد يكون عجلة صغيرة جدًا تسمى بالإنجليزية "دونات"، لتقوم بنفس المهمة حتى يتم إصلاح العجلة الرئيسية، لا تصلح للسير لأكثر من ثلاثة كيلومترات لحين الوصول إلى محل الإصلاح، للأسف وتحتها آلاف الخطوط الحمراء، أنا لا أتحدث عن مجرد سيارة وعجلاتها، بل الحديث عن بلد كبير، عن وطن، عن شعب قارب على الـ 100 مليون، عن بلد يحتاج إلى علاج مكثف لكل مقوماته التي أصابتها الأمراض منذ زمن طويل، وزادت عِلَلها بعد 25 يناير.

بالله عليكم، هل يصلح لكل هذا مجرد "إستبن" أو "زقوه فانزق"؟ إنني لا أتحدث عن الدكتور "محمد مرسي" كشخص، فهو له كل احترام، لكن أتحدث عنه كمرشح أصبح قاب قوسين أو أدنى لا قدر الله من كرسي الرئاسة، ولا يهمني أن يكون من الإخوان لو انحصر الموضوع فيه هو، وأقول الإخوان فقط لأن إضافة كلمة "مسلمين" لا يمكن أن تكون بحال من الإحوال، فالعقيدة لا يمكن أن تكون مضافًا أو مضافًا إليه، وكلمة " إخوان + مسلمين" لا تجوز، وهو تعبير فاشل لمحاولة إظهار الانتماء الديني. التعبير المناسب للإخوان منذ نشأتهم "الإخوان السلطويون"؛ لأن تاريخهم يؤكد أنهم يبحثون عن السلطة حتى ولو بالعنف، أما التمسح في العقيدة فهو ليس أكثر من عملية تجميل ونفخ سليكوني أو على نظام " متزوقيني ياماما"، مع الإعتذار للأغنية.

إن "مصر" ليست عانسًا تبحث عن عريس، وكما يقول المثل "ضل راجل ولا ضل حيطة"، وإن مكانش "خيرت الشاطر" يبقى "محمد مرسي"، حتى لو كان "مرسي" هيقعد على كرسي بدون أرجل، يسنده له الجماعة كلها، بأمر لا يُخالف من المرشد. إن الإخوان لا يهمهم كما قلت سوى السلطة والكرسي، والكلام الذي نسمعه منهم الآن لزوم الوصول إلى كرسي الرئاسة، هو كلام الليل المدهون بالزبد تطلع عليه الشمس تسيحه، أو نظام تمسكن حتى تتمكن، وإذا تمكن الإخوان- لا قدر الله- يبقى عليه العوض في اسم "مصر" وفي شعبها، وليس ببعيد عنا المقولة الممسوخة للمرشد السابق للإخوان "طظ في مصر والمصريين"، ونضيف إليها ما فاه به واحد منهم منذ أيام قليلة، وهو النائب الإخواني الذي كتبت عنه مقالاً بعنوان "ديك البرابر يؤذن".. صاحب الشو الإعلامي الذي قدم فيه الأذان في قاعة مجلس الشعب وأثناء انعقاد الجلسة، هذا النائب والمفروض أنه مصري لأنه نائب في مجلس الشعب المصري، وليس في مجلس  دولة أو دويلة من أصحاب النفط والريالات ومن شابههم..

هذا النائب تجرد من كل ثيابه المصرية، وأظهر عورته دون حياء، وسب الشعب المصري بأنه شعب قليل الأدب وبيحشش.. لقد كنت محقًا في الكلمات التي كتبتها عنه.. اللسان الذي يؤذن ليقيم شعائر الصلاة لا يجب أن يكون منفلتًا ويشتم الشعب الذي ينتمي إليه بهذه الألفاظ علنًا وعلى الهواء، كان على هذا النائب أن يعي جيدًا المثل القائل "لسانك حصانك إن صنته صانك وإن هنته هانك"، وكما علمت والمصدر هو موقع مصراوي، اللسان الحصان جمح، وألقى بصاحبه أرضًا أثناء برنامج الحياة اليوم الذي تقدمه الإعلامية "لبنى عسل" على قناة "الحياة"، وفي وجود النائب السابق "علاء عبد المنعم"، والكاتب الصحفي "عبد الله السناوي"، وظهرت نتيجة جموح اللسان فورًا عندما تلقى نائب الشعب الذي سب الشعب وشتمه مداخلة تليفونية على الهواء من مواطنة سائلة: هل هذه أخلاق الإسلام الذين تتحدثون عنه، التعالي والتكبر وشتيمة الشعب كل الشعب؟ ومداخلة من مواطنة أخرى: هل هذا هو الإسلام الذي تريدون تطبيقه في "مصر"؟ وهل هذا جزاء أننا أعطيناكم أصواتنا؟ ولن أتعرض لتعليقات أخرى لا تحتمل الكتابة. وسؤال مني للنائب قد لا تكون له إجابة: إلى أي شعب تنتمون أنتم؟!!!! وبأي هوية تلتصقون؟ ألا تعلم أن المقعد الذي تطاحنت للوصول إليه هو مقعد بمجلس الشعب؟!!!!  ولا ملامة، ياما في الأفواه ألسنة، وياما في الإسطبلات أحصنة.

إنني والله أكاد أشعر بالجنون عندما أفكر أن "مصر" يمكن أن يحكمها رئيس لا قدر الله من طراز "زقوه فانزق"؛ لأنني أعلم أنه سيظل في نفس مكانه الذي انزق عليه والذين زقوه هم الذين سيحكمون البلد، وياله من حكم!!!! كان الأمر سيهون لو كانوا  يدينون بمبدأ "أين مصلحتك يا وطن"، ولهم القدرة على أن يقيموا "مصر" من عثرتها، لكن العينة بينة، ومجلس الشعب الذي احتلوا معظم مقاعده، تحول إلى مصطبة في قرية، نوابه وأراؤهم ما شاء الله!!! كم من أراء طُرِحت داخل قاعته أضحكت الأطفال وهي لا تزال في بطون أمهاتها، وخير مثال النائب الذي وقف يستنجد برئيس المجلس وكأن كارثة ستطيح بمصر وشعبها، النائب وقف وعلى وجهه تعبيرات يعجز القلم عن وصفها، وهو يصرخ بحنجرة اهتزت لها القاعة، بأن هناك مؤامرة لازدراء الدين الإسلامي عن طريق لعب الأطفال التي تباع على الأرصفة، ورفع يده بلعبة قال أنها تسب السيدة عائشة، ثم اتضح بعد ذلك بأنها كلمات بالإنجليزية لا تمت بأي صلة لما إدعاه!.. قررت بعدها أن أرسل لسيادة النائب لعبة من "أمريكا" تقول: "ماما زمانها جاية" لكنها تنطقها بالإنجليزية، فهل سيفهم ما تقوله؟ وهل سيفهم ما أقصده؟.

لقد انحصرت أفكار النواب في لعبة تباع على الرصيف أو الاعتراض على أغنية أو فيلم، هل من المعقول أن يسعى السادة الإخوان إلى الاستيلاء على كل "مصر" من رئيسها إلى خفيرها وهم بهذه العقلية المضيئة!!!! وبمنطق وأفكار يمكن أن تُذري بمصر وشعبها بمذراة الضياع؟.

من كل خلجة لقلبي الذي تحتل "مصر" خاناته الأربع، أقول للسادة الإخوان: إن كنتم تحبون الوطن كونوا وطنينين، لأن "مصر" هي وطنكم ولا يجب أن يكون انتماؤكم لمكان آخر، وإن كنتم تحبون الله فاعبدوه بالإسلام الحقيقي وليس الإسلام المظهري، وإن كنتم تحبون الله والوطن فاعطوا ما لله لله وما للوطن للوطن، وما تعطوه لله بالتأكيد أنا لا أُعَرِفكم به، وباطل ما أقوله في هذا المجال؛ لأنني لا أعرف في العقيدة كما تعرفون، لكن ما تعطوه للوطن فبالتأكيد أعرف فيه أكثر منكم؛ لأنني أحبه دون دوافع أو مقاصد أو أغراض. وأقول لكم: كونوا شجعانًا واعترفوا  بأن "محمد مرسي" لا يصلح للرئاسة. إن المثل يقول "أعطوا العيش لخبازينه حتى لو أكلوا نصفه"، و"محمد مرسي" معروف للجميع أنه لم ولن يكون خبازًا للسياسة أو الاقتصاد أو لأي شيء فيه مصلحة الوطن، وإذا خبز فلن ينتج سوى خبز مسحول بلغة الأفران لا يؤكل ولا تقبل عليه النفس، مصيره صناديق القمامة، أو يُلقى للدواجن والحيوانات. إن من يحب هذا البلد لابد أن يعترف أن أمهر خباز بين المتسابقين إلى كرسي الرئاسة هو "أحمد شفيق"، والرجل لن يأكل نصف الخبز، بل سيقدمه كله لمصر ولشعبها. يجب أن يكف المثرثرون بأقاويل كلها نشاز عن الفلول والعزل.

فليس كل من خدم أو تعامل مع النظام السابق فلول، وأخشى أن يصبح كل من كرمه النظام السابق فلول أيضًا! إن ما يُقال عن "شفيق" لا يمت للحقيقة بشيء، كلمات الغرض منها كسب الأصوات لصالح المرشح الآخر، تاريخ "شفيق" تاريخ مشرف بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، وما فعله خلال الشهر الذي أمضاه كرئيس للوزراء بعد 25 يناير يعجز عنه غيره ممن يدعون القدرة على الرئاسة، أما تاريخه قبل 25 يناير فهو معروف للقاصي والداني، ومشرف جدًا مهما حاولت الألسنة الحادة أن تجرحه، ومهما حاولت الحناجر المنطلقة أن تصدمه، والذي أعطى "محمد شفيق" صوته ليس خائنًا ولا تابعًا للنظام السابق، بل حكيمًا وعاقلاً، ويعلم جيدًا أن "مصر" الآن تحتاج إلى يد تعرف كيف تضع الطوبة فوق أختها ليكون البناء قويًا ومستقيمًا، لا إلى يد تفكك حجارة الأهرام لتصنع منها مقابرًا للحضارة والفكر والإبداع!

كم أحزنتني الوجوه المتلونة كالحرباء التي انقلبت فجأة لتنعت "شفيق" بالفساد والدماء بعد أن انحصر الكرسي بينه وبين "محمد مرسي"! ولعبت في رأسي الأفكار.. إذا كان الفقراء والجهلاء تُشتَرَى أصواتهم بالزيت والسكر، فبكم يا ترى باع هؤلاء ألسنتهم لتنثر الأكاذيب المضللة على رجل شريف ونزيه؟ لا تَدَعُوا التعصب الأعمى يقودكم إلى المهانة، وتذكروا ما قاله الأجداد "لسانك حصانك إن صنته صانك وإن هنته هانك"، ولا تدعوا ألسنتكم تقفز بالباطل خارج أفواهكم لتفضح عقولكم الجوفاء، وعلى كرسي الرئاسة الفرق شاسع ولا يمكن قياسه بين "مرسي" و"شفيق"، ومن لا يعرف الفرق بين الغث والسمين مثل من باع بصره وبصيرته للشيطان.  


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter