هايدى غبريال
الزنزانة ١٥
الفترة المريرة
ايام حكم السادات
تم اعتقال ابونا لوقا سيداروس فى منتصف الليل
فى اعتقالات السادات الظالمة سبتمبر1981
ليس وحده بل كان هناك ايضا بعض من الكهنة والاساقفة.
اعتقلهم السادات ليس لانهم متدخلين بالسياسة، ولكن لانهم محبوبين من رعيتهم.
واراد ان يذل المسيحيين ليرضى الاخوان الذين قتلوه!
...........................................................
بعد منتصف الليل امتلأ الشارع الهادئ بسيارات البوليس ومباحث أمن الدولة ومخبرين بالزى المدنى وقبضوا على الاباء الكهنة،وإتجهت سيارة البوليس الى مديرية الأمن ثم إلى سجن المرج.
عاشوا فترة آلام، فالحصول على الهواء لكى يتنفسوا كان بالامر الصعب، الزنازين صغيرة عطنة رطبة، بها عدد كبير.
وصل الامر بأحد الكهنةان يجاهد محاولا دس انفه تحت عقب باب الزنزانة لكى يتنفس، اذ كان مريض حساسية، ومنعوا عنهم الزيارات ووصول الدواء.
الطعام مرة واحدة باليوم وسيىء جدًا ، بدون ملاعق.
ولكنهم حولوا السجن الموحش لسماء تسبيح
فرحين اذ حسبوا انفسهم مستأهلين ان يهانوا من اجل المسيح.
يقول ابونا لوقا :
قبل قتل السادات بيوم واحد اذ كانوا يصلون، سمعوا صوتا يقول "قد خرج الامر"
فلما سمعنا خبر اغتيال السادات بكى بعض الآباء بصوت مسموع فلم يكن فى قلبهم حب النقمة ولا بغض وهكذا ظهرت نقاوة قلوبهم
أكمل وقال:ان مجد الرب كان ينير السجن من الامور التى حدثت فى السجن الرؤى والاحلام التى راها كثيرون وكان البابا كيرلس السادس النصيب الاكبر منها هكذا يحكى ابونا لوقا سيداروس فيقول :
"قبل ترحيلنا من الزنازين فى سجن المرج بيوم واحد رأى واحد ان الزنازين تنهار وتنكسر والبابا كيرلس واقف يشير لكل واحد يالا يا ابنى" ....الى ان خرج الجميع بسلام .
ابونا القديس لوقا سيداروس كتب مذاكرات عن هذه الفترة الصعبة من 200 صفحة لكن طلب تنشر بعد نياحته. فى انتظارها بشغف
وبعد مقتل السادات، كان لازال الكهنة بالسجن ولكن الامور بدأت تنفرج قليلا، واتى عيد الميلاد المجيد وصلوا اروع قداس بالسجن
يروى ابونا لوقا عن المذود الحقيقى:
(كم كان المكان حقيراً حقاً ولكن ما أن دخلت إليه يا سيدى حتى اكتسب كل شئ جلالاً وبهاء إلهياً وتألقاً أبدياً
صار المزود عرشاً للمسيح ... وتصاغرت إلى جواره العروش الأرضية بكل بريقها الكاذب
إذن السر هو فى حلول عمانوئيل فى المكان مهما كان المكان حقيراً أو مهملاً أو متواضعاً.
سُر أن يولد الملك بينهم بهذه الكيفية ليؤكد للكنيسة أنه هو هو أمس واليوم وإلى الأبد – وأنه فى وسطها قائم يعين وجهها ويشرق عليها حتى وهى فى غياهب السجون.
ما أجمل المنظر بساطة وجلال يظللان المكان.
العبرة إذن ليست بالمبان المزينة والكاتدرائيات الفخمة.. يسوع يحل فى أى مكان ... فى أحقر مكان ... يُشرق على الجالسين فى الظلمة وظلال الموت ويبدد الحزن والكآبة ، والملائكة تهتف بميلاده تبشر بفرح عظيم يكون لجميع الشعب.
القداس جديد .. جديد جداً فى كل شئ .. كلماته لها طعم خاص مبهج جداً للنفس
إختلطت دموع الفرح مع دموع التوبة والحنين إلى الكنيس
ة .. لم يستطع أحد أن يخفى دموعه لأننا داخل أسوار السجن ليس لنا حياة خاصة بالمعنى المعروف فنحن نعيش فى حياة شركة وتطغى على خصوصياتنا دون أن نريد ذلك
ما أعمق حبك يا سيدى الرب الذى به افتقدتنا بالحق مشرقاً من العلاء لتضئ للجالسين فى ظلمة السجون.
وقد زاد الموقف جلالاً أنه سمح للمسجونين (غير المتحفظ عليهم لأسباب دينية) أن يشتركوا معنا فى القداس فى زى السجن العادى ... لقد ضاعفت وجودهم مرورنا بالحق وإحتفلنا بالمسيح المولود من أجل الضعفاء والخطاة "صادقة هى الكلمة ومستحقة لكل قبول أن المسيح يسوع جاء ليخلص الخطاة الذين أولهم أنا").
و ها انت يا ابونا القديس تتمتع بالفرح للابد بالمعية مع ايسوس ،و لايضاهيه فرح زمنى.