لم يكن "إسماعيل"، خريج جامعة الأزهر الذي يعمل نقاشًا للتغلب على البطالة، يعلم أن خلافاته اليومية مع شقيقه الأكبر ستتخطى تلك المرحلة، وأن الأخوة وصلة الدم لن تشفع له وتبعد الشيطان عن عقل شقيقه، لينتهي به المطاف في حفرة على شاكلة أول قتيل في البشرية على يد شقيقه.
على بُعد أمتار من مدخل قرية "بني شبل" القريبة من قلب مدينة الزقازيق، بمحافظة الشرقية، وبينما تتوسط الشمس سماء الأربعاء الماضي، فوجئ أهالي البلدة الهادئة بقوات الشرطة تصطحب الشاب "أحمد" خريج كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر؛ مُكبلًا لتمثيل جريمة اقترفتها يداه قبل عشرة أيام بالتمام والكمال، ووسط وجوم الجميع فجر أحد رجال الأمن المفاجأة بنبأ يقين ردًا على همهمات الواقفين: "قتل أخوه".
الصدمة علت وجوه الواقفين، والجميع يضرب كفًا بالأخرى، فالمتهم معروف بينهم بخلقه وأنه كثيرًا ما يؤم الناس في صلاتهم بحكم دراسته وعلمه، لكن همهمات جديدة حملت الجزء الأكثر بشاعة في الخبر؛ إذ فوجئ الجميع بأن المتهم والجار صاحب الخلق الرفيع يمثل جريمته ويؤكد بفعله قبل حديثه على أنه لم يكتفِ بإزهاق روح شقيقه الأصغر فقط، بل حفر ودفن الجثمان وواراه التراب، قبل أن يعود لحياته الطبيعية وكأن شيئًا لم يكن.
انتهت لحظات تمثيل الجريمة وعاد "أحمد" كما جاء، وسط حراسة مشددة، قبل أن يقف بين يدي فريق النيابة العامة يُدلي باعترافاته حول الأسباب التي دفعته للخلاص من أقرب الناس له: "قتلت أخويا إسماعيل علشان كان بيتخانق معايا على طول على الهدوم والفلوس".
أسباب تبدو تافهة للوهلة الأولى، لكن باقي الحديث حمل تفاصيلًا أكثر غرابة على لسان القاتل: "الخناقات كانت عادية بيني وبينه، لكن بصراحة الوضع زاد قبلها بحاجات بسيطة.. إسماعيل اتخانق معايا بسبب فلوس كانت له عندي، وقتها الشيطان وزني وما دريتش بنفسي غير وأنا في إيدي الشرشرة وإسماعيل سائح في دمه بعد ما ضربته بيها في قلبه".
الاعترافات ربما حملت الجزء الأكثر بشاعة في الواقعة، لكن ما سبق ذلك كان أشد غرابة لسلوك إنسان من المفترض أنه أخ أكبر؛ إذ أبلغ شقيقهما الثالث "محمد" الصيدلي، باختفاء إسماعيل منذ أسبوع وأكثر، مؤكدًا على أن شقيقه لم يكن لديه أعداء أو ضغينة في نفوس جيرانه.
واقعة الاختفاء المفاجئ بدت مبهمة وغير طبيعية بالمرة، خاصةً وأن الصيدلي عاد وأكد على أن شقيقه الأكبر "أحمد" تحدث إلى والدته بأن إسماعيل في "سفرية شغل"، قبل أن يؤكد صاحب البلاغ على أن حديث شقيقه غير منطقي بالمرة، وربما كانت له يد في مكروه ألم بشقيقهما الغائب.
شك واستجواب لعدة ساعات انتهى بكشف أسرار الجريمة، قبل أن يستيقظ أهالي القرية على النبأ الحزين، وينتهي الأمر بدفن جثة المجني عليه عقب الانتهاء من الصفة التشريحية، والمتهم محبوسًا خلف القضبان وقد أكد ما جرى بالتفصيل.
كان مدير أمن الشرقية، تلقى إخطارًا من مدير المباحث الجنائية، يفيد بورود بلاغ من "محمد. ع. ال" صيدلي، مقيم بقرية "بني شبل" التابعة لدائرة مركز شرطة الزقازيق، باختفاء شقيقه "إسماعيل" 33 سنة، خريج الأزهر، منذ أسبوع.
بالانتقال وسؤال شقيقهما الثالث، "أحمد" 36 سنة، خريج شريعة وقانون، أفاد بأن شقيقه المتغيب سافر منذ فترة، وهو ما نفاه صاحب البلاغ.
وبتضييق الخناق على الأخ الأكبر اعترف بقتله لشقيقه بعدة طعنات بدعوى تشاجرهما الدائم، وأنه تخلص من الجثة بدفنها في حفرة داخل إحدى شقق المنزل، تحت الإنشاء، خشية افتضاح أمره.
جرى استخراج الجثة بإرشاد المتهم، والتي كانت في حالة تحلل، وتحرر عن ذلك المحضر اللازم، وبالعرض على النيابة العامة صرحت بدفن الجثة عقب الانتهاء من الصفة التشريحية، وحبس المتهم على ذمة التحقيقات.
المتهم بقتل أخيه