قصّة للأطفال : زهير دعيم
عادت ناي الصّبيّة الصّغيرة والمشيقة ، ابنة الأعوام العشرة من المدرسة ، والفرحة تُطلّ من عينيها، فألقت بحقيبتها برفق على الكنبة وتعلّقت بِعنق أمّها وهي تقول : " لقد فُزنا يا أمّي في المباراة النهائيّة في كرة السلّة على المدرسة المُنافسة وحصلنا على الكأس ، وقد تألقتُ وكان لي النصيب الكبير في الفوْز.
وشدّتها الأمّ الى صدرها بقوّة وقبّلت جبيبنها قائلةً : " لم أفاجأ يا صغيرتي ، فأنتِ بطلة في العلم والتحصيل والأخلاق والرياضة.
وراحت الأمّ تغوص في ذكريات الماضي، يوم قررت هي وزوجها أن يُشركا ناي؛ ابنتهما الوحيدة بدورة كرة السّلّة المُقامة في البلدة وتحت ارشاد مدرّب مشهود له.
وتغامز الأطفال يومها عليها ، وضحك بعضهم علانية وأشاروا اليها وكأنّهم يقولون : انظروا كم هي سمينة ، دُبّة ، أمثلُ هذه تصلح لممارسة الرّياضة وكرة السلّة ؟!!!
عادت ناي في مساء ذلك اليوم الى البيت والدّموع في عينيها وهي تقول لوالديها : " لا أريد أن أستمرّ في دورة كرة السلّة ، فالأولاد يسخرون منّي ويستهزئون بي لأنّي سمينة.
وحاول الوالدان اقناعها بأنّها ذكيّة وقويّة وجميلة ، وأنّك تستطيعين ان تكوني لاعبة ماهرة.
ولكنّها أصرّت على موقفها، ونامت تلك الليلة حزينة ومتضايقة.
وفي الصباح ومع زقزقة العصافيراستيقظت ناي ، وعلى غير عادتها رفضت ان تتناول مع الشاي أقراص البسكويت ، بل رفضت ان تصطحب الى المدرسة ساندويشًا كاملًا واكتفت بنصفِهِ، وابتسمت – والإصرار في عينيها – وهي تقول عند مغادرة البيت الى المدرسة : سأتحدّى ! ...نعم سأتحدّى.
وتبتسم الأمّ ابتسامة خفيفة حين تتذكّر تحدّي ناي منذ ذاك الصّباح ، فقد تحدّت الشهيّة والسُّمنة الزائدة وتحدّت الأطفال المستهزئين في دورة كرة السّلّة وانتصرت في الاثنتين، فأضحت لاعبةً بارعةً في كرة السّلّة ومشيقة .
واستفاقت الأم من شريط ذكرياتها على صوت ابنتها يقول : أمّي ، أمّي ألا تريْن انّك سمينة..
وضحكت ناي ،وضحكت الأمّ ضحكة صفراء باهتة.