حتى وقت قريب، ظلت منظمة الصحة العالمية تعتبر حتى وقت قريب أن ملامسة الأسطح الملوثة بفيروس كورونا هي الطريقة الوحيدة، والمدعومة بالأدلة العلمية، لانتقال العدوى.
وهذا هو السبب في أن مسؤولي منظمة الصحة العالمية حددوا غسل اليدين كإجراء وقائي رئيسي ضد كوفيد-19.
لكنهم يقرون الآن بأن "انتقال العدوى عبر الهواء" لا يمكن استبعاده في ظروف معينة.
وهذا يعني أن فيروس كورونا يمكن أن ينتشر أيضا من خلال الجسيمات الدقيقة التي تصدر أثناء التحدث أو التنفس.
وإذا تم تأكيد ذلك، فإن الأمر قد يؤثر على الإرشادات المتعلقة بوجود الناس في المساحات المغلقة.
ما الذي يعنيه "انتقال العدوى عبر الهواء"؟
تحدث العدوى عن طريق الهواء عندما نستنشق الفيروسات أو البكتيريا التي تحملها الجسيمات التي قد تطفو في الهواء لساعات.
ويمكن أن تنتشر هذه القطرات الصغيرة جدا في مساحة كبيرة.
ويعد السل والأنفلونزا والالتهاب الرئوي أمثلة على الأمراض التي تنتقل عدواها عبر الهواء.
واعترفت منظمة الصحة العالمية بوجود أدلة تشير إلى أنه يمكن حدوث ذلك مع فيروس كورونا في الأماكن المغلقة والمزدحمة.
كم من الوقت يعيش فيروس كورونا في الهواء؟
أظهرت الدراسات أن فيروس كورونا الذي تم رشه بشكل مصطنع يمكن أن يبقى على قيد الحياة في الهواء لمدة ثلاث ساعات على الأقل.
لكن العلماء يشيرون إلى أن التجربة أُجريت في مختبر، وهو أمر يختلف عن ظروف الحياة الحقيقية حيث قد تختلف النتائج.
وعززت حالات الإصابة بفيروس كورونا، التي يطلق عليها "الانتشار الواسع"، الشكوك في أن تلوث الهواء بالفيروس أمر محتمل.
ففي مدينة ماونت فيرنون الأمريكية بولاية واشنطن، يُشتبه في انتقال العدوى من امرأة إلى 45 شخصا آخرين على الأقل، غنوا معها في نفس الجوقة الموسيقية.
ولم يخالف بعض أولئك الذين أصيبوا بالعدوى أيأ من قواعد التباعد الاجتماعي.
وتم الإبلاغ عن حادث مماثل في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي في غوانغجو في الصين حيث يعتقد أن شخصا يحمل الفيروس قد نقله إلى 9 أشخاص آخرين كانوا يتناولون الطعام في نفس المطعم.
ويقول العلماء إن أحد الزبائن المصابين كان يجلس على بعد 6 أمتار من ناقل العدوى.
ماذا يجب أن أفعل الآن؟
تحدد الطريقة التي ينتقل بها المرض التدابير المتخذة لوقف انتشاره.
وتوصي إرشادات منظمة الصحة العالمية الحالية لكوفيد 19 بغسل اليدين بالماء الدافئ والصابون لمدة 20 ثانية، بالإضافة إلى اتباع قواعد التباعد الاجتماعي.
لكن بعض العلماء يقولون الآن إنه في حين أن هذه التدابير ذات أهمية كبيرة، إلا أنها لن تكون كافية ضد انتقال العدوى في الهواء.
ولم تقم منظمة الصحة العالمية حتى الآن بإضافة أي شيء جديد إلى إرشاداتها الحالية، لكنها تقوم بتقييم الأدلة الجديدة.
وإذا تم تأكيد الأمر، فإنه يمكن توسيع إطار الإرشادات لتشمل استخداما أوسع للكمامات، وتباعدا أكثر صرامة، خاصة في الحانات والمطاعم ووسائل النقل العام.
وقد تشمل الإرشادات أيضا تطبيق قواعد أكثر صرامة في البيئات المكيفة.
ما الذي جعل منظمة الصحة العالمية تعيد النظر في إرشاداتها؟
نشر 239 عالما من 32 دولة مؤخرا رسالة مفتوحة إلى منظمة الصحة العالمية.
ودعوا المنظمة الدولية لتحديث إرشاداتها المتعلقة بفيروس كورونا في ضوء انتقاله عبر الهواء.
وقال خوسيه خيمينيز، الكيميائي في جامعة كولورادو الذي وقع على الرسالة: "أردنا منهم الاعتراف بالدليل، وهذا بالتأكيد ليس هجوما على منظمة الصحة العالمية، إنه نقاش علمي، لكننا شعرنا أننا بحاجة لأن نطرح موقفنا علنا لأنهم يرفضون سماع الأدلة بعد محادثات عديدة معهم".
وردا على الرسالة، قالت بينيديتا أليغرانزي، وهي مديرة فنية للوقاية من العدوى ومكافحتها بمنظمة الصحة العالمية، إنه "لا يمكن استبعاد الأدلة الجديدة عن انتقال عدوى فيروس كورونا عبر الهواء في الأماكن المزدحمة والمغلقة وذات التهوية السيئة".
ومع ذلك، ذكرت منظمة الصحة العالمية أيضا أنها لا تزال ترغب في رؤية المزيد من الأدلة على هذا النوع من العدوى قبل اتخاذ قرارات جديدة.
وقال الدكتور ديفيد هيمان، وهو مستشار آخر لمنظمة الصحة العالمية، إن المنظمة تتوقع نتائج ملموسة من بحث أكثر شمولا قبل وضع استراتيجيات جديدة للتعامل مع الفيروس.