هاني لبيب
تابعت خلال الأيام القليلة الماضية، ردود الأفعال حول مقال رجائى عطية «نقيب المحامين» فى جريدة الشروق تحت عنوان «بين السيد المسيح عليه السلام والتلاميذ» فى 26 أغسطس الماضى، وهى ردود ارتكزت فى القليل منها على النقاش المعلوماتى، لكن معظمها انطلق من ردود انفعالية دفاعاً عن العقيدة المسيحية.
وأود أن أسجل هنا بعض الملاحظات السريعة حول هذا السجال.
أولاً: ملاحظاتى هنا على رجائى عطية ككاتب، وليس كنقيب المحامين، لكى لا يتم خلط الأوراق، وإقحام النقابة فيما ليس من شأنها، وحتى لا يستغل البعض هذا الأمر فى تصفية حسابات انتخابية من جهة، ولكى لا تتحمل نقابة المحامين رأياً شخصياً لأحد أعضائها قبل أن يكون فى منصب النقيب، وهو ما يشبه محاولات البعض لاستغلال دفاعه عن جماعات التكفير والهجرة سنة 1977 ودفاعه عن خالد الإسلامبولى فى قضية اغتيال الرئيس السادات سنة 1981 باعتبارها عملاً مشيناً، وليس قياماً بدوره المهنى.
ثانياً: ما كتبه رجائى عطية ارتكز بالكامل على كتاب «عبقرية المسيح» لعباس محمود العقاد، وهو كتاب عليه ملاحظات كثيرة من العديد من باحثين ومتخصصين، سواء فى دقة معلوماته التاريخية، أو فى أسلوب تناوله للسياق الاجتماعى والثقافى لحياة السيد المسيح، ولم يستند إلى أى مراجع أو مصادر معتبرة فى هذا الشأن، سواء باللغة العربية أو غيرها. وهو ما جعل الأمر وكأنه يتبنى رأى العقاد وينحاز إليه رغم الاعتراض على الكثير مما جاء به، كما أن ارتكاز المقال المذكور على مصدر واحد فقط فى تناول نشأة المسيحية.. تسبب فى خلط بين الأحداث التاريخية وشخصيات تلاميذ السيد المسيح التى ذكرها، كما أن هناك فرقاً واضحاً بين القراءة عن الكتاب المقدس وقراءة الكتاب المقدس فى النصوص القاطعة الورود والدلالة حسب الوصف الفقهى الإسلامى، فضلاً عن الاختلاف فى مفهوم الوحى بين المسيحية والإسلام.
ثالثاً: أعتقد تماما فى حرية الرأى والفكر لأقصى حد ممكن، وأؤمن أن الفكر يواجه بالفكر، وبالتالى لحرية الفكر وجهان لا تعارض بينهما، الأول ضد تكفير المختلفين أو اتهامهم بازدراء الأديان. والثانى هو عدم تناول الثوابت الدينية لأى عقيدة بالتشكيك أو التهوين أو التأويل بعكس حقيقتها التى يؤمن بها أتباعها، تجنباً لتحول الأمر إلى تطاول طائفى لا يمكن وقف تبعاته، وأكرر ما ذكرته كثيراً قبل ذلك من أن العقائد الدينية قوية بثوابتها وبإيمان أتباعها، وبالتالى فهى ليست محل اختبار، بسبب رأى هنا أو هناك، إذ إن هناك من يسعون للنيل من مصداقيتها وتحقيق انتصار وهمى وافتراضى لدين على حساب دين آخر.
رابعاً: نحتاج أن يرى كل منا الطرف المقابل له حسبما يريد هذا الطرف أن يعرف نفسه، وليس حسبما أريد أنا أن أراه حسب وجهة نظرى وانحيازاتى.. فلا يمكن قبول الاختلاف دون أن يكون هناك احترام وتقدير حقيقى لعقيدة كل طرف حسبما يؤمن بها، ولا يعنى هذا مطلقا أن يتنازل أى طرف عن إيمانه بعقيدته.
نقطة ومن أول السطر..
أنا لست أنت..
اعرفنى كما أنا.. حسب قناعاتى، ولا تعرف عنى حسبما تريد أن ترانى.
نقلا عن المصرى اليوم