هاني صبري - المحامي
أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فكرة تأجيل الانتخابات الرئاسية المقررة في الثالث من نوفمبر 2020 حتي يكون الناخبون قادرين على التصويت على نحو مناسب وآمن لأن التصويت عبر البريد قد تؤدي إلي حدوث تزوير ونتائج غير دقيقة وذلك علي حد قوله.
ويأتي تصريح ترامب في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة أكبر أزماتها من عشرات السنين وهو وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) ، الذي أودى بحياة أكثر من 150 ألف شخص وتعد الولايات المتحدة أكثر دول العالم تضرراً منه، وتسبب بركود اقتصادي شديد، واحتجاجات في أنحاء البلاد ضد عنف الشرطة الأمريكية وعنصريتها.
وقد أعرب عدد من أعضاء الكونجرس و مجلس الشيوخ الأمريكي من الحزبين الجمهوري والديمقراطي عن رفضهم اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأجيل الانتخابات الرئاسية.
أن الكونجرس الأمريكي هو صاحب السلطة الوحيدة في الموافقة على أي تأجيل للانتخابات ، حَيْث ينص الدستور الأمريكي في المادة 2، القسم 1 على ما يلي "يمكن للكونجرس تحديد وقت اختيار الناخبين، واليوم الذي يدلون فيه بأصواتهم، على أن يكون نفس اليوم في جميع أرجاء الولايات المتحدة".
ومن غير المحتمل أن يطلب الكونجرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون التأجيل.
جدير بالذكر إنه لم يحدث قط في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية أن تخلفوا عن إجراء الانتخابات في مواعيدها المحدّدة ، كما أن هجوم ترامب المتكرر بشأن التصويت بالبريد قد يقوض ثقة مؤيديه في العملية الانتخابيّة.
كما أن التصويت في الانتخابات عبر خدمة وكالة البريد الأمريكية ، التي على وشك الانهيار قد يؤدي إلي مشاكل محتملة في التصويت، وتحتاج الوكالة إلي دعم ومساعدات مالية لكي تستمر فقد عانت ماليًّا لفترة طويلة.
وفي ظل أجواء انتشار الوباء ، وحالة عدم اليقين بشأن الانتخابات المقبلة وقواعدها الجديدة؛ ستصبح لدى أيّ شخص القدرة على زعزعة المشهد الانتخابي عن طريق نشر معلومات مضللة ، يمكن أيضًا استخدام التضليل عن طريق تضخيم مخاوف الإصابة بالفيروس عند التصويت، فضلا عن اشتعال التوترات بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري التي تكشف عن حدة الانقسامات والصراعات ، وحالة استقطاب غير مسبوقة بين الأمريكيّين تنذر بالخطر ويمكن أن تؤثر علي مستقبل أمريكا ، وهناك عوامل أخري قد تؤثر بشكل غير مباشر في مسارات التصويت ونتائج الانتخابات.
نري أن الرئيس ترامب لا يمتلك الصلاحية القانونية التي تخوله اتخاذ قرار بتأجيل الانتخابات، لذلك يجب عليه ، وعلي الكونجرس التعاون فيما بينهم للمحافظة علي بلادهم، وتوفير التمويل والاعتمادات اللازمة لمفوضية الانتخابات الفيدرالية الأمريكية حتى تتمكن من إجراء انتخابات تتوافر فيها كافة الضمانات القانونية وتكون آمنة موثوقة كما يريدها جميع الأميركيين .
في تقديري الشخصي علي الرغم من أن كل استطلاعات الرأي تصبّ على مصلحة المرشح الديمقراطي جو بايدن، وتراجع شعبية الرئيس ترامب بسبب كورونا، إلا أنه من وجهة نظرنا يبقي ترامب الأوفر حظاً في الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة.
هناك خطر كبير من التشكيك في الانتخابات أو يتم الطعن في النتائج ، سوف يميل الجانب الخاسر إلى تحدي النتائج ، وقد يجد على الأقل سبباً معقولًا للطعن في النتائج أمام المحكمة، وإذا أسفرت الانتخابات عن نتيجة مُتنَازَعٍ عليها، فإن خطر الاحتجاجات العنيفة وأعمال الشغب سيكون مرتفعًا للغاية.
وعلينا الانتظار لشهر نوفمبر القادم ليقول الناخبين الأمريكيّين كلماتهم لمعرفة ما تسفر عنه النتائج ، وكل الاحتمالات واردة في الانتخابات.