بقلم : الدكتور مجدى شحاته
واجه قداسة البابا تاوضروس الثانى منذ اليوم الاول بعد تواليه المسئولية ، العديد من التحديات والازمات والضيقات والتى تصدى لها بكل ايمان راسخ ، وثقة قوية ، ويقين ثابت برب المجد يسوع .
تحديات أكدت وأظهرت مدى حبه واخلاصه لكنيسة المسيح ، ووطنية بالغة يشهد بها كل العالم ، متحليا بشجاعة فائقة وحكمة نادرة ورزانة واتساع افق . حدث ذلك فى وقت حرج للغاية يمر به الوطن الغالى ، يتطلب قائدا قويا يقود الكنيسة القبطية العريقة الى بر الامان . قائد يحمل كل تلك المقومات
والصفات ، وبارشاد الروح القدس الذى يبارك كل خطوات قداسة البابا . فبات كل ما يواجه قداسة البابا من تحديات وأزمات وضيقات وكأنه لا شئ ، عدم ، مجرد هباء فى قبض الريح .
فى مقالين سابقين سردنا بايجاز شديد بعض انجازات قداسة البابا تاوضروس الثانى فى مجالات : العمل الرعوى والوطنى والتنظيم الادارى . وفى هذا المقال نستعرض فى عجالة انجازات البابا فى مجال الزيارات الرعوية والمسكونية حول العالم وكذلك العمل على ضبط الاديرة والحياة الرهبانية .
ان وحدة البشر معا فى المسيح هى قصة عمل الله فى تاريخنا الانسانى .
ان هدف المحبة فى المسيحية هو ان " يكون الجميع واحد " وحدة الكنيسة هى اساس لاهوتى بدونها لا يكون الانسان مسيحيا . السيد المسيح له المجد مسيح العالم كله ، جاء لكل البشر . ان كنا نؤمن به كذلك ، ونؤمن أننا به متحدون فقد أصبحنا مسئولين بمقتضى ايماننا هذا عن وحدة الطبيعة البشرية فى المسيح بكل شعوبها وأجناسها ولغاتها وأديانها وعقائدها وطوائفها .
فنحن مسئولين عن وحدتها داخل قلوبنا داخل ايماننا داخل وجودنا وكياننا المسيحى ، هذا ان كنا حقا فى المسيح والمسيح فينا . دون المساس او التفريط فى الايمان الكتابى او العقائدى او التقليد المسلم الينا من الآباء الرسل .
من هذا المنطلق قام قداسة البابا تاوضروس الثانى بزيارة كنيسة الفاتيكان فى مارس 2013 حيث تقابل مع قداسة البابا فرنسيس الذى رد الزيارة بقدومه الى مصر فى ابريل 2017 .
وقد وصفت كل من الزيارتين بالتاريخية نظرا لأهمية كلا من كنيسة الاسكندرية والفاتيكان . كان فى استقبال بابا الفاتيكان فى مطار القاهرة الدولى السيد رئيس الوزراء المصرى شريف اسماعيل . بعدها قام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي باستقبال البابا فرنسيس استقبالا رسميا كرئيس لدولة الفاتيكان فى قصر الاتحادية ، أعقبها جلسة مباحثات بين الطرفين . خلال تلك الزيارة التاريخية ترأس البابا تاوضروس الثانى والبابا فرنسيس مراسم الصلاة المسكونية بمشاركة رؤساء الطوائف المسيحية فى الكنيسة البطرسية بالقاهرة .
وفى مجال العمل الرعوى والمسكونى ، قام قداسة البابا تاوضروس الثانى بحوالى 31 زيارة رعوية خارج مصر الى دول المهجر واوروبا ودول عربية . حيث تنتشر الكنائس القبطية فى حوالى 65 دولة فى شتى ارجاء العالم . خلال تلك الزيارات قام قداسة البابا بأقامة القداسات والقاء العظات وتدشين
كنائس جديدة ولقاءات مع مسئولين كبار، بغرض توطيد العلاقات الطيبة بين الكنيسة القبطية المصرية وسائر دول العالم وقد أرسى قداسة البابا دعائم المودة والمحبة بزيارة كل من دولة الامارات العربية ودولة الكويت والجمهورية اللبنانية .
وفى لقاء تاريخى قام العاهل السعودى جلالة الملك سلمان عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية ، باستقبال قداسة البابا تاوضروس الثانى بمقر اقامته بالقاهرة خلال زيارة رسمية للقاهرة . وكان من أهم نتائج الزيارة ، الموافقة على سفر نيافة الانبا مرقص مطران شبرا الخيمة الى المملكة العربية السعودية وأقامة أول قداس قبطى ارثوذكسى فى تاريخ المملكة لخدمة ابناء الجالية القبطية الارثوذكسية العاملين بالمملكة .
اما من ناحية الاديرة وتنظيم وضبط الحياة الرهبانية . كانت بداية قوية بغرض الكشف عن كافة الانحرافات فى مجال الرهبنة عن مسارها الطبيعى . الكل يعلم انه من قدم التاريخ لم تكن الاديرة بمنأى عن الحوارات والخلافات اللاهوتية .
وخير مثال على ذلك الازمة التى تعرض لها القديس يوحنا ذهبى الفم ، بطريرك القسطنطينية مع بابا الاسكندرية الانبا ثاؤفيلوس ، أو دورالانبا شنودة رئيس المتوحدين فى مجمع أفسس وخلقيدونية . ومع بداية سبعينيات القرن الماضى ، لا يمكن لنا ان ننكر ان هناك خلاف فى الآراء ، تطور الى شق الصف والذى تكشف عنه صراعات خفية داخل بعض الاديرة العريقة . حتى تفجرت بصورة بشعة باستشهاد الانبا ابيفانيوس رئيس دير الانبا مقار فى يوليو 2018 . الامر الذى ادى الى شخصنة المواقف وشيطنة الاحداث . فقام قداسة البابا من خلال المجمع المقدس باتخاذ العديد من القرارت الحازمة والضرورية للتصدى لكافة الانحرافات فى مجال الرهبنة عن مسارها الطبيعى . فكانت البداية ، اصدار قرار بابوى بوقف رسامة اى رهبان لمدة عام تنتهى فى اغسطس 2020 . اصدار لوائح دليل الرهبنة القبطية وادارة الحياة الديرية لتنظيم وخدمة الكهنة . تأسيس لجنة شئون الرهبنة وتضم 30 اسقفا . العمل على ضبط الحياة الرهبانية ، وعدم دخول الآباء الرهبان على مواقع التواصل الاجتماعى مع اعطائهم مهلة شهر واحد لغلق كافة صفحاتهم
الشخصية ، حتى يعود الآباء الرهبان الى حياة الوحدة وعدم الاختلاط بالعالم .
منع الرهبان من العمل بالتجارة والامور المالية . الزام الآباء الرهبان بتقديم اقرار ذمة مالية لمعرفة حساباتهم الشخصية وحصر سياراتهم وممتلكاتهم . هذا وقد قام المجمع المقدس بالاعتراف بالنظام الرهبانى لعدد من الاديرة داخل مصر وخارجها ، لم يكن قد اعترفت بها الكنيسة من قبل وهى : دير القديس هرمينا السائح بأسيوط ، دير السيدة العذراء والقديس مار يوحنا الحبيب – طريق الاسماعيلية .
دير السيدة العذراء والقديس يوحنا الحبيب -- بولاية أوهايو بالولايات المتحدة الامريكية .
كان لابد من وقفة جادة وحازمة من جانب قداسة البابا تاوضروس الثانى والمجمع المقدس لضبط الاديرة والحياة الرهبانية . فالكنيسة القبطية المصرية اول من قدمت حياة الرهبنة للعالم كله .
فهى من انجبت الانبا انطونيوس اب الرهبان فى بدايات القرن الرابع ، وهناك أسماء اخرى لمعت فى هذا المجال منها الأنبا مكاريوس الكبير اب رهبنة وادى النطرون والانبا باخميوس أب الشركة الذى وضع الاسس التنظيمية لحياة الرهبنة .
ولنا لقاء رابع ، لا يقل أهمية عما سبق . وربما يكون الاهم . حيث نتناول فيه بعض من انجازات قداسة البابا تاوضروس الثانى فى مجال التعليم الكنسى والتعليم العام بجانب أهم التنظيمات والخدمات العامة فى كافك الكنائس القبطية فى مصر وسائر دول العالم .
تابعونا ان شاء الله وأحيانا .