عادل نعمان
ولما قالوا: لا يُقتل المسلم بكافر، تحت عنوان شروط وجوب القصاص فى القتل العمد «فى كتاب الفقه الشافعى شرح كتاب الإقناع»، لأن دم المسلم أعلى شأناً من دم الكافر، وإن قتل المعصوم بالإسلام كافراً فلا قصاص عليه، لأن المقتول أنقص من القاتل بكفر، تحقيقاً للمكافأة المشروطة، فليست دماؤهما متكافئة، قلنا ربما يكون هذا من باب العلم بالشىء، أو الجهل بالعدل الإلهى، ولن يجرنا هذا الرأى لظلم الناس أو الإخلال بمبدأ المساواة فى العقوبة، إلا أن صداها قد سمعه الجميع، ورواسبها قد طفحت على الجانبين، وفاحت روائحها حتى زكمت الأنوف عن بعد.
ولما قالوا: لا تُقبل شهادة الكافر على المسلم، لأن ولاية الكافر على المسلم حرام شرعاً، والشهادة فى أصلها ومقصدها ومنتهاها ولاية، فلا يجوز شرعاً أن يشهد فاقد الولاية على صاحبها ورئيسها، وأكدوا: أن الكافر ليس أهلاً للشهادة، لأنه ليس من المسلمين حتى تقبل شهادته، وأضافوا: أن رواية وشهادة الفساق مرفوضة، والكافرون أفسق الفساق، وقد اتفق الفقهاء جميعاً على هذا، واختلفوا فقط حول شهادته فى الوصية، إذا حضر الكافر موت مسلم وأوصى بوصيته قبل الموت ولم يسمعها غيره، فمن الفقهاء من أجاز شهادة الكافر فى هذا فقط للضرورة، ومنهم من رفضها جملة وتفصيلاً، ودلل من رفض الشهادة على ذلك بانعدام العدالة، وكيف انعدمت العدالة عندهم؟ الفقهاء يعتبرون الكافر قد ظلم نفسه فى اختياره ديناً غير دين الإسلام، ومن ثم فمن ظلم نفسه يظلم غيره، هل رأيت عجباً زاد عن هذا الحد؟ «وقلنا ربما تراث قديم يحكيه الناس عن الأجداد، يتندرون عليه ويتسامرون، قريب الشبه بروايات أمنا الغولة، أو أكلة لحوم البشر، إلا أنها راسخة فى العقول وعلى أسطر القانون، وهذه واقعة عام 2008 فقد رفضت محكمة شبرا الخيمة شهادة مسيحى على أحد المسلمين فى القضية 1824 لسنة 2008 أحوال شخصية، لأن المسيحى لا تجوز شهادته شرعاً على المسلم. ولما قال مشايخ «الحنابلة والمالكية»: إن دية الكتابى والذمى والمعاهد فى القتل الخطأ هى نصف دية المسلم، لحديث «عقل الكافر نصف عقل المسلم» والعقل هنا ليس الإدراك بل «عقل القتيل أى ديته»، وذهب «الشافعية»: إلى أن دية الذمى والكتابى والمعاهد ثلث دية المسلم لواقعة لعمر بن الخطاب، إلا أن «الحنفية» أنصفوا الجميع وذهبوا إلى أن دية المسلم كدية الذمى وغيره، قلنا وقال غيرنا: هذا تاريخ عنصرى يتعارض مع الدستور والقانون، وتمييز بين أبناء الوطن يصيبه فى مقتل، لن يلتفت إليه أحد، إلا أن المعاملات بين الناس قد لوثت، ولطخ الثوب الأبيض، وحملت العقول والقلوب والصدور بما يفرق ويشتت الأخوة فى الوطن الواحد، وبما يهدد سلامة الناس، وأصبح الناس فى بلادى أسرى هذا التراث، بل واعتبر بعضهم أن المسلم مأمور بهذا، ويثاب من تثبت به.
ولم نكن نحسب أن يمتد هذا إلى معاش أسرة مسيحية، مات الأب بعد أن أعلن إسلامه قبل وفاته، وحرمهم القانون من معاش والدهم لأنه أصبح مسلماً، والقاعدة لا يرث المسيحى المسلم، ولأن القانون أعمى البصر والبصيرة، فقد حكم القاضى بغير رضا، وتعالوا معاً لواقعة كما جاءت على لسان وخط الأستاذ نجيب جبرائيل المحامى، دون ذكر أسماء أطراف الواقعة حفاظاً على مشاعرهم: حيث أصدرت محكمة أسرة عين شمس حكماً برفض الدعوى رقم 419 لعام 2020 المطالبة ببيان الورثة المسيحيين المستحقين لمعاش أبيهم المتوفى، الذى أسلم قبل وفاته، وقد ترك أولاداً غير قادرين على العمل بشهادات طبية، وكان سبب الرفض أن المسيحى «لا يرث المسلم»، ولما كان الحديث «لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر» قلنا معقول، وهى معاملة بالمثل «وسيب وانا أسيب»، إلا أنهم قد حذفوا نصفه، وقالها ابن تيمية صريحة «نرث الكفار ولا يرثونا، كما ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا» كده عافية وفتونة واللى مش عاجبه يشرب من البحر، نأخذ أموالهم ونساءهم حلالاً بلالاً حتى لو جاعوا، ولا يقتربون من أموالنا ونسائنا، ليس هذا فقط، بل يحق لنا معاش من أسلم منهم، «ويولع الولاد بجاز» ثم نزيدك هماً، فهذه مسيحية يتزوجها المسلم، ويعاشرها العمر كله، وبعد موته تتضور فى شيخوختها جوعاً ومذلة، ويرثه من لم يعاشره يوماً، هكذا نحن بلا مجاملة أو رتوش.
نحن يا سادة نعيش جميعاً تحت غطاء دولة مدنية، وليست دولة دينية، ولا فضل ولا تمييز لأصحاب دين أو عقيدة على الآخر، المواطنون متساوون فى الحقوق والواجبات، دماء الناس واحدة، متكافئة، متوازنة، ولا شأن يعلو على المواطنة حتى لو كان ديناً من الأديان، إن كنا نريدها دولة حرة لا تقبل التمييز أو العنصرية، راجعوا هذه القوانين وراجعوا الدستور، كل ما يتعارض مع الحرية والمساواة والمواطنة لا اعتبار له، ولا قيمة مهما كان مصدره أو نشأته، واصرفوا معاش هؤلاء الأولاد فوراً دون مماطلة، فهذا المعاش سحت وحرام إذا دخل جيوب المسلمين، واستحلوه كما استحلوا من قبل أموال هؤلاء اغتصاباً باسم الدين، ونحن أبرياء من هذا المال الحرام.
نقلا عن الوطن