خبراء يشرحون الحلول..
تبذل الحكومة المصرية، جهودا حثيثة لتوعية المواطنين بتنظيم الأسرة، كهدف أساسي لتحقيق التنمية المستدامة، ومحاولة كبح جماح الزيادة السكانية التي تخطت 100 مليون وخمسمائة ألف نسمة وفقا للساعة السكانية.

السيطرة على الزيادة السكانية من شأنه تحقيق التغطية الصحية الشاملة، وتوفير فص التعليم الجيدة لكل المواطنين، لكن مع شبح استمرار الزيادة المرعبة، تظل تلك القضية كابوسا يؤرق الحكومة لأمد طويل.

الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، قال أن هناك زيادة في عدد السكان بواقع 500 ألف نسمة خلال نحو 4 أشهر "125 يومًا" تحديدًا، مشيرًا إلى أن عدد السكان في 11 فبراير الماضي، 100 مليون نسمة، وبمتابعة معدلات الزيادة السكانية زادت في نفس اليوم من الشهر التالي (11 مارس 2020) إلى أكثر من 100 مليون و117 ألف نسمة، وهذا يعني أن الزيادة السكانية خلال شهر واحد كانت أكثر من 117 ألف نسمة.


وأوضح في تقرير رسمي له، أنه في الشهر التالي (11 أبريل 2020)، ارتفع العدد لأكثر من 100 مليون و237 ألف نسمة، بزيادة أكثر من 237 ألف نسمة خلال شهرين، وفي 11 مايو من هذا العام ارتفع عدد السكان لأكثر من 100 مليون و364 ألف نسمة، مما يعني ارتفاع الزيادة السكانية لأكثر من 364 ألف نسمة خلال ثلاثة أشهر فقط، وفي 15 يونيو بلغ عدد الزيادة نصف مليون نسمة.

المركز المصري للدراسات الاقتصادية، نشر هو الآخر دراسة بشأن أهمية الانفاق على برامج تنظيم الأسرة، لتجنب الزيادات السكانية، مؤكدة أن تنظيم الأسرة هو أهم محدد للزيادة السكانية في مصر، حيث تتجنب مصر زيادة سنويًا نحو 4 مليون حالة حمل غير مخطط له، ونحو 1.6 مليون حالة إجهاض غير آمن بفضل استخدام وسائل تنظيم الأسرة وفقا لبيانات 2019.

وكشفت الدراسة، أن التأثير الاقتصادي للزيادة السكانية وتداعياتها على جودة رأس المال البشري في مصر يجعل تنظيم الأسرة في واقع الأمر استثمارا اقتصاديا ذا عوائد إيجابية تؤثر على الأجيال الحالية والمستقبلية شأنه في ذلك شأن الإنفاق على دعم الصادرات، مضيفة أن كل جنيه تنفقه الدولة على تنظيم الأسرة يوفر لها 151.7 جنيه، لأن الدولة ستتجنب إنجاب نحو 43.3 مليون مواطن خلال الفترة من (2015- 2045)، ومن ثم ستتجنب تكاليف تقديم الخدمات الحكومية لهم مثل: "التعليم والصحة ودعم الغذاء والإسكان والمرافق الاجتماعية"، وهو ما يعكس الأهمية الشديدة لتنظيم الأسرة في مصر.


طالبت الدراسة، بالتوسع في توزيع حبوب منع حمل الطوارئ على نطاق واسع من خلال الصيدليات ووحدات الرعاية الصحية الأولية والجمعيات الأهلية والقطاع الخاص، مشددة على ضرورة إدارة ملف السكان من خلال فصل تبعية المجلس القومي للسكان عن وزارة الصحة وجعله جهة مستقلة تتولى وضع الخطط والسياسات وتنسيق الجهود بين جميع الجهات المعنية بالقضية السكانية ومن بينها الجهات المعنية بتنظيم الأسرة، فضلًا عن إمكانية تشكيل لجنة شراء موحدة للحصول على وسائل تنظيم الأسرة بسعر أفضل.

ويعلق الدكتور حسين عبد العزيز، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، مستشار الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، قائلا:  إن هناك نتائج مقبول ولكنها لا ترقى للمستوى المطلوب والتي تتم من خلال حملات تنظيم الأسرة .

وكشف أن هناك دراسة أظهرت أن متوسط عدد الأفراد في الأسرة انخفض من 3.5 طفل لكل سيدة إلى نحو 3.1، مشيرًا إلى أنه من خلال تكثيف العمل في برامج الأسرة يتحقق النجاح، ولكن هذا النجاح ليس هو الذي تسعى إليه الدولة بشكل كامل، فإن مشكلة الزيادة السكانية والتي تعني الضغط والزيادة في قوة العمل وغيرها، وبالتالي لا بد من العمل على بعدين البعد الأول هو الزيادة التي تحدث يتم استيعابها في أعمال منتجة اقتصاديًا وتحويلها من طاقة بشرية إلى ثروة.


وأوضح  عبد العزيز، في تصريحات صحفية أن البعد الثاني يتم من خلال العمل على تنظيم الأسرة، بحيث يمكن تقليل الزيادة السكانية المستقبلية، وهو ما تسعى إليه الدولة حاليًا، من خلال وجود برنامج تنظيم أسرة قوي وفعال وكفء يستطيع أن يحقق الهدف، ولكن في إطار حرية الاختيار للأسرة وتوقيت الحصول على الأطفال ولكن في حدود المسئولية، بما يعني في حالة عدم سماح إمكانيات الأسرة للحصول على أطفال عديدة فلا يمكن عمل عكس ذلك، فضلًا ع تحقيق عوامل الصحة والسلامة للطفل والأم.

وأشار إلى أن المجلس القومي للسكان في بدايته عام 1985 كان تحت رئاسة رئيس الجمهورية، ثم رئيس مجلس الوزراء، ثم أصبح حاليًا تابعًا لوزارة الصحة والسكان، فإن مجلس النواب يوضح أهمية الفصل ما بين الجهة المنفذة والجهة المسئولة عن تقييم ووضع الإستراتيجية، وبالتالي يجب أن يكون المجلس مستقل عن وزارة الصحة، حتى يستطيع أن يقوم بدوره في دعم وتقييم برنامج تنظيم الأسرة والتعامل مع الوضع السكاني بصفة عامة، فإن المشكلة السكانية ليست مشكلة صحية وإنما مشكلة مجتمعية، بما يعني أن جميع الوزارات لها دور فيها مثل "الصحة- التربية والتعليم- التعليم العالي- التضامن الاجتماعي- الصحة" وغيرها، وكذلك منظمات المجتمع المدني والجميعات الأهلية، ولهم دور كبير في دعم البرنامج القومي لتنظيم الأسرة.

ومن جانبه، قال الدكتور عمرو حسن، المقرر السابق للمجلس القومي للسكان، وأستاذ مساعد النساء والتوليد والعقم بطب قصر العيني،إن «الفقر إذا كان نتيجة لزيادة عدد السكان فإنه سبباً أيضاً، ونحن الآن أمام خيارين إما تنظيم الانجاب أو زيادة الفقر أو الجوع، فمصر لديها فائضاً ضخماً من السكان يزيد على إمكانيات البلد الراهنة».


وأضاف في تصريحات صحفية أن المجتمع المصري يتناسل بصورة مذهلة تحرمه من أن يتمتع بمستوى معيشة المجتمعات العصرية، وإذا كان جيلنا قد ورث مشكلة الزيادة الكبيرة في عدد السكان من الأجيال السابقة، فعلينا نحن أن نحسم هذه المشكلة ونغلق هذا الملف نهائياً حتى لا نظلم الأجيال القادمة إذا ما تركنا لهم المشكلة مضاعفة».

وأشار المقرر السابق للقومي للسكان إلى أنه «طبقا لمكتب المرجع السكاني في الفترة من 2018 إلى 2050، فإن عدد السكان في مصر سيزيد بـ 69.5 مليون نسمة، وستكون مصر سابع أعلى دولة في العالم تحقق زيادة سكانية في الفترة من 2018 إلى 2050، وسيقفز ترتيب مصر على مستوى العالم من حيث عدد السكان من المركز الـ 14 إلى المركز الـ 11، مع العلم أنه عند وضع أهداف وأنشطة الاستراتيجية القومية للسكان والتنمية ( 2030- 2015 ) كان من المفترض أن يؤدي ذلك إلى وصول عدد السكان في مصر في 2020 إلى 94 مليون نسمة ولكن الواقع أن عدد السكان في مصر وصل إلى 100 مليون نسمة في 11 فبراير 2020 أي بواقع زيادة 6 ملايين نسمة عما كان مخطط له».

وتابع: «أيضاً كان من المتوقع إذا تم تنفيذ الاستراتيجية القومية للسكان، أن يصل عدد السكان في مصر عام 2030 إلى 110 مليون نسمة ولكن التوقعات الحالية تشير إلى أن عدد السكان سوف يصل إلى 119 مليون نسمة بحلول 2030 وهذا بزيادة 9 ملايين نسمة عما هو مخطط له، وهذا يطلق جرس الإنذار بضرورة تضافر جهود الدولة، وأن تتبنى القيادة السياسية هذه القضية».