د.جهاد عودة
استطاع الشبان الثوريون عند وصولهم للحكم فى ليبيا فى الفاتح من سبتمبر 1969 ان يغرزوا تحولين اساسيين فى الثقافه السياسيه الليبيه وهما: 1- قيام الجمهورية العربية الليبية في 1969 2- إعلان "سلطة الشعب" في مؤتمر كبير عُـقد في 3 مارس 1973. وتضمّـن الإعلان فِـكرة الجماهيرية وتكريس شِـعار "من تحَـزّب خان"، وظهرت خاصة المرجعية الاشتراكية للنظام، لكنها اشتراكية من نوع خاص. بتحليل افكار القذافى ورفاقه نجد تأثرا كبيرا في فكرة سلطه الشعب والتى هى اقرب للحكم الطبيعى وهذا صادف تجاوبا كبيرا لانحدارهم من اسر بدوية.
فالعناصر البدوية في الثورة أبعدَت الحضر وتخلّـصت منهم سريعا، لأن البدوي لا يفهَـم ما معنى حدود أو قانون وضعي، وهو يتهرّب عادة من المدينة ولا يثِـق إلا في بدوي مثله. كان القذافي هو المُـنظِّـر طيلة المرحلة الأولى فصنع نظام "بدوينقراطي" ، ولسنا بصدد نظام "ثيوقراطي" أو "أوتوقراطي" أو أي نموذج من النماذج المعروفة في العِـلم السياسي الكلاسيكي. فى هذا النظام دولة غائبة ، فلا رئيس، بل هناك قائد، ولا أحزاب، بل لجان شعبية تُسيِّـر الإدارة ولِـجان ثورية، هي الثورة، ثم شكّـلوا بعد ذلك لِـجان المراقبة.
وفق تصوره الشعب يدير شؤونه بنفسه، أي يكرِّس الديمقراطية المباشرة. فى الممارسه تم اكتشاف ان الحُـكم يرجع في الواقع إلى "القائد" والجيش والقبائل، وهي قبائل مسلّـحة. وصار رفاق القذافى بقبائلهم ، وابرزهم عبد السلام جلود، الذي احتمى بقبيلته ، مثلما أن القذّافي محمِـي من قبيلته هو الآخر. ويمكن القول أيضا أن التطوّر نفسه حصل في مجال التعليم الذي تمّ تعميمه ونشره في كل المناطق. وبما أن المجتمع بَـدوي وأهله يرتحلون كثيرا، تمّ إيجاد مدارس متنقِّـلة ترتحِـل مع القبيلة ويُدَرِّس فيها معلِّـمون من أبناء القبيلة، وهذا يعني أن القذافي عندما يُقيم في الخيمة أثناء سفراته إلى الخارج، فتلك الرسالة ليست موجّـهة إلى المجتمعات الغربية، وإنما إلى الليبيين، ومفادها: "لم أغادر القبيلة".
بث التلفزيون الليبي مساء الأربعاء 11 مايو 2011 ، لقطات للزعيم الليبي معمر القذافي خلال لقاء مع عدد من اعيان وشيوخ القبائل الليبية في المنطقة الشرقية. وقال الزعيم الليبي خلال اللقاء "اقول للعالم ان هؤلاء هم اعيان القبائل الليبية في المنطقة الشرقية .. هذا هو جادالله عزوز الطلحي من قبائل الجبل الاخضر وعبدالعاطي العبيدي من قبائل العبيدات ومحمد الحجازي من قبائل الدرسة بالدرسية وعبدالرزاق الصوصاع من البراعصة وعابد ابوخمادة من قبائل المغاربة والطيب الصافي من قبائل المنفة وسالم ابوشرية من قبائل الزوية وعلي الشاعري ورجب الصالحين".
وظهر الزعيم الليبي جالسا على مقعد مرتديا عباءة بنية اللون ومعتمرا قبعة تقليدية، ووضع نظرات سوداء على عينيه. ويعد هذا هو الظهور الاول للقذافي منذ مقتل نجله الاصغر سيف العرب وثلاثة من احفاده اواخر ابريل 2011 في قصف لطيران الناتو على بيت الزعيم الليبي في منطقة غرغور بضواحى طرابلس.
فى ذات الوقت قررت مجموعة الاتصال الخاصة بليبيا بروما امس الخميس 5 مايو 2011 انشاء صندوق لجمع " دعم قصير الاجل " للمجلس الوطنى الانتقالى للمتمردين . التزمت الكويت بتقديم 180 مليون دولار للصندوق المعروف باسم الالية المالية المؤقتة ، ذكر ذلك بيان نشر بعد الاجتماع . وقال البيان انه يأمل فى " ان تقوم دول اخرى بالمثل " بتقديم مساعدات مالية للمتمردين الليبيين . وقد ذكر الرئيس المشارك للاجتماع رئيس الوزراء القطرى الشيخ جاسم بن حمد ال ثانى ان بلاده تعتزم تخصيص ما بين 400 الى 500 مليون دولار للصندوق .
كما دعت مجموعة الاتصال الى الإفراج عن الاصول الليبية من جانب الامم المتحدة والاتحاد الاوروبى لصالح المتمردين الليبيين . وفى حديثه فى مؤتمر صحفى فى ختام الاجتماع اكد وزير الخارجية الايطالية فرانكو فراتينى على اهمية البدء فى " الانتقال السياسى " بمجرد التوصل الى وقف لاطلاق النار . وقررت مجموعة الاتصال تعزيز الضغوط العسكرية والسياسية و الاقتصادية على نظام معمر القذافى ، وتعزيز الجهود لاضعاف الدعم المحلى له. ورحب المشاركون فى الاجتماع " بخارطة الطريق الخاصة بليبيا التى قدمها المجلس الوطنى الانتقالى للمتمردين ، والتى تشمل اجراء استفتاء شعبى ، وتنظيم انتخابات محلية حال انتهاء النزاع .
وقال فراتينى الذى نفى تحول الوضع فى ليبيا الى مأزق " ان اقامة مشروع على شاكلة مشروع مارشال سوف يضمن مستقبلا أكثر اشراقا لليبيا ،والشعب الليبى " .واضاف " ان الوقت ينفد بالنسبة لنظام القذافى ، الذى تتزايد عزلته الدولية الآن " . وأشار فراتينى الى ان مجموعة الاتصال تعمل من اجل " تحقيق حوار وطنى ليبى شامل ، يؤدى الى المصالحة ، وإعادة الإعمار فى البلاد " . يذكر ان الاجتماع الثانى لمجموعة الاتصال عالية المستوى الذى ترأسه ايطاليا والخاص بليبيا ، حضره ممثلون عن ست منظمات دولية من بينها الاتحاد الاوروبى ، والناتو ، والجامعة العربية ، والاتحاد الافريقى ، وكذا وزراء خارجية 22 دولة .عقد الاجتماع الأول فى الدوحة فى 13 ابريل 2011. كان يغلب على المتمردين الفكر الحضرى.
وكان أسعد امبية ابوقيلة صحفي وكاتب ليبي مستقل مراسل موقع صيدا أون لاين ومراسل ومراقب لعدد من الإذاعات العالمية التي تبث علي الموجات القصيرة والأقمار الصناعية وخاصة عبر هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية NHK القسم العربي نشر الثلاثاء 4 يونيو 2014 اعلان اقليم برقة اقليم مستقل تم في الايام الماضية الاعلان عن مؤتمر القبائل الليبية المستقل عن الدولة الليبية والذي يسعي الي حكم داتي داخل الدولة الجديد .
حيث وفد كبير ورفيع المستوي يمثل مؤتمر القبائل الليبية المؤيده للقذافي ويضم عددا من شيوخ وزعماء القبائل قبلها باسبوع الي عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ في زيارة سرية يلتقي فيها زعيم وقائد كوريا الشمالية كيم يونغ اون وعدد من المسئوالين العسكريين في كوريا الشمالية. وقالت نفس المصادر ان وفد القبائل الليبية وقع عدة عقود لشراء بعض الاسلحة الكورية الشمالية الخفيفة والمتوسطة من اجل تسليح جيش مؤتمر القبائل الليبية الاسلحة بينها صواريخ متوسطة المدي ومحمولة علي الكتف .هذا علما يأن جيش القبائل الليبية المؤيدة للقذافي تم تاسيسه منذ ايام في مدينة العزيزية معقل انصار معمر القذافي حيث عقد مؤتمر قبلي كبير هو الاول من نوعه منذ الاطاحة بنظام معمر القذافي ضم اكثر من ثلاثة الاف قبيلة من كل مدن وقري ليبيا وعدد من سفراء الدول العربية والافريقية والاجنبية في ليبيا وصدر عن هذاء الاجتماع البيان الختامي لمؤتمر القبائل الليبية المنعقد في ورشفانة والذي نشر عبر وسائل الاعلام المحلية والدولية.
وختم اسعد ابوقيله بقوله الجدير بالذكر بعد سقوط نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي بفعل الحرب العالمية التي قادها حلف الناتو مساندة لثورة السابع عشر من فبراير أصبحت ليبيا تمر بحالة من الانفلات الأمني وعدم الاستقرار في كل المدن والقرى الليبية مما يهدد بالحرب الاهلية وتقسيم البلاد .
وكان جيش القبائل الليبية قد سيطر خلال مرحله من مراحل الحرب الاهليه على عدة محاور غرب طرابلس فى 22 أغسطس 2014. أكدت غرفة عمليات لواء ورشفانة وجيش القبائل السيطرة الكاملة لقوات المجلس العسكري للقبائل الليبية على محور حي اﻻكواخ ومقر ومحيط وزارة الداخلية وطريق المطار ، كما تم الإعلان عن التأمين الكامل للطريق الساحلية بعد دحر الميلشيات المسلحة منه . وسجلت الميلشيات فرارها من منطقة حي الأكواخ بعد أن تكبدت خسائر فادحة في الأرواح والمعدات وفق شهود عيان. كما نجحت قوات الدفاع الوطني في تطهير مقر وزارة الداخلية والمناطق المحيطة به من الميلشيات.
في 25/05/2015 احتضنت العاصمة المصرية القاهرة مؤتمرا دام أربعة أيام، شارك فيه نحو مئة من ممثلي القبائل الليبية، ويهدف إلى توحيد الليبيين، ووضع حل للأزمة السياسية التي تعصف ببلادهم منذ سقوط نظام القذافي قبل أربع سنوات. وتدعم القبائل المشاركة في الاجتماع الحكومة الليبية والتي تتخذ من مدينة طبرق في شرق ليبيا مقرا لها. ولم يتمكن ممثلو القبائل الليبية في مدينتي طرابلس ومصراتة في غرب ليبيا من حضور المؤتمر المعقود في أحد فنادق القاهرة المطلة على النيل (لأنهم تحت ضغط فجر ليبيا الجماعات المسلحه) .
وسيطرت هذه الجماعة المسلحة على العاصمة طرابلس الصيف 2015 بعد قتال دام أسابيع مع القوى المؤيدة للحكومة المعترف بها دوليا والتي فرت منذ ذلك الحين إلى شرق البلاد. ولا يوجد أي مسؤول ليبي مشارك في هذا المؤتمر الذي يقتصر على ممثلي القبائل وتم الإعداد له من قبل لجنة تحضيرية برئاسة عادل الفايدي والذي قال في كلمته الافتتاحية "دعوناكم كي نتفق على كلمة موحدة". وافتتح وزير الخارجية المصري سامح شكري فعاليات المؤتمر الذي استمر أربعة أيام معربا عن آماله أن يؤدي المؤتمر "للخروج من الدائرة المفرغة للعنف والصراع والإرهاب حاليا" في ليبيا. كما تمنى أن يساعد المؤتمر في جعل ليبيا "دولة حديثة خالية من الإرهاب الذي يهدد أمن واستقرار ليبيا ومحيطها الإقليمي والدولي". وطالب الشيخ مسعود عمر ممثل القبائل الليبية بمساعدة مصر في تسليح الجيش الليبي ورفع حظر الأسلحة الأممي على البلاد. وقال عمر في كلمته الافتتاحية "نطالب هذه الحكومة (المصرية)... بمزيد من الدعم للشرعية الليبية المتمثلة في مجلس النواب والحكومة المنبثقة منه ودعم الجيش الليبي بالسلاح وبالنضال لرفع الحظر المفروض على تسليح الجيش الليبي".
وتابع بصوت مرتفع يملؤه الغضب "لماذا التحالف لمحاربة الإرهاب في الدول الأخرى ومنع السلاح علينا لنحارب الإرهاب في ليبيا ... في ليبيا يلعبون الكرة برؤوس الرجال ويدمرون المدن". وفرض مجلس الأمن حظرا على بيع الأسلحة لليبيا طالبت الحكومة الليبية المعترف بها دوليا برفعه لتمكينها من التصدي بشكل أفضل للمتطرفين الإسلاميين. وعلى الصعيد السياسي تتنافس حكومتان على السلطة، إحداهما يعترف بها المجتمع الدولي وتتخذ مقرا في شرق البلاد والأخرى في طرابلس تحت سيطرة "فجر ليبيا". وساعد هذا الوضع السياسي والأمني المتدهور في أن يكون لتنظيم الدولة الإسلامية، الذي يسيطر على مساحات واسعة في العراق، موطئ قدم في ليبيا حيث نفذ عددا من الإعدامات بحق اقباط. وفي فبراير 2015 ، تبنى هذا التنظيم الجهادي قطع رؤوس 21 مسيحيا في ليبيا أغلبيتهم العظمي من المصريين على شاطيء البحر، ما دفع مصر إلى الرد سريعا بتوجيه ضربات جوية داخل العمق الليبي.