بقلم : هاني صبري لبيب المحامي
تقدمت ببلاغ رسمي رقم 162 لسنة 2020 إلي السيد القاضي الجليل / رئيس محكمة النقض بصفته رئيس مجلس القضاء الأعلي.
ضـــــــد
السيد الأستاذ / محمد رجائي عطية عبده نقيب المحامين
ونتشرف بعرض الآتي
قام سيادة المشكو في حقه بتاريخ 26 / ٨ / ٢٠٢٠ بنشر مقال في موقع بوابة الشروق الإليكترونية تحت عنوان “بين السيد المسيح عليه السلام والتلاميذ” ، كما نشره في موقع نقابة المحامين، وعلى حسابه الرسمي على مواقع التواصل الاجتماعي. (ومرفق لعدلكم صورة ضوئية من مقال المشكو في حقه) والذي يُزعم فيه أنه يستعين بأقوال عباس محمود العقاد، وهي تحمل في طياتها ازدراء للمسيحية، وطعن في صحة الكتاب المقدس، وعبارات منسوب صدورها للسيد المسيح لم يقولها إطلاقاً «إنما بنوة الله بالأعمال ، وإنما أنتم بأعمالكم أبناء إبليس» لا نعلم من أين أتوا بهذه العبارة ؟!.
حيث قام المشكو في حقه باجتزاء الأحداث والمواقف من سياقها، ناهيك عن المغالطات التاريخية والكتابية، ويدعي لأسباب لا نعلمها عبارات غير صحيحة لمحاولة التشكيك في السيد المسيح والنيل منه، ومن صحة الكتاب المقدس.
وإزاء ما حدث، نرفض مثل هذه المزاعم جملة وتفصيلاً، ومثل هذه الأمور تضر بالسلام بالاجتماعي، وفيها تكدير للسلم والأمن العام، وقد تشق الصف بين نسيج الوطن الواحد.
حيث يُزعم المشكو في حقه بحصر كلماته "أن السيد المسيح عليه السلام مضى شوطا بعيدا فى دعوته دون أن يقول إنه هو المسيح المنتظر، فشاع ذكره فى القرى وتساءل الناس عنه: من يكون؟ وتختلف وتتباين الإجابات، والمسيح لا يقول إنه المسيح".
هذا الإدعاء غير صحيح فالسيد المسيح ذكر في أكثر من موضع من يكون ذكرها أمام العالم أجمع، وجموع الشعب، وأمام مجمع اليهود وأمام بيلاطس البنطي الحاكم الروماني آنذاك، وأن الكتاب المقدس من سفر التكوين لسفر الرؤيا ينطق حسب إيماننا المسيحي بألوهية السيد المسيح وهناك مئات الآيات التي تدحض هذه الإدعاءات منها علي سبيل المثال وليس الحصر:.
ذكر السيد المسيح بفمه الطاهر في إنجيل يوحنا ( 10: 30) “أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ».”
وذكر أيضاً في إنجيل يوحنا ( 14: 9) ” اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ، فَكَيْفَ تَقُولُ أَنْتَ: أَرِنَا الآبَ؟”
وأيضاً جاء في رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس ( 3 : 16) “عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد” هذه الآية واضحة أن المسيح هو الله. هذا هو إيماننا المسيحي.
كما يُزعم المشكو في حقه بحصر الكلمات الواردة في مقاله “تداول عشرات الأناجيل، ثم ارتضى آباء الكنيسة أربع نسخ منها بالاقتراع، هي إنجيل مرقس، وإنجيل متى، وإنجيل لوقا، وإنجيل يوحنا.
كما يدعى أيضا وفقاً لأقوال العقاد ـ أن الأناجيل جميعا تعتمد على نسخة آرامية مفقودة يشيرون إليها بحرف ك «Q»، مختزل من كلمة «كويل Quelle» بمعنى الأصل”.
ثم يضيف على حد قوله تتفق الآراء على أن أثنين من كتاب الأناجيل هما: مرقس، ولوقا ـ لم يلتقيا بالسيد المسيح، فقد دون مرقس ما سمعه من بطرس الرسول بغير ترتيب وعلى غير قصد فى التجميع، ودون لوقا ما سمعه من بولس الرسول، ولعله أضاف إليها جزءا من النسخة المفقودة ثم جزءا من إنجيل مرقس بعد إطلاعه عليه.
هذه الإدعاءات باطلة وعارية تماماً من الصحة، العهد الجديد كتب باللغة اليونانية وليس الآرامية، وهناك تطابق بين النسخة الأصلية الموجودة وبين النسخة الحالية الموجودة بين أيادينا، وهذا ما تؤكده المخطوطات والحقائق التاريخية والعلمية الثابتة، فضلاً عن أن مرقس أحد السبعين رسلاً الذي اختارهم السيد/ المسيح وتقابل معه كثيراً، وهو كاروز الديار المصرية.
أننا نؤمن كمسيحيين بأن الكتاب المقدس هو كلمة الله، ونؤمن بعصمته معني وحرفا، تم كتابته بالوحي المقدس وليس نقلاً عن بطرس أو بولس أو غيرهم كما يُزعم، وأن الله قادر علي حفظ كلمته.
يقول الكتاب المقدس في بطرس الثانية ( 1: 21) "لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ."
كما ورد أيضاً في إنجيل لوقا ( 21 : 33) “اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ.” (لو 21: 33).
أن ما يدَّعيه المشكو في حقه هو ترويج لأفكار غير صحيحة ومغلوطة وليس لها أي علاقة بالسرد التاريخي، إنما تمس العقيدة المسيحية وفيها إهانة للمسيحيين وازدراء الدين المسيحي، وهذه الإدعاءات تفتقد إلي الدقة، وفيها طعن في صحة الكتاب المقدس بدون سند صحيح.
حيث أننا لسنا في معرض تأصيل فقهي ، ولكن سوف أرد بآية واحدة من القرآن الكريم تثبت صحة الكتاب المقدس استشهد بما يُؤْمِن به ، في سورة العنكبوت الآية ٤٦ " وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ".
وهذه الآية محكمة وليست منسوخة وفق تفسير الأمام الطبري وأبن زيد وآخرين، وهذه الآية الكريمة دليل وشهادة، علي صحة الكتاب المقدس، وشهادة علي التوحيد من أهل الكتاب، وهناك عشرات الآيات في القرأن الكريم ، والأحاديث الشريفة التي تقرر توحيد أهل الكتاب ، وصحة الكتاب المقدس.
وما يدَّعيه المشكو في حقه مخالف أيضاً للقانون ويمثل جرائم استغلال الدين للترويج لأفكار غير صحيحة بقصد إثارة الفتنة وتحقير وازدراء الدين المسيحي والطوائف المنتمية له ، والإضرار بالوحدة الوطنية وتكدير السلم والأمن العام.
ويستفاد ذلك من نص المادة ( 98 و) من قانون العقوبات تنص علي "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه، ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية".
والقانون يعرف جريمة ازدراء الأديان بأنها احتقار الدين، أو أحد رموزه، أو مبادئه الثابتة، أو نقده أو السخرية منه بأي شكل من الأشكال، أو إساءة معاملة معتنقيه، لأن مثل هذه السلوكيات هي التي تثير الفتن، ومن هنا، فإن الهجوم بأي شكل على كل ما يتعلق بالدين يعد ازدراء له، وأن الازدراء أو التجديف هو عدم إظهار تقدير أو احترام تجاه شخصيات مقدسة في الديانات الإبراهيمية، أو الأعتداء علي قدسية الاعتقاد الديني والإساءة للدين ، ومهاجمة العقيدة ، والذي يعبر عنه بالتطرف الديني، إما باحتقاره، وإهانة الدين، أو التشدد المخل، وهي الصورة الأكثر انتشارا.
أن محكمة النقض، أرست قاعدة قانونية جديدة " أن حرية الاعتقاد واعتناق الأديان، لا تبيح لمن يجادل في أصول أي دين من الأديان الآخري امتهان حرمته، أو الحط من قدره، أو إزدرائه عن عمد.
وجاء نص القاعدة القانونية ، أن حرية الإعتقاد مكفولة بمقتضى الدستور، إلا أن هذا لا يبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه عن عمد منه،.. فليس له أن يحتمي من ذلك بحرية الاعتقاد.
وأن ما أقترفه المشكو في حقه يعد جرائم مكتملة الأركان، وهذا ثابت من خلال تصريحاته والتعدي بالقول وبطريق العلانية علي الدين المسيحي وازدراءه.
وعندها شعر باستياء الغالبية العظمي من كل أطياف الشعب المصري الأصيل الذي يفرض مثل هذه الأفكار والدعوات، أصدر بيان عبارة عن حديث الذكريات وتجاهل سيادته مقاله الذي تسبب في المشكلة وتحدث عن الماضي وحبه وتمجيده للسيد المسيح، فلماذا تزدريه وتزدري الكتاب المقدس إذن؟! ، متخفياً خلف العقاد ، نحن أمام واقعة محددة تشكل جريمة ازدراء الدين المسيحي والمسيحيين، تكدير السلم والأمن العام.
أن ما يدعيه المشكو في حقه ليس نقلاً كما يُزعم وإنما يعد ترويج لأفكار خاطئة تفتقر إلي السند الصحيح من الواقع أو القانون وتدحضها الحقائق العلمية و التاريخية الثابتة. وراح سيادته ينسج من خياله جدلاً عقائدياً يمس أصل العقيدة المسيحية ويشكك في صحة الكتاب المقدس، مما يجعل المتلقي غير العالم بالأمور يتشكك في الكتاب المقدس، ويخلق حالة من الجدل والصراع، وقد تحدث فوضي لا قدر الله قد تعصف بالاستقرار الذي تعيشه مصرنا الحبيبة،
فهناك ملايين الاّراء التي تمس الأديان الإبراهيمية فهل يعقل أن يسخ أحداً تلك الأفكار الغير صحيحة لينال من الآخرين ويزدريهم ويزعم كما زعم المشكو في حقه أنه حديث عن التاريخ ، فالدين علاقة خاصة بين الناس وربه ويجب علي الجميع احترام معتقدات الآخرين .
ومثل هذه الأمور ليس بخاف علي المجلس الموقر، أن المشكو في حقه يروج لأفكار مغلوطة تثير الفتن وفيها تعكير للسلم والأمن العام، ويزعم أنها أقوال العقاد للهرب من المسؤولية ، هناك قواعد للبحث العلمي الصحيح لم يتبعها، ليزدري الدين المسيحي ، ويطعن في صحة الكتاب المقدس.
أن حرية الاعتقاد والرأي مكفولة وفقًا للدستور والقانون، لكن هناك ضوابط وضعها المشرع لصون هذا الحق من العبث وحماية المجتمع وعدم الإضرار بالوحدة الوطنية وحماية الأمن القومي للبلاد ، نحن في أمس الحاجة إلي وحدة وتماسك كل أبناء الشعب المصري لمواجهة كل ما يحاك ضد الوطن من مؤامرات، في ظل هذه الظروف الصعبة والاستثنائية التي تمر بها منطقتنا العربية التي تموج بالصراعات وهناك تهديدات لحدودنا، وتخوض البلاد حرباً شرسة ضد الإرهاب.
وقد يستغل أعداء الوطن في الداخل والخارج مثل هذه الأفكار الغير صحيحة التي يدعيها المشكو في حقه لإثارة الفتنة بين المصريين، للنيل من هذا الوطن المفدي.
فضلا عن قيام المشكو في حقه باقحام نقابة المحامين في الأمر بنشره مقاله علي صفحتها الرسمية ، وهذا يؤثر علي دور النقابة المجتمعي، فالنقابة ليست مكانك لجدلاً عقائديا أو صراعات أو صدامات بين المصريين، ولا يصح بأي حال من الأحوال الترويج لمثل هذه الأفكار من خلال منبرها.
وحيث إن المشكو في حقه هو النقيب العام لمحامين مصر ، وتنص المادة 103 من قانون المحاماة رقم ١٤٧ لسنة ٢٠١٩ " أن تسري أحكام قانون السلطة القضائية بشأن رجال القضاء على جميع إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى العمومية أو التأديبية على النقيب العام"
بناء عليه
يلتمس الطالب : أصلياً إتخاذ الإجراءات القانونية تجاه المشكو في حقه والمنصوص عليه في قانون السلطة القضائية، والتحقيق معه وإحالته للمحاكمة الجنائية العاجلة لارتكابه جريمة ازدراء الأديان، وتكدير السلم والأمن العام، والإضرار بالوحدة الوطنية.
واحتياطيا: الإذن لنا بإتخاذ الإجراءات القانونية ضد المشكو في حقه.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام