د. محمد طه
من أكتر الحاجات المزعجة والمؤلمة- واللى كانت للأسف متوقعة فى التحرش والاغتصاب'> قضايا التحرش والاغتصاب- هى اتجاه البعض (وهما كتير) إلى لوم الضحية.. وتحميلها مسئولية ما حدث لها.. ده يقولك ايه اللى وداها هناك؟ وده يقولك هى تستاهل.. وده يقولك لبسها مستفز ومغرى..
مش هاعيد وأردد الكلام المنطقى جداً عن إن الأطفال بتغتصب.. والأولاد- مش بس البنات بتغتصب - وان الحجاب والنقاب واللبس الواسع مش بيمنع التحرش ولا أى حاجة.. وان أكتر من 90% من بنات وسيدات مصر تعرضن لشكل من أشكال التحرش رغم إن الغالبية العظمة منهن محجبات وبيلبسوا لبس غير مغرى أو مثير..
مش هاردد الكلام ده لأنه كلام منطقى.. وانت هنا بتتعامل مع عقل بينه وبين المنطق مسافات طويلة.. وخصام عنيف..
لكنى هاقول ليه فيه ناس بتلوم الضحية:
- الضحية بيتم لومها أولاً لأنها الطرف الأضعف فى المعادلة.. الطرف اللى فقد أسلحته ومواطن قوته.. الطرف اللى خلاص وقع على الأرض.. احنا عندنا مثل شهير بيقولك: "العجل وقع.. هاتوله السكينة".. تصور!! يعنى طالما الضحية وقعت على الأرض، ياللا كلنا نجهز عليها بالسكاكين ونذبحها.. وده طبعاً بيتكرر فى سياقات كتير جداً.. وفى مناسبات أكتر..
- لوم الضحية بيخلى الناس (اللى بتعمل كده) تخلى مسئوليتها، وتبرئ ذمتها، وتعفى نفسها من مواجهة نفسها.. يعنى انتى المسئولة مش أنا.. أنا ماليش دعوة.. أنا مش هنا.. أنا مش عارفنى.. حالة طفولية جداً من الانكاروغض الطرف.. انكار دورى فيما حدث.. انكار مسئوليتى عنه.. وانكار عن مسئوليتى عن تغييره..
انت عارف لو حد من اللى بيلوموا الضحية وقف قدام نفسه فى المراية، وواجهها، وشاف حقيقتها، هايعمل إيه؟ مش هايستحمل ده خمس ثوانى.. هايحس بذنب رهييييب.. هايكتشف قبحه ودمامته وتشويهه الداخلى.. هايفاجئ بكم الزيف والنطاعة والندالة والخسة اللى جواه.. وهاينتهى بيه الأمر إلى إنه يتجنن أو ينتحر (الكلام ده بجد).. فعلى إيه بقى.. بلاش نفتح عينينا من الأول.. خلينا مغمضين.. وعميانين.. وغير مسئولين.
- الحاجة التالتة اسمها (الإسقاط).. واحنا أساتذة فى موضوع الإسقاط ده.. يعنى بدل ما تقول أنا عاوز أتحرش بالبنات.. تقول البنات لبسهم يدعو للتحرش.. بدل ما تقول أنا عاوز أغتصب أنثى.. تقول هى اللى بتثيرنى لاغتصابها.. بدل ما تقول (أنا).. تقول (انتى).. تسقط فشلك وتقصيرك وسفالتك وقلة أدبك على من أمامك.. وللأسف.. اليومين اللى فاتوا كشفوا عن كتير من الساقطين (الُمسقِطين) بينا وفى وسطنا..
- لوم الضحية يضعك فى خانة الواعظ.. الحكيم.. اللى ماسك ميزان العقل وعمال يوزع صكوك البراءة هنا.. وصحف التهم هناك.. لوم الضحية بيحطك فى موقف الحكم.. بيخليك تخرج بره ساحة الجدال أصلاً.. بينقلك من مربع المتهم أو المسئول أو المشارك إلى مربع العاقل الشاطرالفاهم الموزون.
- لوم الضحية بيحسس صاحبه بالغرور.. وبالانتفاخ.. وبالارتفاع فوق مستوى الحدث.. بيخليه يتصور إنه عِلى شوية درجات فوق رءؤوس الناس، بيخليه يشاور بإصبعه ويقول: انت صح.. انتى غلط.. مش قولتلكم.. افهموا بقى..
- وأخيراً.. لوم الضحية بيجمع حواليك الناس (اللى هما طبعاً شبهك).. الناس اللى مش عاوزين يشوفوا.. ولا عاوزين يوعوا.. ولا عاوزين يتحملوا المسئولية بأى درجة.. ودول كتير.. وكتير جداً.. تبقى انت البطل بتاعهم.. والمتحدث الرسمى باسمهم.. تقدملهم على طبق من ذهب شهادات براءتهم وحسن سيرهم وسلوكهم.. وهى اللى وحشة.. هى اللى تستاهل.. هى اللى كانت عايزة كده..
لما يكون قدام حد كل ده بقى: أنا مش مسئول.. هى اللى عاوزة.. أنا الواعظ الحكيم.. أنا فوق الناس.. أنا بطل.. مايلومش الضحية ليه بقى!!
اللى بيلوم الضحية.. بيدافع عن المعتدى اللى جواه..
واللى بيبرر التحرش.. خايف على المتحرش اللى جواه..
واللى بيجادل ويناطح فى بديهيات انسانية بحتة.. يبقى تجرد من كل انسانية (كانت) جواه..
المرأة مش قطعة حلوى يتلم عليها الذباب.. يا اللى شايفين نفسكم ذباب..
ولا عربية سابها (مالكها) مفتوحة.. يا للى كل شئ عندكم يمكن امتلاكه، ويمكن فتحه..
ولا حتة لحم تستاهل النهش.. يا ناهشى لحوم البشر..
اختشوا.. عيب..
#محمد_طه