الأقباط متحدون - أريد رئيسـًا مثل سليمان الحكيم
أخر تحديث ١٢:٣٤ | الأحد ٢٠ مايو ٢٠١٢ | ١٢ بشنس ١٧٢٨ ش | العدد ٢٧٦٦ السنة السابعة
إغلاق تصغير

شريط الأخبار

أريد رئيسـًا مثل سليمان الحكيم

 بقلم: القس / الفريد فائق صموئيل

تتجه مصرنا الحبيبة تجاه اختيار رئيس لها. ومعظم الناس الآن يجيبون في الاعلام بكافة صوره على سؤال ماذا تريد أن يكون رئيس الجمهورية؟ وهنا أجيب كمواطن مصري على نفس السؤال قائلا: أريد رئيسـًا مثل سليمان الحكيم. أريد أن يكون الرئيس القادم حكيما مثل سليمان الحكيم. فكيف يكون الرئيس حكيما؟ وسليمان صار حكيما لأنه طلب ذلك من الله سبحانه ولأنه تربى في بيت مؤمن. وكان هو مؤمنا وتواضع ونفذ شروط العهد بينه وبين إلهه. فكانت هناك علاقة شخصية بينه وبين إلله. لقد عمل بوصايا الله وسلك في طريقه ولم يكن منافقا. لم يتمسك بقشور الدين وشكلياته فقط بل عمل بجوهر الدين في العدل والمساواة وعدم التفرقة والعيشة بسلام مع الجميع. والحكمة المطلوبة هي طاهرة ومسالمة ومترفقة ومذعنة ومملؤة رحمة واثمارا صالحة وعديمة الريب والرياء؛ لأنها نازلة من فوق. لقد طلب وصلى سليمان إلي الله قائلا: "أعط عبدك قلبا فهيما لأحكم شعبك وأُمّيز بين الخير والشر". وكانت الطلبة بكل تواضع. طلب الحكمة وركز على طلبتها. فأعطاه الله أن يكون الرجل الحكيم وإلي جوار ذلك أعطاه أن يكون الرجل الغني القوي المحبوب وصاحب الكرامة والناجح في الاقتصاد والبناء والتعمير والتمنية وقيادة الشعب. وفوق ذلك كان رجل سلام. لقد تمتع سليمان برحابة قلب عجيبة جدا. ودرس كل العلوم التي يمكن أن تدرس في ذلك الوقت. سلك سليمان في طريق الله وحفظ وصاياه. ومن هو حكيم فليُري أعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة.

فالحكمة ليست فقط في ما نقوله أو نؤمن به، بل هي ما تعكسه حياتنا نتيجة الايمان من خلال تصرفاتنا واخلاقنا بين الناس والتي تعكس الايمان بالله والحب له ولخليقته (اخوتك في الجسد وفي الانسانية). ولقد ظهرت حكمة سليمان في الحكم بين السيدتين المتنازعتين على الطفل الحي. استمع لكل واحدة واعطى فرصة لكل منهما ولم يسمح بتواجد وسيط بينه وبين المشتكيات؛ فكر وصلى وحكم. وفي المقابل لادارة شئون البلاد عاونه رؤساء ومستشارين (عددهم 11 واثنا عشر وكيلا عن كل قسم من الشعب). ولم ينفرد باتخاذ قرارات منفردة لمصلحة نفسه. لقد عمل لمصلحة بلاده والناس جميعا بلا استثناء. وبنى أكثر من سبعة مشاريع ضخمة شاملة حصونا عديدة في انحاء مملكته للدفاع والحماية. كان ملك سلام وليس ملك حرب. كان في صداقة مع جميع البلاد المجاورة. استعان بخبراء منهم واستورد منهم. وتمتع بنجاح اقتصادي وتمتع بأيام سلام مع الجميع. وكانت السفن تأتيه من كل اتجاه في أساطيل تجارية تحمل الذهب والفضة والنحاس والعاج والابنوس والبوص والخيل والمركبات والقردة والطواويس. كانت أيام سليمان أيام ترفيه وراحة. وكانت بلاده منتجة، ولم يكونوا يحتاجون إلي شيء. واتسعت سلطته على ممالك من النهر إلي أرض فلسطين وإلي تخوم مصر. ولم يستعمل في ذلك أية قوة عسكرية بل استعمل معاهدات السلام وعلاقة حسن الجوار. وتمتعت بلادة بالغنى والوفرة والهدوء والسلام والكرامة. ولم يكن سليمان و لا الذين حوله و لا أي فرد في البلاد يحتاجون إلي شيء ـ فالطعام كثير والأمان وفير والسلام يعم ربوع البلاد. ولكي لا تحتاج إلي شيء: كن مصليا، منظما، شجاعا، مصالحا، حكيما، رحبا، ومحبا كسليمان. ويقول الكتاب المقدس: "طلبناه فأراحنا من كل جهة".

وما أجمل الراحة للجسد المتعب وللنفس القلقة وللروح المرهقة. ليت مصر ترتاح من كل جهة بعد مرور أكثر من سنة على من ثورة 25 يناير 2011م. ليتنا نرتاح من الانفلات الأمني والأخلاقي. ليتنا نرتاح من كل قلق على أنفسنا وأولادنا وبناتنا وبيوتنا ومتاجرنا وسيارتنا. وهناك عند الله تعالى راحة جسدية ونفسية وروحية من كل جهة واتجاه وفي كل مجال ومكان وموقف. لنعرف مصدر الراحة ونقترب إليه ونطلبها منه. ولنعش بنية روحية وغيرة مقدسة. ولنعش بحكمة متفاهمين. ولنعش مسالمين للجميع ومتعاونين مع الآخرين. لنقبل بعضنا بعضا. أريد رئيسا ينظر لجميع فئات الشعب ولا يفرق بين فئة وأخرى. أريد رئيسا يعامل الجميع بمساواة وعدل نزولا على مبدأ المواطنة. أريد رئيسا يسير وسط الناس ويقابلهم ويناقشهم ويسمع منهم مباشرة. أريد رئيسا محبوبا يحميه الناس وليس القوات الخاصة ولا الحرس الجمهوري. أريد رئيسا لا يطمع في السلطة؛ لكي لا يصاب بمرض السلطة وداء العظمة ووباء السيادة ويلتصق بالكرسي. أريد رئيسا يحترم الدستور والقانون وينفذه على نفسه وعلى الجميع بلا تفرقه. أريد رئيسا يستشير ويسأل ويقول هذا الأمر لا أعرفه وأعطنى وقتا لدراسته؛ ثم يعود ويتعامل مع الأمر بعد الرجوع للمختصين والمستشارين. أريد رئيسا لا يعد وعدا إلا وهو عالم بمقدرته علي تنفيذه؛ يعرف قدراته وقدرات بلاده؛ ويُظهر ما يبطن. أريد رئيسا غير مغرم بالتصاريح الصحفية والاعلامية وبالكلمات العنترية. أريد رئيسا يقيم علاقات سلام مع جميع دول العالم؛ لكي يُحترم المصري في كل بلد يكون فيها. أريد رئيسا يتعامل مع كل الدول من منطلق المصالح المشتركة؛ مع تقوية التصدير. أريد رئيسا يعمل على تعليم وتأهيل جميع مستويات المصريين ويبث الأمل في شعب مصر. أريد رئيسا يهتم بالاقتصاد والانتاج في المصانع والأراضي الزراعية لنكون قادرين على التصدير. أريد رئيسا يحترم أصغر مصري ويدافع عنه كما يدافع عن ابنه أو عن وزير أو عن شخصية كبيرة. أريد رئيسا يقلب الدنيا ويقعدها لانقاذ مصري واحد بسيط مظلوم في بلد غريب؛ كما تهتم الدول الأخري برعاياها بطريقة متميزة. أريد رئيسا يؤمن بمبادئ ثورة 25 يناير 2011م. والتي حررت مصر من رؤوس نظام ديكتاتوري ويعمل على تنفيذها وبصدق. أريد رئيسا يدرس ويفحص ويبحث ويصل للمعلومة مباشرة؛ لايكتفى بما يقوله الذين حوله. وذلك ليتمكن من الوصول للقرارات الصحيحة من خلال مؤسسات الدولة. أريد رئيسا يحترم مؤسسات الدولة ويديرها بكل حنكة ويعمل على تقويتها والاستفادة منها؛ ليبنى دولة مؤسسات وليست دولة أفراد أو محسوبيات. أريد رئيسا يكتفى بمدة واحدة حتى ولو طلب الشعب منه أن يستمر مدة أخري؛ لأنه يكون قد عمل على تهيئة الأجواء لخلق قيادات جديدة قادرة على إدارة البلاد. أريد رئيسا يحب مصر والمصريين ويعمل على رفعتها لتكون علما بين الأمم؛ لتكون أم الدنيا وليس هم أو غم الدنيا. يامن تريد أن تكون رئيسا لمصر: "توكل على الرب بكل قلبك. وعلى فهمك لا تعتمد. في كل طرقه اعرفه وهويُقّوّم سبلك". 


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter