زهير دعيم
في قنٍّ جميل ، يقع داخل بلدة صغيرة ، عاش أربعة من الدِّيكة ، عيشة هادئة هانئة ، مع مجموعة من الدّجاجات والصّيصان.
وفي أحد الأيام ، أحضر صاحب القنّ من المدينة ديكًا روميًا ، وأدخله الى القنّ .
استقبل أهل القنّ الدّيك الرّوميّ بالتّرحاب وحُسن الضّيافة ، ولكن سرعان ما ظهرت نواياه في الضّرب والسّيطرة ، حيث بدأ يهاجم الديكة : الأسود والأحمر والبُنيّ، وحتّى انّه هاجم الدّيك الأبيض العجوز ، وسْطَ تذمّر الدّجاجات واستيائهنَّ .
ومع الأيام ، ازدادت قسوة وشراسة هذا الدّيك .
وفي يوم ربيعيٍّ مُشمسٍ ، أعلن الدّيك الرُّوميّ ، أنّه يريد القيام بجولة في الحقل القريب ، وأنّه يرغب بعد عودته ، أن لا يرى الدّيك الأسود في القُنّ .
خرج الدّيك الرّوميّ الى الحقل ، مُتكبّرًا ومُتفاخرًا بقوته ، بعد أن أدمى الدّيك الأسود ، وأشبعه نقرًا وضربًا ، مُحذِّرًا ايّاه ، بأنَّ "علقته" ستكون سوداء كلونه، إن عاد ووَجَدَه في القُنّ.
كانت الدّيكة الثلاثة الباقية في ذلك الوقت ، تنظر من بعيد ، وهي خائفة أن تفعل شيئًا ، في حين انزوت الدّجاجات والصّيصان ، في الزّاوية البعيدة من القُنّ ...وما كاد الدّيك الرُّوميّ يخرج من القُنّ حتّى عقدت الدِّيكة الأربعة ، اجتماعًا طارئًا ، تلبية لطلب الدّيك الأبيض ، بحثت فيه الأمر من كلّ جوانبه .
قال الدّيك الأبيض : " يا أحبائي وأهل عشيرتي ، لقد أصبح وضعنا صعبًا ، وذلك بعد أن ازدادت قسوة الدّيك الرّوميّ ، ولم يبقَ أمامنا ، الا التَّصدّي له ، ولا يأتي هذا التّصدّي الا بالوحدة ..فهيّا نتحضّر بسواعدنا ، لكي نقف وقفة رجل واحد ،أمام هذا الدّيك عند عودته ، وكونوا على يقين ، بأنّنا نستطيع أن نتغلّب عليه ، وأن نطرده من هنا " .
لقد أصبت يا صديقي في قولك ...صاح الدّيك الأسود وسأكون أنا ، أوّل من يصرخ في وجهه ويتصدّى له.
وهذا ما قالته أيضًا بقيّة الدِّيكة ..وبهذا الاتفاق ، انتهى الاجتماع .
بعد ساعة ، عاد الديك الرّوميّ إلى القنّ ، فَرَفَسَ بابه بِرِجله كعادته ، وهمَّ بالدّخول ، فاعترض طريقه الدّيك الأسود صائحًا في وجهه صيحةً قويّة :
" الى أين أيّها القاسي ..لم يعُد لكَ مكان بيننا ، اخرج من هنا ، فأنت شخصيّة غير مرغوب فيها ...ولا نريدكَ أن تعيش بيننا " .
ضحكَ الدّيك الرّوميّ عاليًا وقال : "أنسيتَ يا صاحبي "علقة" الصَّباح ؟ ! ..وهمَّ بالهجوم عليه .
فهجمت عليه الدِّيكة الأربعة ، من جميع الجوانب بقوّةٍ وعزمٍ شديديْن وأشبعوه نقرًا ونَتفًا ، وسْطَ تصفيق الدّجاجات والصّيصان بأجنحتها .
وبعد أن انتهت المعركة ، ظهرت علامات الضّرب على الدّيك الرّومي ، وما كان منه ، الا أن فرَّ هاربًا من القُنّ ، وهو يصيح من أوجاعه وآلامه..