كتب – روماني صبري
يعد المفكر نصر حامد أبو زيد أحد ابرز الأكاديميين المصريين والباحثين المتخصصين في الدراسات الإسلامية وفقه اللغة العربية والعلوم الإنسانية، رأى أن النص الديني الأصلي هو منتج ثقافي، بمعنى أن الخالق يخاطب البشر بحسب ثقافتهم، واجه في حياته هجوما شرسا من قبل الجماعات الإسلامية ومؤسسة الأزهر حين طالب بالتحرر من سلطـة النصوص والآيات الدينية قائلا :" القرآن هو النص الأول والمركزي في الثقافة لقد صار القرآن هو نص بألف ولام العهد، وهو النص المهيمن والمسيطر في الثقافة ويؤسس ذاته دينا وتراثا في الوقت نفسه، لذلك قد آن أوان المراجعة والانتقال إلى مرحلة التحرر لا من سلطة النصوص وحدها، بل من كل سلطة تعوق مسيرة الإنسان في عالمنا، علينا أن نقوم بهذا الآن وفورا قبل أن يجرفنا الطوفان.
الانتقام منه
شهد منتصف السبعينيات من القرن الماضي ضجة إعلامية انطلقت بسبب كتابات أبو زيد، حيث اتهم جراء أبحاثه العلمية بالارتداد والإلحاد، وبسبب عدم وجود وسائل قانونية في مصر تقاضي تهم الارتداد، شرع خصومه يستغلون أوضاع محكمة الأحوال الشخصية، التي يطبق فيها فقه الإمام أبو حنيفة، والذي وجدوا فيه مبدأ يسمى "الحسبة" طالبوا على أساسه من المحكمة التفريق بين أبو زيد وزوجته.
في النهاية نجحوا في التفريق بين الزوجين، على أساس أنه لا يجوز للمرأة المسلمة الزواج من غير المسلم، فحياة الزوجين باتت بعد ذلك في خطر، وفي نهاية المطاف غادر نصر حامد أبو زيد وزوجته د. ابتهال يونس الأستاذة في الأدب الفرنسي، القاهرة نحو المنفى إلى هولندا، ليقيما هناك حيث عمل نصر حامد أبو زيد أستاذا للدراسات الإسلامية بجامعة لايدن.
ابن أسرة ريفية بسيطة
ويحل اليوم ذكرى ميلاد المفكر أبو زيد الذي ولد داخل إحدى قرى طنطا يوم 10 يوليو عام 1943، تربى في كنف أسرة ريفية بسيطة، لم يحصل على شهادة الثانوية العامة التوجيهية ليستطيع استكمال دراسته الجامعية، كون عائلته لم تستطع توفير المال له لدخول الجامعة، فحصل في البداية على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية قسم اللاسلكي عام 1960، ثم حصل علي الليسانس من قسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب جامعة القاهرة م بتقدير ممتاز عام 1972، وماجستير من نفس القسم والكلية في الدراسات الإسلامية عام 1976، بتقدير ممتاز، وكذا دكتوراه من نفس القسم والكلية في الدراسات الإسلامية عام 1979 بتقدير مرتبة الشرف الأولى.
في عام 1982 حصل على الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولي، بعدها عمل مدرسا بنفس القسم، تمت ترقيته عام 1987، لدرجة أستاذ مساعد.
اتهامه بالكفر
للحصول على درجة أستاذ قدم أبو زيد أبحاثه، فتشكلت لجنة من أساتذة جامعة القاهرة ضمت د.عبد الصبور شاهين الذي اتهم في تقريره الرجل بالكفر، ما جعل الجماعات الإسلامية والمؤسسات الدينية تتهمه بالكفر أيضا، فتم نفيه للخارج بعد حصوله على درجة أستاذ بأيام قليلة.
مؤلفاته وأعماله
الاتجاه العقلي في التفسير (دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة وكانت رسالته للماجستير.
فلسفة التأويل (دراسة في تأويل القرآن عند محيي الدين بن عربي)وكانت رسالته للدكتوراه، في كلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة العربية.
مفهوم النص دراسة في علوم القرآن.
إشكاليات القراءة واليات التأويل (مجموعة دراساته المنشورة في مطبوعات متفرقة
نقد الخطاب الديني.
المرأة في خطاب الأزمة (طبع بعد ذلك كجزء من دوائر الخوف)
البوشيد و(ترجمة وتقديم نصر أبو زيد)
الخلافة وسلطة الأمة نقلة عن التركية عزيز سني بك (تقديم ودراسة نصر أبو زيد)
النص السلطة الحقيقة (مجموعة دراسات ومقالات نشرت خلال السنوات السابقة)
دوائر الخوف قراءة في خطاب المرأة(يتضمن الكتاب السابق المرأة في خطاب الأزمة)
الخطاب والتأويل (مجموعة دراسات ،تتضمن تقدمة كتاب الخلافة وسلطة الأمة)
التفكير في زمن التكفير (جمع وتحرير وتقديم نصر أبوزيد عن قضية التفريق بينه وبين زوجته وردود الفعل نحوها)
القول المفيد في قضية أبو زيد(تنسيق وتحرير نصر أبو زيد عن قضية التفريق بينه وبين زوجته.
هكذا تكلم ابن عربي يعيد فيها الباحث مراجعة دراسته عن ابن عربي
الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية.
الرحيل
قبل أن يعرفه الموت عاد إلى الوطن وكان أصابه فيروس غريب، عجز الأطباء في القضاء عليه، فدخل في غيبوبة دامت عدة أيام حتى ودع الحياة صباح الاثنين 5 يوليو 2010 التاسعة صباحا في مستشفى زايد التخصصي، دفن في مقابر أسرته بمنطقة قحافة بمدينة طنطا محل مولده.