تعرض لمحاولة اغتيال.. وكان أطول الأباطرة حكما.. وأنجب سبعة أبناء
كتب - نعيم يوسف
في تاريخ كل بلد، هناك شخصا ما ترك بصمة لا تمحى، سواء بالسلب أو بالإيجاب، وفي تاريخ اليابان، لا شك أن أكثر من فعل ذلك، هو الإمبراطور هيروهيتو، والذي يعد أكثر الأباطرة اليابانيين حكما، كما أن فترة حكمه شهد الكثير من الأحداث والأمور المثيرة.
تجهيز الطفل الإمبراطوري
بين جدران قصر "أوياما"، في العاصمة اليابانية طوكيو، وفي 29 أبريل، عام 1901، ولد الأمير الصغير "ميتشي"، لوالده الأمير يوشيهيتو الذي أصبح لاحقاً الإمبراطور تايشو، ووالدته الأميرة ساداكو والتي أصبحت لاحقاً الإمبراطورة تيميه، ولكن الطفل حديث الولادة، كان يتم تجهيزه ليكون إمبراطورا كبيرا، ولذلك -وفق التقاليد الإمبراطورية- تم إرساله في عمر شهرين، بعيدا عن والديه، لتتم تنشئته على يد أدميرال سابق هو كاوامورا سوميوشي، وعاد لوالديه بعد وفاة الأدميرال.
في طفولته، درس في مدرسة خاصة بين عامي 1914 و1921، وأُعلن ولياً للعرش الامبراطوري في عام 1916، وكان عمره وقتها نحو 15 عاما، وذلك بعد أن أصبح الوريث الشرعي بعد وفاة جده الإمبراطور ميجي.
بداية الحكم
بعد خمس سنوات، تسبب مرض والده، في أن يصبح "ميتشي"، أو "هيروهيتو"، وصيا على العرش، وبعد وفاة والده في عام 1926، أصبح إمبراطورا لليابان، وكان الشاب الحاكم الجديد الذي يبلغ من العمر 25 عاما، عليه مواجهة تحديات ومشاكل صعبة، أهمها الأزمات الاقتصادية التي تضرب بلاده، بالإضافة إلى التأثير المتزايد لقادة الجيش على مفاصل البلاد، بالإضافة إلى الخلافات مع الصين.
اليابان والصين
المشاكل المتفاقمة بين اليابان والصين، تسببت في احتلال الأولى للأخيرة، لتبدأ اليابان فصلا جديدا من التحديات، فبالإضافة للحرب الخارجية مع بكين، إلا أنه تم اغتيال رئيس الوزراء الياباني إينوكاي تسويوشي، في عام 1932، كما تعرض الإمبراطور نفسه، في نفس العام إلى محاولة اغتيال من ناشط كوري -حيث كانت كوريا تقع تحت الاحتلال الياباني، ويعاملونهم مثل العبيد- كما حدثت محاولة انقلاب عسكري عام 1936، أدت لمقتل عدد من مسئولي الحكومة وضباط الجيش، وبعدها بعام واحد، اندلعت حرب أخرى مع الصين، ويتهم الإمبراطور هيروهيتو بارتكاب العديد من الجرائم في حق الصينيين.
الحرب العالمية الثانية
لم تقف التحديات الخارجية في عهد "هيروهيتو"، عند هذا الحد، بل أقحم بلاده في الحرب العالمية الثانية عام 1940، عندما وقع على اتفاقاً مع ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية للتحالف فيما بينهم، وأرسل بعد ذلك قواته للسيطرة على الهند الصينية في نفس الشهر، وشنت القوات اليابانية هجومها المفاجئ عام 1941 على ميناء بيرل هاربر في هاواي لتدمر 18 سفينة من الاسطول الأمريكي وتقتل 2500 أمريكي، واستطاعت القوات اليابانية السيطرة على عدد من البلدان، منها الفلبين، وسنغافورة، وغينيا الجديدة، والهند الشرقية، حتى جاءت معركة "ميداوي"، مع الأسطول الأمريكي، والتي تفوق فيها الأخير، وبدأت اليابان تتجه للهزيمة.
الهزيمة.. وطلب الموت من الجنود
مع التقهقر والهزيمة، طلب الإمبراطور من جنوده الموت، وألا يقبض عليهم أحياء، ووعدهم بالخلود -حيث أنه يتمتع بصفات إلهية- ورغم الخسائر المتتالية، إلا أنه رفض الاستسلام، إلى أن قامت الولايات المتحدة بإسقاط قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناجازاكي في 6 و9 أغسطس من عام 1945، ليعلن بعدها الإمبراطور مضطرا، الاستسلام، وسمح الجنرال الأمريكي ماكارثر ببقاء هيروهيتو في الحياة السياسية اليابانية بعد الحرب شرط تنازله عن رتبة الامبراطور، وبعد إعلان الاستسلام بعام واحد، ألقى خطاباً ثانياً أعلن فيه تخليه عن الألوهية الإمبراطورية بعد أن تم تحميله مسؤولية الحرب.
احتلت للمرة الأولى والوحيدة في التاريخ من قبل دولة أجنبية لمدة سبعة سنوات. في ستينات وسبعينات القرن العشرين حصلت معجزة اقتصادية في اليابان بما يعرف باسم اقتصاد الفقاعة وكانت على وشك التغلب على الولايات المتحدة الأمريكية إلا أن هذه الطفرة تراجعت مرة أخرى.
حياته وأسرته
على المستوى الشخصي، تزوج من الأميرة ناغاكو كوني والتي كانت من أقربائه، في عام 1924، وأنجب منها سبعة أطفال هم: ساشيكو، كازوكو، أتسوكو، أكيهيتو وهو ابنه الذكر الأول، ماساهيتو وتاكاكو، وفي عام 1987 أصيب بالسرطان، بعدها بعام بدأت صحته بالتدهور وعانى من نزيف داخلي، ليلفظ أنفاسه الأخيرة في 7 يناير عام 1989 عن عمر 87 عاماً، وأقيمت له جنازة كبيرة حضرها العديد من قادة العالم حيث دُفن إلى جانب والده في المقبرة الإمبراطورية، وتم تنصيب ابنه آكيهيتو كإمبراطور للبلاد.