بقلم: يوسف سيدهم
اهتزت أفئدة الأقباط منذ نحو أسبوعين بخبر ظهور طيف نوراني للسيدة العذراء مريم فوق منارة كنيستها بديرمواس بالمنيا, وكما تعودنا في مصرعلي مدي تاريخ عظيم مضئ لمثل هذا الظهور يمتد عبر ستة عقود منذ الظهور التاريخي للسيدة العذراء فوق قبة كنيستها بضاحية الزيتون بالقاهرة في 2 أبريل 1968 -وهو التجلي الذي استمر شهورا وصاحبته بركات ومعجزات تفيض بها الكتب التي أرخت له- أقول كما تعودنا هرعت الجموع إلي موقع كنيسة ديرمواس تتعلق عيونها وقلوبها بالكنيسة والمنارة لتتبارك بمعاينة هذا الظهور… كما سارعت بعض وسائل الإعلام لتغطية ما حدث ومناقشة شهود العيان له واستضافة صاحب النيافة الأنبا أغابيوس أسقف ديرمواس ودلجا للتعقيب علي الظهور المبارك وبلورة رؤيته عنه فيما يخص الكنيسة والأقباط ومصر والمصريين.
تاريخ ظهورات وتجليات السيدة العذراء مريم في مصر يشمل العديد من الحالات الأمر الذي يجعل هذه الظهورات تتربع في مكانة مرموقة في أي مرجع تاريخي يوثق تجليات السيدة العذراء عبر دول العالم التي تباركت بها خلال القرنين الماضيين.
لكن كما نتكلم عن فيض الإيمان الذي نستقبل به أية حالة من حالات تجلي السيدة العذراء, وكما نسجل اندفاع الجموع لمعاينة ذلك بكل مشاعر الخشوع واللهفة والبهجة, وكما نحرص علي تسجيل الظواهر المعجزية والبركات التي تصاحبه, وعلينا مسئولية اتخاذ كل ما يلزم من تدابير وإجراءات لرصد وتدقيق الظهورات والتجليات علي مستوي رئاسة الكنيسة وإصدار البيانات الرسمية لاعتمادها والاعتراف بها… لأننا يجب أن ندرك أن مثل هذه الظهورات والتجليات لها قدر عظيم من القيمة والكرامة التي تقتضي الدفاع عنها وتدقيقها وترسيخها في مواجهة تيارات دائما ما تطفو علي السطح للتشكيك منها والتقليل من شأنها ومحاولة تبريرها بالخداع البصري تارة أو بالحيل الضوائية تارة أخري أو بتعمد الترويج لها لاستغلالها للتربح من ورائها تارة ثالثة… لكن بقدر ما تحمله هذه الاتهامات من جرح لمشاعر الأقباط بقدر ما تلقي علي رئاسة الكنيسة بمسئولية الاضطلاع بدورها لرصد الظاهرة وتدقيقها وتحقيقها بهدف الاعتراف بها واعتمادها لطمأنة المؤمنين ولقطع الطريق علي المشككين.
ولا يعيب الكنيسة إطلاقا أنه سبق لها أن تصدت لتحقيق بعض الظواهر التي حدثت في هذا المجال وانتهت إلي عدم الاعتراف بها حيث لم تستوثق منها, ويجب أن يتفهم الجميع أن هذا المسار الجاد إنما يؤكد علي إعلاء قيمة وكرامة الظواهر التي يتم التثبت منها وغض البصر عن تلك التي يتعذر التثبت منها حرصا علي روحانية وقدسية وطهارة الظواهر الثابتة وعدم استباحتها من جانب دعاة التشكيك.
أتطلع كما سبق أن عهدنا أن يتفضل قداسة البابا والمجمع المقدس بانتداب لجنة من الآباء الأجلاء أصحاب النيافة المطارنة الأساقفة لتحقيق الظهور النوراني لطيف السيدة العذراء علي منارة كنيستها بديرمواس بالمنيا, علي أن ترفع هذه اللجنة تقريرها في هذا الخصوص إلي قداسة البابا ويعقب ذلك إصدار المجمع المقدس للبيان القاطع الشافي بخصوصها.