أكدت مؤسسة جولد مان ساكس الأمريكية، إحدى كبرى المؤسسات المالية العالمية، أن اقتصاد مصر لا يزال قويًا وراسخًا وينمو بشكل حقيقي يجعله الأقوى بين الأسواق الناشئة، وأن مصر حققت نجاحًا مثيرًا للإعجاب في برنامجها الاقتصادي الذي تنفذه منذ 2016، مما أدى إلى الاستجابة السريعة من قبل صندوق النقد الدولي بالموافقة على اتفاقي أداء التمويل السريع وبرنامج اتفاق الاستعداد الائتماني مع الحكومة المصرية.

وذكرت جولدمان ساكس في تقريرها، أن وباء كورونا أصاب مصر مثل جميع البلدان الأخرى، مشيرة إلى أن الإغلاق غير الكامل بالإضافة إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها السلطات المصرية قد ساعد على حماية البلاد من إلحاق ضرر أكبر بالاقتصاد.

وتوقعت انتعاش القطاع السياحي في مصر في الربع الثالث من العام المقبل بعدما تأثر سلبًا بتداعيات فيروس كورونا، حيث تشكل السياحة 20% من إجمالي النشاط الاقتصادي، وهو ما يجعله القطاع الأكثر تضررًا، مشيرة إلى أن التعافي يعتمد بشكل أساسي على تطورات إنتاج اللقاح المضاد لفيروس كورونا.


وترى جولدمان ساكس أن السوق المصرية شهدت خروج استثمارات بلغت حوالي 20 مليار دولار في الفترة من مارس حتى يونيو الماضي، ولكن نصفها تقريبا بما يعادل 10 مليارات دولار، قد عادت مرة أخرى في الأشهر الأخيرة، كما توقعت تحسن تحويلات المصريين العاملين بالخارج بعد تراجعها في الفترة الأخيرة.

وأكدت المؤسسة الأمريكية أنها لا تزال ترى أن الجنيه المصري سيظل قويًا مع اتجاه تصاعدي، في ظل التوقعات بتوالى التدفقات الداخلة  إلى البلاد، موضحة أن ارتفاع الجنيه لن يشكل أي مخاطر كبيرة على القدرة التنافسية للصادرات المصرية، مطالبة في الوقت نفسه بضرورة تشجيع القطاع الخاص على زيادة الاستثمار في مجالات البحث والتطوير وبناء القدرات.

وكشفت جولدمان ساكس أنها تعتزم جديًا وضع توقعات للجنيه المصري في المستقبل القريب في ضوء التطورات الأخيرة لاستجابة العملة لقوة العرض والطلب في سوق العملات الأجنبية.

وتوقعت جولدمان ساكس استقرار معدل التضخم عند حوالي 4.5% خلال الشهرين المقبلين وهو معدل أقل من مستهدفمصري'> البنك المركزي المصري مع احتمالية عودة التضخم إلى نطاق ما بين 7% و7.5% مستقبلا.

وأكدت أن معدل سعر الفائدة الحقيقية في مصر والعائد من أدوات الدين البالغ حوالي 6.5% و6.7% من بين المعدلات الأكثر جاذبية على مستوى العالم مقارنة بمعدلات بين 1% و0.5% التي تقدمها الدول المناظرة ما يعزز شهية المستثمرين  الأجانب والتوقعات بشأن التدفقات الأجنبية.

ورجحت مؤسسة جولدمان ساكس اتجاه المركزي المصري للخفض التدريجي لأسعار الفائدة، متوقعة في الوقت نفسه عدم تأثر التدفقات النقدية الأجنبية حال خفض الفائدة، مؤكدة أن اقتصاد مصر الكلي لا يزال قويًا وراسخًا وينمو بشكل حقيقي.

وتوقعت أن تنخفض عائدات سندات الخزينة بشكل طفيف في ضوء ارتفاع الطلب الأجنبي عليها، كما توقعت أن تساعد إمكانية الحفظ المركزي والتسوية للسندات الدولية لدى يوروكلير بنك وإدراجها في مؤشرات جي بي مورجان خلال العام المقبل، في خفض عائدات السندات ذات الآجال الطويلة.

ورأت مؤسسة جولدمان ساكس أن السياسات الداخلية في بلدان الأسواق الناشئة لا تزال مصدر قلق كبيرا، بالإضافة إلى المخاطر الجيوسياسية التي لا تزال قائمة، خاصة بسبب الصراعات الليبية والإثيوبية.

وقالت إن المستثمرين يفضلون حاليا الآجال القصيرة لمنحنى العائد، حيث إن فترة الثلاثة أشهر تتمتع بأعلى فارق لسعر الفائدة، بينما تفضل مؤسسة جولدمان ساكس مدة الـ 12 شهرا، ولا تزال هناك مخاوف بشأن السيولة فيما يخص السندات ذات الآجال الأطول باستثناء السندات ذات أجل 3 سنوات والتي تتمتع بطلب محلي قوي، حيث تستخدمها البنوك لمقابلة التزامات منتجاتها.

التوقعات بشأن تحركات أسعار الفائدة من قبلمصري'> البنك المركزي المصري، ذكرت مؤسسة جولدمان ساكس أن تحركات أسعار الفائدة تعتمد بشكل كبير على تحقيق التوازن بين توقعات التضخم لدىمصري'> البنك المركزي المصري وحماية تدفقات الاستثمارات الأجنبية، مشيرة إلى أنه على الرغم من وجود مجال لخفض أسعار الفائدة بالسياسة النقدية، إلا أن السيناريو الأساسي الذي تتوقعه جولدمان ساكس هو أنمصري'> البنك المركزي المصري سيظل في وضع الانتظار والمراقبة والإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير للحفاظ على معدل الإقبال على الاستثمار في أدوات الدين المصرية وأفضلية العائد.

وأشارت إلى أنمصري'> البنك المركزي المصري يستهدف على المدى المتوسط خفض أسعار الفائدة لتصل إلى معدلات فائدة حقيقية في حدود 2.5% نزولًا من 6.5% في الوقت الحالي، موضحا أنه بافتراض أن التضخم سيرتفع نحو 2% من معدلاته الحالية، فإن البنك المركزي سيقوم بعد ذلك بخفض أسعار الفائدة بنسبة الـ 2% المتبقية.

وأكدت جولدمان ساكس أن تركيا لم تعد تنافس مصر ضمن الأسواق الناشئة بعد الآن بسبب تدهور أوضاعها بشكل يحول دون إقبال المستثمرين الأجانب عليها، مشيرة إلى أن مصر هي الأفضل بين أقرانها من حيث العائدات الحقيقية.