عبد المنعم بدوي
نواجه فى حياتنا مواقف وشخصيات ، تصبح بالنسبه لنا قفزات فى التجربه الأنسانيه ، تتغير بعدها نظرتنا الى الحياه .
عمر خورشيد من هذا النوع من البشر الذى يمتزج فيه الموقف بالأنسان ... نوعيه من البشر يسير بها القدر نحو هدف محدد ، مثل عجلات القطار لاتنحرف عجلاتها عن المسار .
كان عمر خورشيد زميل دراسه فى مدرسة الأورمان الأعداديه والثانويه ، كان يجلس على التخته التى أمامى مباشرة ، وكان طول قامته مشكله دائمه لى ، حيث يحجب عن نظرى ما يكتبه المدرس على السبوره ، فأضطر طول الوقت أن أدفعه بيدى يمينا ويسارا حتى أتمكن من روؤية السبوره ، ولم يكن يتذمر على الأطلاق بل كان يتجاوب بكل أدب .
لم يكن عمر خورشيد تلميذا نجيبا لكنه كان تلميذا أجتماعيا ، كان صديق للجميع ، وكان معروف فى المدرسه بشهرته فى العزف على الجيتار ، وكان دائما له دور بارز فى حفلات المدرسه
قابلته ذات يوم من أيام مايو عام 1970 ، وكنت فى أجازه ميدانيه من جبهة قناة السويس حيث كنت فى هذا الوقت ضابط بالقوات المسلحه ، فى فندق " عمر الخيام " بالزمالك " الماريوت حاليا " .. كان عمر يجلس على بار الفندق وبجواره أمرأه شقراء شعرها منكوش ، ترتدى جيب قصير ، يكشف الكثير عن ساقيها ، تبين فيما بعد أنها الممثله نيللى ، كان عمر خورشيد فى هذا الوقت شهرته بلغت الأفاق ، وخصوصا بعد العزف خلف أم كلثوم ، وعبد الحليم حافظ وبالنسبه للفنانه نيللى ، كانت تقوم بتقديم فوازير رمضان وكانت ممثلة الأستعراض رقم واحد فى مصر والعالم العربى .
أخذنى بالأحضان ، وقام بنقديمى للفنانه نيللى ، وأخذنا نمازح بعضنا البعض ... قال لنيللى : ده كان الأول بتاع الفصل وكان معقدنى
- قلت له أخدنا إيه ياخويا من المذاكره والمجموع الكبير ، أنت قاعد مع واحده ذى القمر- آقصد نيللى - ، وأنا فى الجبهه عمال أعد النجوم ، وقلت لنيللى على فكره كل البنات إللى كان عمر بيعرفهم أنا عارفهم وكنت أقوله على كلمات الغرام إللى يقولها ليهم ، لدرجة أن فى يوم قال لى خف شويه البنت مش مصدقه أن ده كلامى .
- رد عمر وقال : أنا الأيام دى خلاص عديت ... مش محتاج منك حاجه ، لو أنت إللى عايز أنا تحت أمرك
بعد هذا اللقاء بسنوات ، صدمنى عمر بالحادث المروع الذى وقع له فى شارع الهرم ، والذى أودى بحياته فى عز شبابه ... الدمعه تفر من عينى ، وذكريات سنوات طويله تمر أمامى كشريط سينمائى ، تذكرنى بصديق وزميل من جيل العظماء ... نوع من البشر يمتزج فيه الموقف بالأنسان .
