خالد منتصر
لن أناقش تفاصيل قضية الفيرمونت، فهى أمام النيابة. وللأسف كثير من التفاصيل مثير للغثيان ومضلل للتحليل السليم، لكنّ هناك شيئاً على هامش تلك القضية يمثل عواراً اجتماعياً وعورة أخلاقية، وهى أننا حتى هذه اللحظة ما زلنا لم نستطع دمج الجنس مع الحب، ما زال الشباب يبحث عن الجنس لذاته ولا يستطيع إقامة علاقة حب وجعلها تنمو، الكل يبحث عن لقطة التصوير ولحظة النشوة والشو، لكن أين الحب؟؟.
فى الغرب يسمون الجنس بأنه making love صناعة الحب، لكننا ما زلنا نصفه بالنكاح، معظم العلاقات الحميمة فى الزواج صارت اغتصابات مقننة، وصار الكثير من الأزواج وهذا من خبرة واعترافات مترددين على عيادات الأمراض الجنسية، يدمنون مواقع البورنو، نحن جهلنا أن الحب ليس نيزكاً هابطاً من الفضاء، لكنه نبات رقيق يحتاج إلى الرى الدائم، نحن لا نقع فى الحب، نحن ننمو فى الحب، وهذا الحب ليس نباتاً شيطانياً يظهر فجأة وليس أيضاً نبات صبار يحتمل هجير الصحراء الموحشة وجفافها القاسى، إنه زهرة رقيقة تحتاج إلى مزيد من العناية والبذل والتنازلات والتخلى عن النرجسية حتى تخرج من الصوبة المعقمة لتضرب بجذورها قوية وسط الأحراش والعواصف وبراكين المجتمع الذى لا يكره شيئاً فى الكون مثل كراهيته للحب، وعلى المحب أن يقول لنفسه من آن لآخر إنى أحب لأننى يجب أن أحب، لأنى أريده، أنا أحب من أجل نفسى لا من أجل الآخرين، إننى أحب من أجل ما يكسبنى الحب إياه من مرح وبهجة، فإذا دعمنى الآخرون فسيكون ذلك طيباً، لأننى أريد أن أحب، ولنستمع إلى تلك الأغنية اليابانية التى تقول:
أما وقد احترقت صومعة غلالى
حتى سويت بالأرض
فإنى أستطيع الآن أن أرى القمر!!
الشاب يبحث عن اللقطة، عن الصورة التى سيتفاخر بها أمام أصدقائه، أما صاحبة اللقطة فهى مجرد إكسسوار جنسى فى الكادر، هو يمارس كل تفاصيل العلاقة الحميمة بدون إحساس، بدون حب، لأنه يضبط بؤرة العدسة، ولا يضبط بوصلة القلب، منشغل بزاوية التصوير وكمية الضوء، لا زاوية العاطفة وكم الحميمية، هؤلاء يعانون من تصحر مشاعر، وجفاف عاطفة، وتوحش غريزة، وجهل ثقافى، آخر مرة شاب أو شابة مصرية شاهدا فيلماً رومانسياً كان فيلم «حبيبى دائماً»، الشباب لا يشاهدون حباً بجد على شاشة السينما أو التليفزيون، إنهم يبحثون عن لذة التفوق ونشوة اختلاس الكادر، ما حدث فى تلك القضية ليس مجرد عشوائية اجتماعية، بل انتحار ما كان يسمى الحب، فلنقم له سرادقات العزاء.
نقلا عن الوطن