مع ضيق المساحة المتاحة لي هنا لتوضيح موقفي من الحملة التي شنت علي بعد حصولي علي جائزة الدولة التقديرية, لن أتمكن من الرد علي كل الاتهامات وسأرد بقدر الممكن والمتاح, خاصة مع توافق جهات عدة مثل الجمعية الخدمية المسماة جبهة علماء الازهر والجماعة السلفية والجماعة الاسلامية وكتلة الاخوان النيابية واخرين.
ومن حق المواطن اذا ما اجتمع هؤلاء ان يتساءل: كيف اجتمع هؤلاء جميعا علي قلب رجل واحد ان لم يكن معهم الحق كله؟ لكني رغم هذا أنبه بداية الي ان نبينا محمد صلي الله عليه وسلم كان فردا في مواجهة الجزيرة والعالم كله, وكانوا هم الخطأ كله وكان هو الصواب كله مع الفارق البائن بين شخصي الضعيف بكل ما للبشر من اخطاء وبين سيد الخلق, فانه مثال أضربه فقط لبيان ان الاجماع احيانا ما يكون هو الباطل عينه؟
فقد اعتمدت هذه الجهات جميعا علي بيان الجبهة وعلي كتاب واحد من كتبي لم يكن هو محل حصولي علي جائزة الدولة التقديرية التي تمنح علي مجموع الاعمال وهي وفيرة والحمد لله, ودون اي مراجعة للتأكد من صدق ما جاء فيه من عدمه, وفي اللقاءات التليفزيونية التي شاركت فيها وشارك فيها ممثل الجبهة الدكتور محمد عيسي البري وممثل الاخوان الدكتور حمدي حسن, انكرت تماما وبالمرة ان يكون قد ورد باي من كتبي او مقالاتي تلك النصوص الموضوعة داخل علامات تنصيص مسبوقة بكلمة( قال) في بيان الجبهة لتأكيد انها نص كلامي.
وطالبت الدكتور البري ان يتكرم ببيان موضع هذه النصوص في اي من كتبي, او أن يأتي بنصوص اخري تشير الي ذلك الكفران فكان رده: انا لا أقرأ هذه الزبالة؟! فكيف به لم يقرأ ما كتبت ويصدر مثل هذا الحكم الظالم والقاسي هو وجبهته؟
هو نفس الموقف الذي حدث مع الدكتور حمدي حسن الناطق بلسان ما يوصف بـ كتلة الاخوان النيابية الذي طالبته ببيان هذه النصوص في كتبي فكان رده هو انا فاضي اقرأ الكلام الفارغ ده فطلبت منه الحضور هو وأعضاء الجبهة في مواجهة علنية, واتفقنا علي يوم السبت التالي لهذه المواجهة فكانت النتيجة انه لم يحضر احد غيري. استمرت الحملة بلا هوادة وربما كان اخطرها هو فتوي فضيلة المفتي الدكتور علي جمعة, والتي جاءت ردا علي السؤال الذي قدمه جمال سلطان صاحب موقع( المصريون) المتضمن: ما حكم الشرع في منح جائزة مالية ووسام رفيع لشخص تهجم في كتبه المنشورة الشائعة علي نبي الاسلام ووصف دين الاسلام بانه دين مزور, وكان طبيعيا ان يكون رد الفتوي كالتالي: هذه النصوص كفرية تخرج قائلها من ملة الاسلام اذا كان مسلما
قام جمال سلطان بنشر الفتوي علي موقعه( المصريون) واضعا صورتي بجوار صورة فضيلة المفتي ليجعل الفتوي خاصة بي!! فأي شرف هنا وأي مبدأ وأي ايمان هذا؟ ومرة اخري انكر تماما وبالمرة وبالقطع ورود النصوص المنسوبة الي في اي من كتبي المتداولة والمتاحة للجميع, وكان علي السادة اعضاء الجماعة السلفية ان يقوموا بتصوير هذه النصوص من كتبي ونشرها علي الملأ, لكنهم لم يفعلوا ولن يفعلوا, لانها كلها كلام لا اعرفه ولايمت لكتاباتي بصلة. وليس لي مشكلة مع اي دين من الاديان ناهيك عن اسلامي الذي أفاخر به, وأباهي بفهمي له بما يوافق زماننا وظروفه, وبما يطيح بمصالح السلطة الدينية والكهنوتية, حيث لايوجد ولم يوجد في الاسلام لامشيخة ولا اكليروس, فقاموا يعلنون ان كتاباتي تهدم الاسلام, وهو قول غليظ نكير يشير الي مدي تقديرهم لديننا الحقيقي, الذي ستهدمه سطور هنا او هناك, والي مدي استغلالهم هذا الدين واشهاره تكفيرا وهم يعلمون حقيقة الامر, وينتهزون غفلة المسلمين عن المتابعة ليستثمروهم في معركة هي الباطل ذاته.
انهم يستميتون اليوم في هذه المعركة بحسبانها معركة وجود, بناء علي تفسيرهم ان منحي الجائزة يعني انحياز الدولة جميعا للفكر الليبرالي والحريات الديمقراطية, وهو ما يعني انحسار نفوذهم وانكماش موجتهم العاتية, لكنهم دخلوا المعركة بأسلحة فاسدة ورخيصة لاتشير الي عمق في التدين ولاشرف في قول الحق, وان كانت من وجهة نظري في النهاية رغم حشدهم وتجمعهم معركة غير متكافئة لانني فيها الطرف الاقوي لوقوفي علي ارض صلبة وقيم ومبادئ محترمة, ولاني اعلم ان الدين هو محل ايمان او عدم ايمان وليس محل بحث, هو ان تصدق او لاتصدق, وبينما قاموا هم يبحثون الغيب وذات الله وصفاته والعرش والملائكة والجنة والنار والصراط وعذاب القبر وبول الرسول وبول الناقة وزواج الرضيعة ورضاع الكبير, واختلفوا حولها فرقا اضطهدت بعضها بعضا, فاني في دراساتي نأيت عن هذا كله, وسلمت ايماني الغيبي لعلام الغيوب, وخضت في البحث في المساحة التي يمكن ان تخضع للبحث والمناقشة وهي مساحة الواقع الارضي وليس السماوي.
كما انني ايضا لست صحافيا ولا اعلاميا وما خضت في الصحافة والاعلام الا مكرها بعد ان تحولت قضيتي لقضية رأي عام, ويبقي لي موضوع استكمل فيه دفاعاتي باي صحيفة متاحة, وسأحتسب اخر ما سأخوض فيه حول هذه المعركة غير النظيفة, لاعود لابحاثي ودراساتي وعملي لاترك الامر للقضاء المصري ليفصل فيه. المهم انه بعد هربهم من المواجهات العلنية, وبعد اقرارهم بعدم القراءة قاموا يطعنون في الاجراءات التي تم بموجبها منحي جائزة الدولة فنسبوا الي الاستاذة سلوي بكر المفوض العام لاتيليه القاهرة ان الاتيليه ينكر ترشيحي لهذه الجائزة بالمرة. والمدهش ان الاتيليه والاستاذة سلوي بكر قد اقاموا حفل تكريم بمناسبة حصولي علي الجائزة حضره حشد كريم من مثقفي مصر بعد نشر التصريح المنسوب لها.. سادتي.. مع هذا الذي يحدث علينا ان نفزع علي عقل مصر وشعبها الذي يسمع مجرد السمع فيتحول الناس الي وحوش ضواري, دون ان يستمعوا لنصح ربهم ان يتبينوا ويتثبتوا قبل اصدار الاحكام, ويقيموا من انفسهم حراسا للاسلام باسلحة رديئة تشينه ولاتنصره والاسلام متكامل بذاته وليس بحاجة اليهم ولا الي اسلحتهم الفاسدة.
*نقلاً عن الأهرام |