كتب – محرر الاقباط متحدون ر.ص
كشف المتحدث الرسمي للروم الأرثوذكس في مصر، الأنبا نيقولا أنطونيو، عن نظام الأسقفية في الكنيسة وتطوره، وذلك في رسالة رعوية عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك" قائلا :
من القرن الثالث الميلادي نظمت الكنيسة الجامعة الواحدة الرسولية نفسها بطريقة تنسجم مع الأوضاع الإدارية والمدنية للإمبراطورية الرومانية، وهو نظام الأسقفية. حيث كان الأساقفة في القطر الواحد يخضعون لأسقف العاصمة، والذي كان يرسم كل أساقفة القطر، دون استثناء، الذين ينتمون للمناطق التابعة لسلطته.
منذ منتصف القرن الثالث الميلادي كان أسقف الإسكندرية يحمل إلى جانب لقبه الأسقفي بألقابًا أخرى، مثل: الراعي والسيد و«بابا» (Παππας أو Παπας باليونانية، وبصيغة المنادى Παππα باليونانية، "بابا" بالعربية)، أي «أبو النساك»؛ لأن في ذلك العصر بدأت تشتد حركة التيار النسكي إلى حد كبير في مصر. وكان أول مَنْ حمل لقب «بابا» من باباوات الإسكندرية متفق عليه هو «Ηρακλάς» (إيراكلاس أو هيراكلاس أو هيراكليوس) (232-248م)، تلميذ أوريجانوس، والذي عُرف كمدير لمدرسة الإسكندرية الإكليريكية الشهيرة. ويظهر هذا من رسالة لأسقف روما ديونيسيوس (259-268م) أرسلها إلى فيليمون (القسيس الروماني) كتب له فيها:
»τοῦτον ἐγὼ τὸν κανόνα καὶ τὸν τύπον παρὰ τοῦ μακαρίου πάπα ἡμῶν Ἡρακλᾶ παρέλαβον.«
التي ترجمتها العربية «لقد تلقيت هذه القاعدة والمرسوم من المبارك بابانا هيراكليوس». (البابا إيراكلياس، أو هيراكلياس 232-248م)
أما أسقف الكرسي الروماني، روما القديمة، فأول ذِكر للقب «بابا» له جاء في رسالة كتبها بطرس الثالث (476-488م) البطريرك الأنطاكي غير الخلقيدوني- المعروف باسم بطرس القصار- إلى رئيس أساقفة إكيليا «وأن لقب الحبرين الروماني والإسكندري هو بابا».
في مطلع القرن الرابع الميلادي تمتع بابا الإسكندرية بعدة ألقاب أخرى مثل «أبونا المُطّوَّب»، "البابا المُطّوَّب»، «أبو الأباء وراعي الرعاة»، «رئيس رؤساء الكهنة»، و«ثالث عشر الرسل القديسين»، و«بابا الإسكندرية وكل أرض مصر».
في المجمع المسكوني الأول 325م وضع نظام «الميتروبوليتِيّة» (Μητρόπολη). وأصبحت عواصم الإمبراطورية الرومانية (روما والإسكندرية وانطاكية، أما القسطنطينية فلم تكن أُسست بعد) تحمل اسم «ميتروبوليتِيّة» (Μητρόπολη). وأسقفها يحمل لقب «متروبوليت» (Μητροπολίτης) أو «رئيس أساقفة» (Αρχιεπίσκοπος).
في المجمع المسكوني الثالث (431م) تقدم رجينيوس متروبوليت قبرص بطلب رسمي إلى المجمع يرجو به منح قبرص استقلالها عن كنيسة أنطاكية، فكان له ذلك. وحمل أسقفها لقب «متروبوليت» (رئيس أساقفة).
في منتصف القرن الخامس الميلادي، منحى المجمع المسكوني الرابع (451م) أسقفية أورشليم استقلالها عن سلطة القيصرية وأعطاها المرتبة الخامسة بين الكنائس الكبرى. وأصبحت هذه المدن الرئيسية في الإمبراطورية الرومانية بحسب ترتيبها الإداري والكنسي: «روما القديمة، مؤسسها بطرس الرسول. روما الجديدة، مؤسسها أندراوس الرسول. الإسكندرية، مؤسسها مرقص الرسول. أنطاكية، مؤسساها الرسولين بطرس وبولس. أورشليم (أم الكنائس)، مؤسسها الرب يسوع المسيح نفسه».
كما وضع المجمع المسكوني الرابع النظام البطريركي. وأصبحت هذه الكراسي الخمس الكبرى في الإمبراطورية الرومانية تحمل اسم «بطريركية» (Πατριαρχείου). وأصبح مقر كل كرسي من هذه الكراسي يُسمى «بطريركية» (Πατριαρχία)، بمعنى مقر «الرئاسة الآبائية»، أي مقر «رئيس الأباء». ومُنح رؤساء أساقفتها لقب «بطريرك» (Πατριάρχης). هذه الكلمة اليونانية « Πατριάρχης» تتكون من كلمتين هما: كلمة «Πατέρας» بمعنى أباء، وكلمة «άρχη» بمعنى رئيس. على ذلك فإن معنى هذه الكلمة اليونانية المركبة هو «رئيس الأباء». وأصبحت المدن الكبرى في البطريركيات تحمل اسم «ميتروبوليتِيّة» (Μητρόπολη)، وأسقفها يحمل اسم «متروبوليت» (Μητροπολίτης) أو «رئيس أساقفة» (Αρχιεπίσκοπος). وكان بطريرك أنطاكية قد اختص بهذا اللقب (البطريرك) قبل غيره، فقد جاء في رسالة كتبها بطرس الثالث الأنطاكي- المعروف باسم بطرس القصار- إلى رئيس أساقفة إكيليا: «إن البطريرك الأنطاكي وحده اختص منذ القدم باللقب بطريرك وأن البطاركة الآخرين لقبوا بهذا اللقب جوازًا لا وجوبًا». إن لقب «بطريرك» أول مَن أطلق عليه هم رؤساء عشائر اليهود.
كما أعطي المجمع المسكوني الرابع التقدم لروما الجديدة (القسطنطينية) بعد روما القديمة (مدينة روما) لأنها مقر إمبراطور الشرق. وأقر بالمساواة في الكرامة بين أسقفي روما القديمة (روما التاريخية) وروما الجديدة (القسطنطينية). بذلك رُتبت الأولوية بين الخمس الكنائس الكبرى بحسب الأهمية الإدارية لكل منها في الإمبراطورية الرومانية الواحدة؛ لأن المدن الرئيسية لهذه الكنائس كانت المراكز الكبرى الإدارية والروحية للإمبراطورية. وكان لكل كرسي من هذه الكراسي سلطته على أقطار معلومة تسودها جميعها العقيدة الأرثوذكسية الواحدة.
ثبَّت هذا النظام، ترتيب البطريركيات، نهائيًا الإمبراطور يوستنيانوس الأول (527-565م) في تشريعاته الكنسية التي صدرت عام 529م. كما ثُبّت هذا التقدم في الأولوية بين البطريركيات على أنه تقدم بين أخوة وليس ترأُس.
وهو النظام الذي تأخذت به اليوم الكنيسة الرومية الأرثوذكسية (كنيسة الروم الأرثوذكس) في التقدم بين بطاركتها.
وهي بحسب ترتيبها الكنسي الآن:
1- بطريركية القسطنطينية
2- بطريركية الإسكندرية
3- بطريركية أنطاكية
4- بطريركية القدس
6- بطريركية صربيا
7- بطريركية جورجيا
8- بطريركية رومانيا
9- بطريركية بلغاريا