حمدي رزق
عجيب أمرهم، يستعجلون موجة ثانية من الوباء، ولسان حالهم: ولماذا مصر تبرأ من الوباء هكذا دون خسائر كارثية؟ كيف ولم تنفق مصر إنفاق دول كبرى، ولا تملك إمكانات دول عظمى؟ مع ميل مرضى للتشكيك فى البيانات والأرقام الرسمية، مثلهم مثل أصحاب الجنة، أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون.
الشر بره وبعيد، وحتى لو حدثت موجة ثانية، لسنا استثناء، العالم كله يتحسب، ونحن نتحسب، ولكن لا داعى للتخويف والتفزيع، ما صدقنا الحياة عادت، وعجلة الاقتصاد دارت، والناس رجعت لشغلها، كلفنا الفزع ما لا نستطيعه، وحمّلنا الخوف ما لا نطيقه، الاحتراز والاحتراس واتباع الإجراءات الوقائية مستوجب، وارتداء الكمامات أهم من ربط الكرافتات، وتوالى الحملات التوعوية، وأكثر من هذا مستوجب، المشرحة مش ناقصة ضحايا إرهاب كورونا.
لا بيعجبهم العجب ولا الصيام فى رجب، إذا نقصت أعداد الإصابات والوفيات، ليه، معقول.. مش معقول، إذا زادت الإصابات والوفيات، ليه، معقول.. مش معقول، ويتمطع المتنطع ويقول لك: بقى أمريكا بجلالة قدرها تعانى ومصر تتعافى، أتستكثرون لطف الله بالعباد، نحمدك ونشكر فضلك، وعلى طريقة مولانا سيد النقشبندى:
يا رب كرمك علينا ونصرك معانا
ونظرة بعطفك تثبت خطانا
يا كريم يا حليم يا غفور يا رحيم
جود لنا بالمنى
وارحم عبادك يا كريم
ثبت عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه «كان يُعجبه الفأل، وينهى عن الطيرة»، الطيرة بكسر الطاء وفتح الياء، وقد تسكن، هى التشاؤم بالشىء، وقال الحبيب: « ليس منا من تطير أو تُطير له»، إذن الطيرة هى التشاؤم بكل مسموع أو مرئى أو معلوم، والفأل هو الكلمة الطيبة، ومنها نسج الرواة مقولة مذكورة: «تفاءلوا بالخير تجدوه»، والإنسان يختار، فكل من التفاؤل والتشاؤم فن يحسنه نوع من الناس، ويجلبه إلى نفسه وحياته، وينقله إلى من حوله.
لماذا يشيع التشاؤم هكذا مع أن الأرقام الرسمية الموثقة تشى بالتفاؤل، بلغ إجمالى عدد الإصابات الذى تم تسجيله فى مصر بفيروس كورونا المستجد حتى الأحد ٩٥٤٩٢ حالة، من بينهم ٥٢٦٧٨ حالة تم شفاؤها، و٥٠٠٩ حالات وفاة.
فلنبنِ تفاؤلًا على هذا الذى حدث ومرّ بنا ونتوقى، نعم مصر سيطرت على الفيروس فى الموجة الأولى، والارتفاع فى الأعداد (أخيرا) نتيجة عدم الحذر الذى مبعثه الاطمئنان الشعبى لفيروس غير مؤتمن، يضرب بقسوة إذا تمكن، وهذا ما يستوجب الحذر، والعم «فاسكو دى جاما» قال قديما: «الضربة المتوقعة أقل قسوة»، لكن الحكيم «أرسطو» يحذركم: «إفراط التوقى أول موارد الخوف».
نقلا عن المصرى اليوم