"نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا".. الجملة التي لا تعني بالضرورة "مجرد العيش"، إنما الاستمتاع بالتفاصيل، وفي مستشفيات الحجر الصحي، تطول معارك المرضى والأطقم الطبية في مواجهة الموت، أسابيع تصل لعدة أشهر تمر على كورونا'>مرضى كورونا، وهم أسرى الجدران البيضاء، لا يتعاملون مع أحد سوى الأطقم الطبية.
ولا هدف لهم ولكل من حولهم سوى تعافيهم، لكن "للنفس أوامر"، فالبشر لا يعرفون الرتم الواحد، ولا تسلب الرغبات حتى لو سلبت الإرادة، فتبقي لهم طلباتهم "العادية"، التي حرموا منها تحت وطأة الفيروس المستجد، إلا أنها أخذت طابع الغرابة، نظرا لظروف المرض والإجراءات الاحترازية المتبعة لرعايتهم في مستشفيات العزل.
"كشاكيل ولاتيه كافيه وسيجارة في السر".. أبرز طلبات مرض عزل طوارئ أبو خليفة
في مستشفى عزل طوارئ أبو خليفة في الإسماعيلية، يقول عضو فريق التمريض محمد هاني، إن الطلب الأكثر إلحاحا بين مرضى فيروس كورونا المستجد، هو رؤية أهاليهم، لكن هناك طلبات أخرى، مثل طلب طعام "دليفيري"، أو الخروج والتمشية تحت المستشفى، ورغم ما تبدو عليها الطلبات من بساطة، إلا أنه من الصعب تنفيذها، حتى لا تؤثر سلبيا على الحالة.
الطلبات تخرج من نطاق "النفس طلبت" لنطاق يأخذ حيز خطر، وأحيانا مضحك، فهناك طلبا متكررا خصوصا بين الرجال المدخنين الذي يطلبون "سيجاره في السر"، أو الأجانب الذين يشددون على طرق التقديم بحسب الأتيكيت، مريضة ألمانية تعالجت بالمستشفى، وأخرى إيطالية دائمة الطلب لشرب "كافيه لاتيه"، أو أمريكي يحب الأكل، ويطلب أصناف عدة، بحسب هاني لـ"الوطن".
رغم أن فرق التمريض بكل مستشفيات العزل، لا تتهاون في تأدية دورها بالتواجد مع المرضى، إلا أن "هاني" يقول إن هناك طلبات أخرى، غير المرضى الذين يطلبون منا الجلوس معهم للونس، فهناك من يطلب رقم هاتفك، حتى وهم داخل المستشفى، للشعور بالاطمئنان والسؤال والمتابعة.
مستشفى ديرب نجم "5 نجوم".. ومرضى يطلبون "واي فاي" وتكييف
الرغبة في عزل 5 نجوم، هو ملخص طلبات كورونا'>مرضى كورونا الذي صادفهم الدكتور أحمد الحسيني، عضو فريق مكافحة كورونا بمستشفى ديرب نجم للعزل الصحي، فبعيد عن الطعام الجاهز، هناك طلبات أخرى مثل تركيب تكييف في الغرف، وهو كثيرا ما يتعارض مع موصفات العزل الصحي الصحيح، وهناك مطالب أخرى مثل "شبكة واي فاي"، أو شاشات تلفزيون.
أما المطالب الأخرى، التي يمنعها طبيعة الأوضاع والتحديات في الفترة الحالية، رفض بعض المرضى الباقين في غرف مزدوجة، وهو الصعب تحقيقه، وأنه لا يضررهم لأن الغرفة بها سريرين كاملي التجهيزات، ويتحدث عن حالة أخرى كانت مطالبها غريبة، وهي لرجل صمم البقاء في غرفة التمريض، حتى بعد تغيير حجرته، لإرضاءه كانت يرغب في البقاء مع التمريض.
كوافيرة لمسنة وجمبري لرجل خمسيني.. عزل العجمي مرضى دائمي الشباب
وفي مستشفى عزل العجمي، لا ينسى أحمد فوزى عضو بفريق التمريض طلب مريضة ستينية "كوافيرة"، لتهذيب وتمشيط شعرها، يقول كانت روحها جميلة تخطت عامها الـ63 لكن لها روح فتاة في العشرين، كنت أنقلها لغرفة الأشعة في الرعاية المركزة، وكعادتي أحب تخفيف الأمور فقلت لها "إية الحلاوة دي"، فبدأت الاعتراض على ارتداء "الأوفر كاب" على رأسها، وهو غطاء الرأس في غرف الرعاية.
ويتابع فوزى لـ"الوطن"، أنه حين حاول يخبرها أنها أيضا جميلة به قال له "أنا عايزة البنت بتاعت الكوافير شعري بدأ يقصف"، وبالفعل في المساء ذهبت إحدى الممرضات من الفريق لها لتمشيط شعرها وترك أداوت تجميلة إلى جانبها، حتى إني حيت رأيها بعد ذلك كانت شعرها مصفف جدا وكانت سعيد جدا.
أما ثاني أكثر طلب غرابة، كان لرجل في أواخر الخمسينات، وجدته يطلب مني "عايز أكل جمبري بقالي كتير مكلتش فسفور"، الطلب الذي يدفع فوزي للضحك والحديث مع الرجل الذي خنقة العزل، فرغم أن الجلوس في فتراتطويلة يجعل المرضى يطلبون أطعمة مختلفة إلا أنه فوجئ بطلب مثل هذا.
الكشري يكسب في عزل كفر الدوار للحجر الصحي.. والشرقاوي: المطالب الدرامية أكثر
الدكتور أحمد الشرقاوي، أخصائي العلاج الطبيعي بمستشفي كفر الدوار للحجر الصحي، إن من ضمن مهام فريق العلاج الطبيعي متابعة المرضي ومتابعة طلبات ومشاكل المرضي والأقسام، لكن بعض الطلبات كانت منطقية وبعضها كانت غريبة بل ومضحكة في نفس الوقت
إحدي المريضات طلبت (كشري) وهو طلب غريب حيث إن المريض له تغذية خاصة ومطبخ خاص بالمستشفي يقوم بتقديم الوجبات الصحية للمرضي، لكن أحيانا مراعاة العامل النفسي للمريض يكون له الأولوية.
ورغم كثرة المطالب الغريبة والمضحكة إلا أن الحجر الصحي كعادته، لا يخلو من الدراما بحسب الشرقاوي لـ"الوطن"، فأغرب الطلبات كانت لمريضة تم حجزها مع زوجها وتحولت تحاليلها إلي سلبي والزوج مازال تحليله ايجابي وطلبت الزوجة أن تظل مع زوجها رافضة الانتقال إلي القسم المخصص للحالات السلبية.
حالة أخرى تحدث عنها الشرقاوي، كانت لأم محجوزة مع بنتها ورفضت تركها، حتى بعد سلبية العينة، متابعا بالطبع التعامل النفسي مع حالات الكورونا يجب أن يكون بالتوازي مع برنامج العلاج الدوائي لذلك كل فوج طبي بالحجر الصحي يكون به طبيب نفسي متخصص لتقديم الدعم النفسي للمرضى.